التطبيع مع إسرائيل: لماذا لم يكن التطبيع بين المغرب وإسرائيل مفاجئا؟

صدر الصورة، GETTY IMAGES / EPA

التعليق على الصورة،

ملك المغرب محمد السادس (إلى اليسار) ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو

أصبح المغرب أحدث دولة في جامعة الدول العربية توافق على تطبيع العلاقات مع إسرائيل بوساطة أمريكية.

وكجزء من الاتفاق، وافقت الولايات المتحدة على الإعتراف بسيادة المغرب على منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها. وهي الخطوة التي يقول عنها بورزو داراغي، الزميل في برامج الشرق الأوسط في مركز أبحاث أتلانتيك كاونسيل، إنها قد تؤدي إلى توتر العلاقات بين واشنطن والجزائر التي تدعم جبهة البوليساريو.

تعرف على قضية الصحراء الغربية التي أثارت "أزمة" بين السعودية والمغرب

مدونون بعد اتفاق المغرب وإسرائيل: 'هل أصبحت الصحراء مقابل القدس؟'

ويذكر أن الصحراء الغربية موضوع نزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر والتي تسعى إلى إقامة دولة مستقلة.

تخطى مواضيع قد تهمك وواصل القراءة
مواضيع قد تهمك
  • نفتالي بينيت يقوم بأول زيارة رسمية إلى البحرين
  • كيف يرى المواطن العربي خطوات التطبيع مع إسرائيل؟
  • التطبيع: الرئيس الإسرائيلي هيرتسوغ يؤكد دعم بلاده لاحتياجات الإمارات الأمنية في زيارته الأولى للبلاد
  • لماذا تستضيف الجزائر حوار الفصائل الفلسطينية، وما فرص نجاحه؟

مواضيع قد تهمك نهاية

والمغرب هو رابع دولة تعقد مثل هذا الاتفاق مع إسرائيل منذ أغسطس/آب الماضي حيث سبقها كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان.

وإلى جانب مصر والأردن، أصبح المغرب سادس دولة عضو في جامعة الدول العربية تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة،

تم مؤخرا إبرام اتفاقيات مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان

ويشمل الاتفاق إعادة فتح مكاتب الاتصال في تل أبيب والرباط والتي أغلقت في عام 2000 إثر تراجع العلاقات بعد إندلاع الانتفاضة الفلسطينية، وفتح سفارات في نهاية المطاف.

وقال مسؤولون إن المغرب سيسمح برحلات جوية مباشرة من وإلى إسرائيل لجميع الإسرائيليين.

تعاون استخباراتي

وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إنه وراء الإعلان الأخير عن إقامة أول علاقات دبلوماسية رسمية بين إسرائيل والمغرب يكمن ما يقرب من 6 عقود من التعاون الوثيق والسري في المسائل الاستخباراتية والعسكرية بين دولتين لم تعترفا رسميا ببعضهما البعض.

ما الذي نعرفه عن اتفاق تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل؟

وأضافت الصحيفة أن العلاقة المغربية الإسرائيلية ترجع جزئيا للعدد الكبير من اليهود في المغرب، فكثير منهم كان يهاجر إلى هناك. وتشير بعض التقديرات لوجود حوالي مليون إسرائيلي ينحدرون من أصول مغربية.

وقالت نيويورك تايمز إن الموساد الإسرائيلي ساعد السلطات المغربية في اختطاف المعارض المغربي المهدي بن بركة في العاصمة الفرنسية باريس. وتضيف الصحيفة قائلة إنه في المقابل سمح الملك بهجرة اليهود.

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني

ومضت الصحيفة تقول إنه في أواخر السبعينيات أصبح الملك الحسن وحكومته القناة الخلفية بين إسرائيل ومصر وأصبح المغرب موقعا للقاءات سرية بين مسؤوليهما وذلك قبل إبرام اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 وتطبيع العلاقات بين الأعداء السابقين، ومن جانبها ساعدت إسرائيل لاحقا في إقناع الولايات المتحدة بتقديم المساعدة العسكرية للمغرب.

وقالت الصحيفة إنه في عام 1995 انضمت المخابرات المغربية إلى خطة الموساد الفاشلة لتجنيد سكرتير زعيم القاعدة أسامة بن لادن لتحديد موقعه وقتله، وفقا لما ذكره مسؤول سابق في الموساد، طلب عدم ذكر اسمه.

"ليس مفاجئا"

وتقول كارميل آربيت الزميلة في برنامج الشرق الأوسط في معهد مجلس الأطلسي: "إن هذا الإعلان ليس مفاجئاً حيث كان المغرب أحد مراكز الحياة اليهودية في المنطقة، كما عين العاهل المغربي مستشارين يهود كبارا في حكومته".

وأضافت قائلة: "كما أنه تم مؤخرا دمج التاريخ اليهودي المغربي في المناهج الدراسية، وهناك بالفعل أكثر من 30 مليون دولار قيمة التجارة السنوية بين البلدين، ويسافر عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى المغرب سنويا".

وتقول صحيفة تايمز أوف إسرائيل الإسرائيلية إنه على عكس شركاء السلام الآخرين القدامى والجدد لإسرائيل فإن المغرب لديه صلة مستمرة بإسرائيل وسوف يسارع العديد من الإسرائيليين إلى رحلة مباشرة إلى المغرب.

صدر الصورة، RICHARD T. NOWITZ

التعليق على الصورة،

كنيس روبن بن سعدون في مدينة فاس

فعلى عكس مصر والأردن، اللتين وقعتا معاهدات سلام مع إسرائيل منذ عقود، وعلى عكس الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان، وهي الدول العربية التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل هذا العام، فإن لدى المغرب وإسرائيل علاقة يهودية قديمة وعميقة، والجالية اليهودية المغربية رغم صغر حجمها مزدهرة.

ما الذي يميز اتفاق التطبيع بين المغرب وإسرائيل؟

وتقول صحيفة تايمز أوف إسرائيل إن أصول يهود المغرب تعود إلى 2000 عام "بعد تدمير الهيكل الثاني والنفي".

في أوائل الأربعينيات من القرن الماضي قاوم السلطان محمد الخامس الضغط النازي لترحيل اليهود المغاربة.

وتضاءل عدد اليهود في المغرب مع قيام دولة إسرائيل، ولم يبق اليوم سوى عدد محدود يتراوح بين ألفين إلى 3 آلاف يهودي، لكن مئات الآلاف من الإسرائيليين تعود أصولهم إلى المغرب.

وقدر مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر مؤخرا هذا الرقم بـ "أكثر من مليون".

صدر الصورة، ABDELHAK SENNA

التعليق على الصورة،

مصلون يهود في مراكش

وأصبح حفل الميمونة، الذي يجرى الاحتفال به بشكل تقليدي في المجتمع الإسرائيلي بعد انتهاء عيد الفصح، عنصرا أساسيا في التقويم الثقافي الإسرائيلي حيث يقوم عدد لا يحصى من الناس بالشواء في الحدائق ويهرع السياسيون إلى أكبر عدد ممكن من احتفالات الميمونة حيث يتناولون المافلتوت وغيرها من الأطباق اليهودية المغربية الشهية.

اتفاقات أوسلو وما بعدها

في حين أن السياح الإسرائيليين لم يشرعوا في اكتشاف الخليج إلا مؤخرا جدا، إلا أنهم يتدفقون إلى الرباط ومراكش والدار البيضاء وطنجة وفاس عبر بلد ثالث منذ سنوات عديدة.

وبمجرد إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وفتح خطوط جوية مباشرة يمكن توقع زيادة الأعداد بشكل كبير.

وفي أعقاب اتفاقيات أوسلو عام 1995 افتتح المغرب وإسرائيل "مكاتب اتصال" متبادلة، لكن تم إغلاقها بعد سنوات قليلة بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000.

وتقول صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية إنه لم يحرز تقدم يذكر منذ ذلك الحين وكانت الرباط ضد التطبيع علنا في 2013.

وتضيف الصحيفة قائلة إن كوشنر لعب دوراً أساسيا في دفع اتفاقات السلام وكان أيضا في قطر مؤخرا لمحاولة إنهاء أزمة في الخليج بين الرياض والدوحة.

التعليق على الصورة،

اتفاقات أوسلو

وفي منتصف سبتمبر/أيلول الماضي ، بردت الشائعات القائلة بأن المغرب سوف يقوم بتطبيع العلاقات مع التقارير التي تفيد بأن الرباط ستنتظر.

كما لم تتحقق أيضا الرحلات الجوية المباشرة التي لاحت في الأفق في سبتمبر/ أيلول الماضي.

وفي أعقاب اتفاقيات التطبيع مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، كان هناك الكثير من التكهنات بأنه ستتبعهما دول أخرى.

ويبدو أن السودان كان ينتظر دعم واشنطن لإزالته من قائمة الدول الراعية للإرهاب للإقدام على هذه الخطوة.

وتوقع الكثيرون أن تتخذ المملكة العربية السعودية خطوة نحو اتفاق سلام مع إسرائيل، لكن الانتخابات الأمريكية ربما غيرت تلك الحسابات، بحسب صحيفة جيروزاليم بوست.

الإعلان وردود أفعال

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن الخميس أن المغرب أصبح أحدث دولة عربية توافق على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وقال ترامب في تغريدة على تويتر "إنجاز تاريخي آخر فقد اتفق اثنان من أكبر أصدقائنا إسرائيل والمغرب على علاقات دبلوماسية كاملة".

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

ترامب وكوشنر

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

تابوهات المراهقة، من تقديم كريمة كواح و إعداد ميس باقي.

الحلقات

البودكاست نهاية

وفي تصريح لوسائل الإعلام عقب الاتفاق، أكد كوشنر أن "مكاتب الاتصال الخاصة بها في الرباط وتل أبيب ستفتتح على الفور بنية فتح سفارات. كما ستشجع التعاون الاقتصادي بين الشركات الإسرائيلية والمغربية".

وقال كوشنر: "اليوم، حققت الإدارة إنجازا تاريخيا آخر. فقد توسط الرئيس ترامب في اتفاق سلام بين المغرب وإسرائيل - وهو الاتفاق الرابع من نوعه بين إسرائيل ودولة عربية / إسلامية في أربعة أشهر".

وأضاف كوشنر قائلا: "بهذه الخطوة التاريخية، يعمق المغرب علاقته الطويلة الأمد مع الجالية اليهودية المغربية التي تعيش في المغرب وفي جميع أنحاء العالم بما في ذلك في إسرائيل. وهذه خطوة مهمة إلى الأمام لشعبي إسرائيل والمغرب".

ومن جهته، أكد الديوان الملكي المغربي أن ترامب أبلغ الملك المغربي محمد السادس باعتراف الولايات المتحدة لأول مرة بالسيادة المغربية على الصحراء.

خمسة أسباب توضح أهمية تطبيع علاقات إسرائيل مع الإمارات والبحرين

هل يشعل التطبيع مع إسرائيل سباقاً للتسلح؟

وأضاف الديوان الملكي المغربي أن واشنطن قررت فتح قنصلية في مدينة الداخلة لتشجيع الاستثمارات والتنمية.

وقال بيان الديوان الملكي المغربي: "إن المغرب لعب دوراً تاريخيا في التقريب بين شعوب المنطقة ودعم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وهناك روابط خاصة تربط جلالة الملك شخصيا بالجاليات اليهودية من أصل مغربي، بما في ذلك في إسرائيل".

ومن جانبه، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالاتفاق "التاريخي". وفي خطاب متلفز، شكر نتنياهو ملك المغرب وقال إن شعبي إسرائيل والمغرب تربطهما "علاقة حميمة في العصر الحديث".

وأضاف قائلا: "إن بلاده ستبدأ بإنشاء مكاتب اتصال مع المغرب كخطوة أولى لعملية التطبيع".

وفي غضون ذلك، أصدرت مصر والإمارات والبحرين بيانات ترحيب بالاتفاق بين المغرب وإسرائيل.

وبذلك يصبح المغرب رابع دولة عربية، منذ أغسطس/ آب الماضي، توقع اتفاق تطبيع للعلاقات مع إسرائيل، بعد الإمارات والبحرين والسودان.

الموقف الفلسطيني

وندد مسؤولون فلسطينيون بالاتفاق قائلين إنه يشجع على إنكار إسرائيل لحقوقهم. وينتقد الفلسطينيون اتفاقات التطبيع، قائلين إن الدول العربية تراجعت عن قضية السلام بالتخلي عن المطلب الرئيسي وهو الأرض مقابل الاعتراف بإسرائيل.

ويقول جوناثان فريتزغر الزميل في برنامج الشرق الأوسط في معهد أتلانتيك كاونسيل: "أظهر قرار المغرب بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ورفع مستواها أن كابوس رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لم ينته بانتخاب جو بايدن".

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

محمود عباس

وأضاف قائلا: "حتى في عهد بايدن تبدو آمال الفلسطينيين ضئيلة في الحصول على ما يريدون، ففي حين أن الرئيس المنتخب قد يعيد مئات الملايين من أموال المساعدات التي قطعها ترامب ويسمح للفلسطينيين بإعادة فتح مكتبهم التمثيلي المغلق في واشنطن فإن السفارة الأمريكية التي تم نقلها من تل أبيب إلى القدس ستبقى، كما أنه ولخيبة أمل الفلسطينيين أشاد بايدن باستعداد الدول العربية للتصالح مع إسرائيل ويشجعه بالتأكيد وهذا هو الاتجاه عندما يتولى زمام سياسة الشرق الأوسط في واشنطن الشهر المقبل".

"لا اتفاقات أخرى قريبا"

ومن جانبه يستبعد مارك كاتز الزميل في معهد أتلانتيك كاونسيل إمكانية إبرام أي اتفاقات تطبيع أخرى قريبا.

ما جدوى بقاء الجامعة العربية في ظل الانقسام الحاد بين أعضائها؟

إقامة علاقات خليجية مع إسرائيل بين "المقامرة" و "السلام الطموح"

هل يتسبب اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل في "أزمة" لمصر؟

وأوضح قائلا: "كما كان متوقعاً في سبتمبر/أيلول الماضي تم الآن توقيع اتفاقية تطبيع بين المغرب وإسرائيل، ولكن قد لا يكون هناك الكثير من مثل هذه الاتفاقات في المستقبل القريب فالحكومات المتأثرة بشدة بنفوذ إيران لن تطبع العلاقات مع إسرائيل، ولن تفعل الجزائر ذلك بالتأكيد الآن بعد أن انحازت إدارة ترامب إلى جانب المغرب في ملف الصحراء الصحراء الغربية".

وتابع قائلا: "كما أن مثل هذه الخطوة ستكون صعبة أيضا على تونس والكويت اللتين تخضعان لقيود الرأي العام أكثر من الحكومات العربية الأخرى، وقد أعلن الملك سلمان أنه يعارض مثل هذه الخطوة، وأشارت قطر إلى أنها لن تبرم مثل هذا الاتفاق أيضا، ويبدو أن عمان هي الاحتمال الأكثر ترجيحا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل لكنها قد تكون راضية عن الوضع الراهن القائم على التعاون الهادئ مع إسرائيل".