تنامي عنف العصابات.. هل يهدد السلم المجتمعي بالخرطوم ؟


 

عاشت ضاحية الكدرو شمال الخرطم بحري، قبل أيام على وقع انقلات أمني بين عصابات النيقرز _ من دولة جنوب السودان _ ومواطنين، بدأت الأحداث بسرقة هاتف محمول وقتل شخص وانتهت بمصرع مواطن واصابة العشرات وإجلاء وحرق المساكن العشوائية للاجئين الجنوبيين جوار السكة حديد، وفي تطور لاحق ردت العصابات باقتحام المنازل وممارسات اعمال انتقامية في الاحياء قبل أن تصل الشرطة بعد مرور 3 ساعات من الأحداث.

الخرطوم : التغيير ـــ سارة تاج السر

استناداً إلى مصادر بالمنطقة فقد لقي محمد الجيلي، مصرعه في 6 مارس على يد مجموعة متفلتة من الجنوبيين، بعد سرقة هاتفه، وأوكِل الأمر للجهات القانونية لكي تباشر عملها في الكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة وما زال التحري جارياً حتي الآن، وفي 18 مارس هاجمت مجموعة من النيقرز (الجنوبيين) شارع 25 بأم القرى ومارسوا السلب والنهب على المارة من المواطنين، ما أسفر عن وفاة بن المنطقة خاطر جلي، وبعد مواراة الجثمان الثرى قام مواطني المنطقة بإجلاء وحرق المساكن العشوائية، التي يسكنها الجنوبيين والتي يعتبرها سكان الكدرو ، أكبر أوكاراً للجريمة خاصة وأنها تمتد على طول خط السكة حديد حيث تباع فيها الخمور وجميع انواع المخدرات ويتم فيها السلب والنهب والتعرض للمارة.

لجان مقاومة الكدرو

وقالت لجان مقاومة الكدرو: إن ما حدث في منطقة الكدر، تطهير لبؤر الجرائم وليس كما تداولته “الميديا” من أخبار كاذبة أُريد بها تضليل المواطن وتدليس الحقائق ونشر الفتن، و أكدت أن ما قام به المواطنين هناك هو من صميم عمل الشرطة ، و نفي بيان اللجان الذي أطلعت عليه (التغيير) عدم وجود قتال قبلي أو انفلات أمني، أو استنفار كما تردد، وحث الجهات الأمنية على الاسراع في الوصول للجناة في أقرب وقت، وتقنين الوجود الأجنبي بالبلاد وازالة اوكار الجريمة وكافة التشوهات العشوائية.

أحمد سيف الدين بكري، أحد مواطني المنطقة قال لـ (التغيير) إن احداث الكدرو جرت في ظل غياب كامل للشرطة التي وصلت المنطقة بعد مرور 3 ساعات، ولفت إلى أن ما ساعد على وقوع جرائم السلب والنهب هو احساس بعض المتفلتين بعدم وجود سلطة رادعة ما دفع أهل القتيلين ومناصريهم من أهل المنطقة إلى حرق كل منازل من ظنوا أن لهم يد فيما حدث.

تراخي أم عجز

سلب الهواتف النقالة والحقائب اليدوية أصبح ليس بالأمر الغريب في العاصمة حيث تتصدر قصص اخبار تسعة طويلة والنيقرز المسلحين بالسواطير و الأسلحة البيضاء، المشهد في ظل السيولة الأمنية التي تشهدها الخرطوم ما حدا بالمواطنين إلى الدفاع عن أنفسهم مع عجز السلطات الأمنية أو تراخيها في فرض سيطرتها كما جري في الكدرو، و الكلاكلة  و أم بدة .

أحداث الكدرو

وتأتي السيولة الأمنية الراهنة على وقع التدهور الاقتصادي والوضع المعيشي بالبلاد وما صاحبه من ارتفاع نسبة البطالة، وعزا الخبير الأمني اللواء عبد الهادي عبد الباسط، تصاعد وتيرة الانفلاتات الأمنية بالعاصمة إلى اضعاف جهاز الأمن والمخابرات من ادواته الأمنية المتمثلة في هيئة العمليات،  و أشار في حديثه لـ (التغيير) إلى أن الاخيرة كانت تنفذ عمليات أطواف ليلية تبدأ من التاسعة ليلاً إلى أذان الفجر وتتطلع على الظاهر السالبة وتتعامل معها. وواصل: “بعد حل الهيئة فشلت الشرطة في تغطية المساحات التي تركها جهاز الأمن، كما تم اضعاف الشرطة نفسها منذ أيام حكومة حمدوك الأولي بكشوفات المعاشات العشوائية وتحجيم شركاتها علاوة على خطاب الكراهية الممارس ضدها و الافراج عن 1500 من عتاة المجرمين المحكومين في قضايا جنائية بحجة تفشي فايروس كورونا”.

تهديد السلم المجتمعي

سلسلة الجرائم المتزايدة التي تنفذها بعض عصابات رعايا دول الجوار تفاقم القلق بشأن تهديد الأمن المجتمعي والمخاطر العرقية والاجتماعية، و أكد اللواء مهندس ركن أمين إسماعيل محجوب ، خبير دراسات الأزمات والتفاوض  بمركز الدراسات القومية الخرطوم، إن السودان يعاني من سيولة أمنية، و المقصود منها غياب جزئي للقوات الأمنية بجانب ظهور شبه كامل للعناصر الأجرامية في المدن والعواصم الطرفية حيث ظهرت عصابات تغطي هذه الفجوة الأمنية الموجودة وهي تتمثل في النازحين الذين يأتون بمشاكل نفسية بسبب الصراع في مناطقهم ومجموعات اللاجئين من دول الجوار الذين وصلوا السودان بعد ظهور الصراعات في دولهم، وأشار إلى أنهم يقطنون في أطراف القرى و الأحياء إلى جانب عصابات الأسر الذين اتجهوا لتشكيل عصابات رفضا للمجتمع وتمرداً على القيم التي لم تتيح لهم تحقيق أحلامهم في ظل ارتفاع نسب البطالة وعدم وجود فرص توظيف و أشار إلى أنهم تخصصوا في سرقة السيارات واجزائها .

وذكر محجوب لـ (التغيير) بأن هذه النماذج الثلاثة ظهرت بطريقة تدعو إلى العنصرية حيث يتم وسم الجناة الذين يتم القبض عليهم على خلفية سرقة أو خطف أو سطو منزلي بأنه ينتمي إلى العنصر المعين وذلك كما حدث في الكدرو حيث تحركت مجموعات بالأسلحة البيضاء، و أعتدت على المواطنين وحاولت النهب وكانت النتيجة مقتل شخصين من أبناء المنطقة و أشار إلى أن الجميع تعامل مع الحادثة بعقلية القطيع و أنطلقت أعمال انتقامية عدائية بحرق المنازل و إخراج الأسر الجنوبية من المنطقة في المناطق المجاورة لـ (الكدرو) مثل طيبة الأحامدة والمحاذية لها جنوباً وشمالاً.

فوضي خلاقة

و أعتبر اللواء محجوب أن خطاب الكراهية والتحريض على العنف أصبحا هما سيدا الموقف وارتفعت حدة خطاب الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي و في تجمعات الأحياء علاوة على التحريض على العنف والتسليح، و حذر من الاتجاه لما يعرف بالفوضي الخلاقة التي يعقبها صراع مسلح ثم حرب أهلية و أشار إلى أن هذه المراحل الثلاثة التي تمضي إليها البلاد حالياً إذا لم تقوم الدولة بواجبها وقال: “الأصل في الدول التي لها خطط استراتيجية ، أمنية، أن يكون الأمن مسؤوليتها فهي التي تكتشف النوايا وتتنبأ بالازمات وتديرها وتتلقي البلاغات وتعمل على بسط الأمن” ، و أضاف : “نحن أمام تحديات نوعية خلال الفترة الانتقالية تتمثل في الصراع السياسي، وجود حركات مسلحة موقعة و أخرى غير موقعة ومشاكل معيشية و أجور غير كافية”، لافتاً إلى أن بعض هذه المجموعات تمتلك أسلحة ومركبات عسكرية وتتوزع في مجموعات وترتكب جرائم بالزي الرسمي أو جرائم فردية وبعضها يستخدام الدراجات البخارية.

 

تاريخ الخبر: 2022-03-28 15:21:57
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

محسن حسن لـ dmc: حل أزمة نقص الدواء خلال الأسابيع القليلة المقبلة

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 09:21:18
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 51%

سعر الجنيه الإسترليني في البنوك اليوم الثلاثاء 30-4-2024 - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 09:21:07
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية