افتتاحية الدار: هل يدشن فتح ملف صفقات وزارة الصحة مسلسل محاربة الفساد؟


الدار/ افتتاحية

البلاغ الذي أصدره الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء وأمر فيه بفتح بحث قضائي في صفقات قطاع الصحة يمثل لحظة فارقة في مسلسل مكافحة الفساد لم نشهد لها مثيلا منذ سنوات. إنه حدث يمكن أن يمثل تحولا جوهريا في مقاربة الحكومة والدولة بمؤسساتها الأمنية والقضائية نحو السرعة النهائية من أجل التّصدي لهذه الآفة التي تنخر الاقتصاد الوطني وتعطّل التنمية وتستنزف مقدّرات البلاد. الحديث هنا عن لحظة فارقة وتحول جوهري نابع بالأساس من السياق ومن الحجم الذي اتخذه هذا الملف بالضبط. عدد الأشخاص المتهمين الذين تمت إحالتهم ونوعية الاتهامات التي يواجهونها وكذا القيمة المالية للمخالفات التي سيتابعون بشأنها. كل هذه الاعتبارات تجعل من هذا الملف حدثا استثنائيا قد يكون له ما بعده.

تقديم 31 شخصا في ملف واحد أمام النيابة العامة والجمع بين موظفين عموميين وأشخاص ينتمون للقطاع الخاص رسالة قضائية واضحة مفادها أن الدولة لم تعد تقبل أن يتم التلاعب بالمال العام وبموارد البلاد من أي جهة كانت. كما أن مجهود البحث الأمني الذي قامت به الفرقة الوطنية للشرطة القضائية للإطاحة بهذه الشبكة المتهمة بالضلوع في المنسوب إليها يؤكد أن مؤسسات الدولة تريد أن ترسّخ سلطة القانون وسيادته فوق كل الاعتبارات التي كانت تسود في السابق وتفتح مساحات واسعة للتلاعب بالمال العام وإهداره والتربّح من المناصب والوظائف العمومية. لقد ولّى عهد التساهل بهذا الخصوص ولعلّ الحكومة الحالية تريد أن تبدأ من تطهير بعض مخلّفات الفساد والإهمال التي تركتها الحكومة السابقة وخصوصا تلك المتعلقة بتداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد.

ولعلّ هذا الإعلان عن توقيف هؤلاء الموظفين والأشخاص يفسر لنا قرارا سياسيا آخر كان مفاجئا عندما تم إعفاء وزير الصحة التي تم تعيينها في البداية على رأس القطاع وإعادة تعيين الوزير خالد آيت الطالب. لقد ظهر اليوم أن الملف القضائي الذي يتابع فيه هؤلاء كان بناء على شكاية سرية تقدم بها الوزير خالد آيت الطالب في ولايته السابقة. ومن هنا يتبين لنا أن الأمر لا يتعلّق فقط بملف عرضي أو عابر بل هو تعبير عن إرادة سياسية جديدة وراسخة للتصدّي لآفة الفساد الذي تقرّ الدولة والمجتمع معا بأنه أكبر عدو يواجه رهاناتنا الوطنية في الوقت الحالي. ومن الجلّي أيضا أن السياق يعتبر عاملا مهما في طرح هذا الملف بعينه وبهذا المستوى من التعميق في البحث والاتهام.

هذا ملف ترتّب عن ظرفية استثنائية مرّ بها العالم وعانى منها المغرب والمغاربة الكثير، بسبب الحجر الصحي والأزمة الصحية. لقد كلفت هذه الأزمة المغرب مليارات الدراهم وتمت تعبئة أرصدة مالية خرافية لمواجهتها سواء لتوفير الاحتياجات الطبية أو التعويضات الاجتماعية الناجمة عن توقف الأنشطة الاقتصادية والمهنية. ولم يكن لأي طرف كان سواء من الأفراد أو الهيئات أو المؤسسات أن يقبل استغلالا شنيعا لهذه الأزمة من أجل التربّح والاغتناء غير المشروع. صحيح أن الحكومة الحالية سحبت مشروع القانون المجرّم للاغتناء غير المشروع بما صاحب ذلك من جدل وانتقادات لكن فتح ملف بهذه الحساسية والضخامة في عهد حكومة عزيز أخنوش يحسب لها وقد يمثّل لبنة أولى في مسار مكافحة الفساد مواجهته.

وإذا كان قطاع الصحة الذي يعرف العديد من الاختلالات يحمل خصوصية معبّرة عن ظروف المرحلة فإن المعوّل عليه في المستقبل القريب هو أن تتخذ الجهات القضائية ذات الصلاحية كل ما يلزم لفتح كل ملفات الفساد التي يتم التحقيق فيها والتوصل بخصوصها إلى نتائج تخول لها توجيه الاتهامات ومحاسبة المسؤولين المتورطين.

تاريخ الخبر: 2022-04-03 21:23:56
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

تحديات الذكاء الإصطناعي.. وآليات التوجيه

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 18:25:37
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 56%

جلالة الملك يوجه خطابا إلى القمة الـ 15 لمنظمة التعاون الإسلامي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-04 18:25:03
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

فرنسا.. قتيل وجريح في حادث إطلاق نار في تولوز

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-04 18:25:08
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 61%

تحديات الذكاء الإصطناعي.. وآليات التوجيه

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 18:25:45
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 50%

سمرقند تستضيف قرعة كأس العالم لكرة القدم داخل القاعة يوم 26 ماي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-04 18:25:05
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية