تبنى سيرغي شويغو، الذي تولى قيادة وزارة الدفاع الروسية عام 2012، استراتيجية تحديث وتنويع قدرات روسيا العسكرية والارتقاء بها إلى روح العصر، وذلك من خلال دمج التقنية العالية وتشكيل قيادة سيبرانية داخل أروقة وزارة الدفاع من أجل إدارة حروب روسيا في أبعاد أخرى عبر "جيش الأشباح" المتخفي خلف أجهزة الحاسوب، والموكل إليه مهمة السيطرة على شبكة الإنترنت العالمية.

ومنذ بدء الهجوم الروسي على الأراضي الاوكرانية قبل أكثر من شهر، اكتفت موسكو حتى الآن، بالهجمات البرية والجوية المباشرة، لكن إطالة عمر الحرب يمكن أن يحول أوكرانيا وشبكة الإنترنت العالمية إلى ساحة صراع سيبرانية تشل مواقع الإنترنت وتمتد نحو أوروبا والولايات المتحدة عبر هجمات إلكترونية مدمرة.

وحسب تقرير حديث نشرته فورين بوليسي تحت عنوان "روسيا تستعد لهجمات إلكترونية مدمرة"، فإن الهجمات الإلكترونية التخريبية التي تستعد روسيا من خلالها لاستهداف قطاعات الطاقة والمالية من شأنها أن تتسبب بمزيد من الألم لإدارة بايدن. والتي يتوقع أن تكون رداً روسياً على العقوبات الشديدة التي فرضتها واشنطن على الكرملين بسبب غزوه لأوكرانيا.

تحذيرات أمريكية

على وقع قرعات لوحات المفاتيح التي تدوي في روسيا، حذر مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) الأمريكي 5 شركات طاقة أمريكية، منتصف مارس/آذار الجاري، من أن أجهزة الكمبيوتر التي تستخدم عناوين الإنترنت الروسية كانت تفحص شبكاتها، وهو ما اعتبروه مقدمة محتملة لهجمات إلكترونية أكبر وأوسع.

فيما حذر مسؤولون رفيعو المستوى داخل هيئة الأمن السيبراني الأمريكي من أن روسيا تتطلع إلى شن هجمات رقمية مدمرة، بدلاً من إجراء تجسس روتيني.

من جانبه أشار نيك بياسيني، رئيس التواصل في شركة "سيسكو تالوس" للأمن السيبراني، إلى أن هدف الكرملين يتمثل في "إلحاق الألم بطريقة يمكنهم التراجع عنها"، ولفت إلى أن الهكر الروس سوف يذهبون إلى حيث يمكنهم إلحاق الضرر والتسبب في ألم حقيقي للشركات الأمريكية.

شركات الطاقة في مرمى النيران

لوحظت إشارات عامة إلى أن القراصنة الروس قد يضعون شركات الطاقة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مرمى هجماتهم الرقمية، وذلك من أجل إثارة الفوضى في سوق الطاقة غير المنضبط أصلاً منذ بدء الغزو الروسي.

وعلى الرغم من أن شركات الطاقة الأمريكية والأوروبية قد اختبرت مجموعة من السيناريوهات الإلكترونية الروسية المحتملة، إلا أن قدرة الكرملين القوية وتصميمه على إلحاق الضرر بالولايات المتحدة، فضلاً عن مساعيه الرامية إلى زيادة الضغط على العواصم الأوروبية في موضوع الطاقة وأسعارها، ستجعل من شبكات شركات الطاقة هدفاً سهلاً، حتى بالنسبة للشركات الأفضل دفاعاً.

فيما يرى الخبراء إنه كلما ارتفعت أسعار الطاقة، زادت صعوبة إبقاء الولايات المتحدة على العواصم الأوروبية المتوترة على التماشي مع العقوبات الساحقة على الروس. وأشار دميتري ألبيروفيتش، خبير الأمن السيبراني في (Silverado Policy Accelerator)، إلى أن الوقت مناسب جداً لروسيا، التي وصلت إلى حالة من الجمود على الأرض في أوكرانيا، لإعادة تركيز انتباهها على الغرب ومحاولة فصل الأوروبيين عن الولايات المتحدة، بغية التخفيف من حدة العقوبات.

العقوبات الغربية تسهل مهمة الكرملين

قال جافين وايلد، زميل غير مقيم في مؤسسة "أولويات الدفاع" وخبير في شؤون روسيا وحرب المعلومات: "إنه نوع من التناقض. فكلما كانت روسيا أكثر عزلة على المسرح العالمي، قلت القيود التي قد تشعر بها للعمل في الفضاء الإلكتروني".

وقال الخبراء إن روسيا تميل إلى طمس الخط الفاصل بين العصابات الإجرامية والمتسللين المدعومين من الحكومة، مما يجعل من الصعب تحديد ما سيأمر به الكرملين بالضبط.

ورداً على العقوبات والدعم الغربي لأوكرانيا، ستوفر الهجمات الإلكترونية وسيلة لاستفزاز الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى دون إثارة نزاع أوسع.

وروسيا، التي تضررت بالفعل من الصواريخ المضادة للدروع والطائرات التي سلمتها الولايات المتحدة وأوروبا في ساحة المعركة الأوكرانية، قد تطلق جيش الهكر لديها لإلحاق ضرر بالغ ومدمر بالشركات الأمريكية والأوروبية، ووضع الإدارة الأمريكية تحت ضغط هائل.

TRT عربي