تحدث الكاتب الراحل نبيل فاروق عن شخصية رجل المستحيل "أدهم صبري" في كتابه "رجل المستحيل وأنا" والذي صدرت الطبعة الأخيرة منه عبر دار دوِّن للنشر والتوزيع بالتزامن مع معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الماضية.

متى انطلقت أولى روايات نبيل فاروق؟

يحكي نبيل فاروق ويقول أن الشخصية ولدت في أعماقه إبان دراسته الجامعية، وقام بمحاولة للكتابة في العام الثالث في الجامعة وزار مؤسسات صحفية يعرض عليهم الأمر، وقابل أحد المسئولين لكنه رفض الفكرة تماما، وذكر سبب الرفض:" لأن الدراسات النفسية أكدت أن البطولة الفردية غير مقبولة وذات تأثير ضار على الصغار".

وفي العام الأخير من الكلية قابل نبيل فاروق، أحد رجال الأمن والذي نجح في إبهاره وجعل الفكرة عن رجل المستحيل تطفو للسطح مرة أخرى، ومن هذه اللحظة أطلق نبيل فاروق على رجل الأمن لقب"رجل المستحيل"، لكن الكتابة للفكرة في شكل رواية صغيرة للجيب لم تخطر بباله خلال تلك المرحلة.

أول محاولة لكتابة قصة خيال علمي

وتخرج نبيل فاروق واضطر لقضاء عام الامتياز كما في كليات الطب بقرية "ابو دياب شرق" بمحافظة قنا، وبدأ يقرأ بقوة في أوقات فراغه، وراح نبيل فاروق يضع اللبنات الأساسية لشخصية رجل خيال علمي، لكنه لم يكتب وإنما حفظ ملامح الشخصية وطورها واستقى معظمها من رجل الأمن الذي قابله قبل ذلك.

وفي عام 1984 افتتح نبيل فاروق عيادة مع صديقه الدكتور محمد حجازي، وهو الشخصية التي وضعها فاروق في سلسلة ملف المستقبل بنفس الاسم لطبيب شرعي، وفي أثناء ركوبه القطار وجد إعلانا في مجلة فحواه أن المؤسسة العربية الحديثة تطلب كاتبا لروايات الخيال العلمي، ولان العيادة لم تكن تستقبل جمهورا كبيرا من المرضى فقد كانت فرصة فاروق كبيرة لكي يخط تفاصيل اول رواية، لكنه لم يهم ويرسلها، وكان يعتقد أن هذه الأمور محسومة وأن المؤسسة لا ريب أنها اختارت الكاتب، فما كان من صديقه محمد حجازي إلا أن أخذ الرواية التي عثر عليها في درج المكتب وكتبها على الآلة الكاتبة على أمل أن يقدمها نبيل فاروق للمسابقة.

وتشاء الأقدار أن يزور نبيل فاروق صديق آخر هو أشرف صبحي وسمع قصة الرواية من محمد حجازي وإصرار نبيل على رفض تقديمها، فما كان من صبحي إلا أن حمل الرواية إلى الفجالة في مساء آخر أيام المسابقة.

يقول نبيل فاروق:" فوجئ أشرف بأنهم يغلقون المكتبة، واصابه الذعر، أن يعود معلنا فشله، فتشبث بالباب وأصر على تسليمها على الرغم من اعتراض العاملين، ولانه عنيد للغاية، اضطر العاملون للاتصال بحمدي مصطفى رئيس المؤسسة الذي طلب منهم استلام القصة".

خطاب لنبيل فاروق

وفي السابع من أغسطس فوجئ نبيل فاروق بخطاب من المؤسسة العربية الحديثة يدعوه للحضور وقرر السفر للمؤسسة في اليوم التالي، ووصل نبيل فاروق للمؤسسة العربية الحديثة ليفاجأ بأن حمدي مصطفى غير موجود فانتظره لثلاث ساعات كاملة يطالع كتب مصطفى محمود.

ووصل حمدي مصطفى واستقبل نبيل فاروق بحفاوة وجلسا يتحدثان عن سلسلة خيال علمي ومنح مصطفى لنبيل فاروق عربون مؤقت لحين توقيع العقود، وهو الأمر الذي جعل الأخير يقفز فرحا وهو يصرخ" ودعتي الفقر يا مرجانة".

هكذا ولدت شخصية رجل المستحيل

فكر نبيل فاروق في ذلك الوقت في سلسلة لرجل مخابرات مصري، وهاتف صديقه رجل الامن وقال له ان الشخصية مستوحاة منه، ويصف فاروق تلك اللحظة:" لم اكد أخبره أ،ا لفكرة مستوحاة من شخصيه حتى فوجئت به يرفضها على الفور، ويؤكد لي أن حياته عادية جدا، لم يفعل خلالها سوى ما يمليه عليه ضميره، وما يحتاج إليه وطنه، وأن هذا لا يستحق التسجيل أو التدوين، وزاد هذا من إصراري على كتابة الشخصية، ولعشر ساعات كاملة وحتى صلاةا لفجر رحت أبحث عن اسم جذاب للشخصية يحمل الحروف الاولى من اسمه وسمات تشابهه، ومع آذان الفجر كنت أخط امامي ذلك الاسم الذي تحمله الشخصية، أدهم صبري".

ولادة الاختفاء الغامض

كان نبيل فاروق قد سلم للمؤسسة العربية الحديثة ثلاث قصص من سلسلة ملف المستقبل، عندما قرن حلمه بيده وراح يخط أول تفاصيل سلسلة رجل المستحيل، وكانت بعنوان الاختفاء الغامض، وكتب نبيل فاروق وتعثر في البداية لكنه اكمل القصة لها، وهاتف نبيل فاروق رجل الامن وأرسل له القصة ليعده بقراءتها، وقابل حمدي مصطفى رئيس المؤسسة العربية الحديثة والذي وافق على نشر السلسلة، وانتظر فاروق اتصالا من رجل الأمن ليخبره أن ما قراه لا يمت لعالم المخابرات، يقول نبيل فاروق:" بعد ساعة واحدة من مكالمتي مع صديقي وأستاذي رجل الامن كنت أطير إليه وأجلس أمامه ليخبرني بالأسباب، التي جعلته يرفض وضع قصتي ضمن عالم أدب الجاسوسية والمخابرات.

وطوال خمس ساعات راح رجل الامن يشرح لنبيل فاروق خلفيات عن عمل المخابرات وأن المخابرات نادرا ما تستخدم الأيدي وإنما العقول وراح يشرح وبيل يستمع وطلب منه أن يقرا كثيرا في عالم المخابرات، وراح نبيل فاروق يشتري كتب المخابرات، وراح يذهب لرجل الأمن لينقح ويعيد في تفاصيل الشخصية، وتطور رجل المستحيل وولدت السلسلة التي جعلت نبيل فاروق واحدا من خبراء الجاسوسية في الوطن العربي.