قال موقع «أفريكان أرجيومنتس» إن الحوار الوطني الإثيوبي مات قبل أن يبدأ.
وبحسب مقال لـ «باتريك وايت»، يرى النقاد أن المحادثات المقترحة مجرد خدعة هزلية من جانب واحد، لأن أي حوار تمثيلي حقيقي سيهدد على الأرجح قبضة أبي أحمد على السلطة.
وأضاف: بعد مرور أكثر من عام على اندلاع حرب أهلية مستعرة، وافق البرلمان الإثيوبي في أواخر ديسمبر 2021 على إنشاء لجنة للحوار الوطني.
وتابع بقوله: من حيث المبدأ، ترى معظم الجماهير أن المحادثات هي الطريقة الوحيدة لرسم مستقبل أكثر ازدهارًا. لكن في نظر معارضي رئيس الوزراء أبي أحمد، هذه المبادرة هي حيلة أخرى هزلية لتوطيد السلطة.
وأردف: بالنسبة للكثيرين منهم، تتعلق القضية الرئيسية بمن تمّ إشراكهم في الحوار وكيف ستتم هيكلة العملية. وحتى الآن، كانت المحادثات المقترحة مسألة من طرف واحد يفتقر إلى الشرعية والشفافية والمصداقية.
لجنة الحوار
ومضى يقول: في 21 فبراير، على سبيل المثال، تم اختيار 11 شخصًا لتشكيل لجنة الحوار الوطني. وتم اختيارهم من قائمة مختصرة من 42 شخصًا ومن قائمة طويلة من 600 مرشح محتمل. لكن، بحسب الكاتب، ليس من الواضح من الذي تمت استشارته في هذه العملية أو المعايير التي تم استخدامها لاختيار هذه الشخصيات.
وأضاف: في حين أن المجموعة النهائية تضم ممثلين من مجتمعات مختلفة، بما في ذلك الأمهرة والتغراي والأورومو، فإنهم في الغالب يدعمون الحكومة الفيدرالية. أي شخص قد يتحدى أبي مستبعد.
وأردف: لذلك، يبدو أن الحوار الوطني، في شكله الحالي، لا يمكن إنقاذه. يراه الكثيرون على أنه مفاوضات داخل حزب الازدهار الحاكم، ولن تحل النقاشات السياسية المستعصية في البلاد، وعلى الأخص حول الدستور الفيدرالي لعام 1994 والرغبة بين العديد من التيغراي للانفصال.
ومضى يقول: في اجتماع لأكثر من 50 حزباً سياسياً مسجلاً في 10 فبراير، اتفق الجميع باستثناء 3 أحزاب هي حزب الازدهار، والحركة الوطنية للأمهرة، والمواطنون الإثيوبيون من أجل العدالة الاجتماعية، على أن الطريقة التي يتم بها تشكيل لجنة الحوار لا يمكن أن تقود للسلام في إثيوبيا.
مات قبل بدئه
وتابع: بالنظر إلى هذه الانتقادات، تدعو بعض الفئات إلى إلغاء العملية وتطالب ببدء عملية جديدة في وقت لاحق. وتختلف المشاعر تجاه الحوار الوطني بين المجموعات المختلفة وداخلها في إثيوبيا.
وأشار إلى أنه داخل مجتمع أمهرة، هناك درجة من الدعم لمحادثات أبي المقترحة، فضلاً عن جهوده الحربية ضد حكومة إقليم التيغراي.
وأضاف: مع ذلك، تم تحدي هذا الدعم مؤخرًا بقرار الحكومة الفيدرالية إطلاق سراح أعضاء المعارضة الرئيسيين من السجن، بما في ذلك سبهات نيغا، العضو المؤسس لجبهة تحرير شعب تيغراي.
ومضى يقول: بالنسبة لمعظم المواطنين اليتغراي، فإن الحوار الوطني قد مات قبل أن يبدأ. من الناحية العملية، ولم يتم تضمين أعضاء من هذه العرقية مع استمرار الحرب على الإقليم.
وأردف: لا تزال المنطقة معزولة عن الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والاتصالات والبنوك، في حين أن الحكومة الفيدرالية سمحت فقط بقطرات قليلة من المساعدات. إلى جانب الجبهة الشعبية لتحريري تيغراي، التي تقود الحكومة الإقليمية وتدعي تمثيل شعب الإقليم، هناك أيضًا أحزاب سياسية أخرى في المنطقة لها مطالبها واحتياجاتها الخاصة.
وتابع: من بين الأورومو، رفضت أحزاب المعارضة مثل مؤتمر أورومو الفيدرالي (OFC) وجبهة تحرير أورومو (OLF) عملية الحوار بشكلها الحالي. وأفرجت الحكومة مؤخرًا عن العديد من قادة مؤتمر أورومو المسجونين، لكنها لم تتعامل معهم بأي طريقة ملموسة. كما تم استبعاد قوى أخرى من عرقية الأورومو من المحادثات المقترحة، مثل حركة قيرو، وهي حركة الشباب التي دفعت آبي إلى السلطة قبل أن يخونها.
عملية الاختيار
وأردف: في المنطقة الصومالية، الرأي السائد هو أنه لم يتم استشارة المجتمع بشكل مناسب في عملية اختيار مفوضي الحوار. الشخص الوحيد الذي تم اختياره من هذه القائمة، محمود درير، كان يُنظر إليه على أنه الأقل مصداقية. رداً على الافتقار الملحوظ للتمثيل الجاد للمصالح الصومالية، أعلنت جبهة تحرير أوجادين الوطنية أن العملية لم تكن محايدة وتفتقر إلى الشفافية.
ولفت إلى أن العديد من المجتمعات من العديد من المناطق الأخرى تفتقر أيضًا إلى التمثيل. وفي الوقت نفسه، فإن المرأة ممثلة تمثيلا ناقصًا بشكل ملحوظ في هذه العملية.
وأضاف: لكي يكون تمثيليًا حقيقيًا، سيحتاج الحوار الوطني ليس فقط أن يشمل أحزاب المعارضة والقواعد الأخرى، ولكن أيضًا الجماعات المسلحة مثل الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وجيش تحرير أورومو. وتتمتع هذه المنظمات بنفوذ كبير على المستوى المحلي وتسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي. ومع ذلك، ولأن الحكومة الفيدرالية تواصل تصنيفها على أنها منظمات إرهابية، فقد رفضت التعامل معها دبلوماسياً.
مصالح متنافسة
وتابع: كما يجب أيضًا مراعاة المصالح المتنافسة للقوى الأجنبية. في حين أن أي حوار وطني يجب أن يكون مدفوعًا من قبل الإثيوبيين، لا يمكن ببساطة تجاهل المصالح الخارجية. إريتريا، على سبيل المثال، مشارك نشط في الحرب وقواتها مسؤولة عن العديد من الفظائع.
وأضاف: يبدو أن الحكومة الفيدرالية تستخدم الحوار الوطني كمحاولة لإضفاء الشرعية على إدارتها والمضي قدمًا في سياساتها. ويرى المنتقدون أيضًا أنها خطوة من جانب أبي لإرضاء المجتمع الدولي والحفاظ على السلطة في المركز.
واستطرد: يبدو أن الحوار مصمم لمعالجة الفجوة في الشرعية التي واجهها نظام أبي أحمد منذ بدء الحرب الأهلية في نوفمبر 2020 وبعد الانتخابات المعيبة في عام 2021. إنها سياسة لإعطاء الانطباع بأن الأمور تحت السيطرة.
عملية مستقلة
وأردف: تريد معظم أحزاب المعارضة عملية مستقلة تكون فيها الحكومة الفيدرالية عضوًا واحدًا في المحادثات، بدلاً من الهيئة التي تنشئها وتديرها. ومع ذلك، فإن قيام حوار وطني تمثيلي حقيقي من شأنه أن يهدد قبضة أبي على السلطة، هذا لأنه قد يؤدي إلى تنفيذ آليات المساءلة، أو حتى يؤدي إلى تشكيل حكومة انتقالية جديدة. على النقيض من ذلك، يجادل أبي وحزبه بأنهم يمثلون الحكومة المنتخبة في إثيوبيا، وسيستمرون في حكم البلاد بغض النظر عن نتيجة أي محادثات.
ومضى يقول: يجادل البعض بضرورة اتخاذ الاستعدادات لإجراء حوار، حيث لا يمكن المضي قدمًا حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار. من وجهة النظر هذه، لا يمكن إجراء محادثات حقيقية بينما تتواصل النزاعات المسلحة الكبرى وتنتشر أزمة إنسانية حادة. ويجادل آخرون بأن الحوار الوطني وعملية السلام منفصلان. ترى وجهة نظر ثالثة أن الحوار المقترح لا علاقة له بالسلام على الإطلاق، ولكنه يهدف ببساطة إلى كسب الوقت للاستعدادات العسكرية تحسباً لتفاقم الحرب الأهلية.
واختتم بقوله: ليس هناك شك في أن الحوار الوطني الشامل ضروري لاستعادة السلام في إثيوبيا. لكن بسبب الصراع وعدم رغبة الحكومة في متابعة عملية حقيقية، فإن الحوار مات قبل أن يبدأ.
