الكثير منَّا يسمع عن صلاة البردين وفضل إقامتهما، لكن لا يعلم القصدُ منهما ولماذا حثَّنا النبي صلَّ الله عليه وسلَّم على أدائهما باستمرار في قوله: "من صلى البردين دخل الجنَّة"، وعن أيّ صلاتين تُسمَّى البردين وموعد إقامتهما.

حسبما ورد في أحاديث النبيّ صلَّ الله عليه وسلَّم؛ فإنَّ المقصود بصلاة البردين هما الفجر والعصر، وذلك لأنَّ كلاهما يأتيانِ في وقت أبرد ما يكون إحداهما عليه؛ فمثلاً صلاة الفجر تقع في وقت أبرد ما يكون به الليل، كذلك العصر يقع في وقت أبرد ما يكون به النهار، لذا جُمعَ الصلاتين وسُمِّيّ بـ"صلاة البردين".

حَثَّا النبي صلَّ الله عليه وسلَّم المسلمين على إقامتهما في موعدهما لِما لهما من أجرٍ كبير ومكانٍ رفيع عند الله عزّ وجلّ، فقال النبيّ: "أنهمها سببًا في دخول العبد جنَّة ربّه"، شريطة على أن يحافظ المسلم على هاتين وأن يُصلّيهما في جماعة حتى ينال فضلهما وثوابهما الأعظم.

أدلّة على فضل صلاة البردين سبب في دخول المسلم الجنة. 

هناك الكثير من الأحاديث الصحيحة التي تدل على فضل صلاة البردين وسببهما في دخول العبد الجنَّة إذا حافظ عليهما، ومنها:

- قول النبيّ عليه أفضل الصلاة والسلام: "لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" (من صحيح مسلم)، وهذا دليل على نجاة المسلم من النار والعياذ بالله.

- قول النبي الأعظم صلَّ الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "إنكم سترون ربّكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها" (من صحيح البخاري ومسلم)، وهذا دليل على أنَّهما سببٌ لرؤية الله عزّ وجل. 

- ورد في الحديث الشريف عن النبي صلَّ الله عليه وسلم، إنَّه قال: "إنَّ لله ملائكة يتعاقبون فيكم، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم، وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون"، وهذا دليل على أنَّهما سببٌ للمغفرة، وكذلك تشهد الملائكة لمن يصليها. 

فضل صلاة الفجر

من فضائل قيام صلاة الفجر في جماعة، أنَّها تُعادل قيام ليلة كاملة، كما تكون نورًا على من يؤديها ويحافظ عليها، حيثُ أقسم الله عزَّ وجل بوقتها، ويكون مصلّيها في ذمته جلّ علاه.

كما بارك النبي صلَّ الله عليه وسلَّم بوقتها، وقال: "ركعتا الفجر تعادلان الدنيَّا وما فيها".

فضل صلاة العصر

صلاة العصر لها فضلٌ عظيمٌ وأفيض من الأجر الأعلى، حيثُ يأثم تاركها عمدًا، ومن يتعمّد تفويت وقتها فكأنَّما سُلب منه أهله وماله، فضلاً عن إحباط عمل تاركها عمدًا.

مقارنة بين الصلاتين

ذكرَ أهل العلم أنَّ صلاة العصر تُعتبر أفضل من الفجر كونها هي الصلاة الوسطى وخصَّها الله عزّ وجلّ في كتابه وأعمَّها على الصلوات الخمس بالمحافظة، لقوله تعالى: "حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى".

كما أنَّ صلاة الفجر أفضل هي الأخرى من صلاة العصر، كونها الصلاة المشهودة، لقوله تعالى: "إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً"، أيضًا كونها الصلاة الوحيدة التي تُختص بأذانها في القول "الصلاة خيرٌ من النوم".

وخلاصة ذلك، أنَّ صلاة الفجر وصلاة العصر كلاهما يتسابقا في الأجر والثواب الأعظم، وأنَّهما كبيران في الميزان يوم القيامة، لذا من حرص عليهما دجل الجنَّة لقول النبي صلَّ الله عليه وسلَّم.