عزيزي القارئ، تحدثنا في المقال السابق عن كيف تتم قيادة للألحان في الكنيسة القبطية وتحدثنا عن الدورات الطقسية واليوم سوف نتعرف على من هم المشاركين فى هذه الدورات الطقسية في الكنيسة وماهي ملابسهم وماهي الألحان التي يرددونها في هذه الدورات.

o المشاركين فى الدورات الطقسية: حددت الكنيسة بدقة من الذى يجب أن يشارك فى هذه الدورات، فهناك دورات مثل دورة بخور البولس وتنقسم الى قسمين، داخل الهيكل والتى يشارك فيها الكاهن الخديم وأمامه بالتبادل يدور شماس خدمة المذبح، وخارج الهيكل والتى لا يشارك فيها سوى الكاهن الخديم فقط ،لكن أثنائها يرنم الشمامسة بعض الألحان مثل “طاى شورى” (فى الأعياد والآحاد وفي أيام السنة التي لا يكون فيها صوم) و”تى شورى” (فى أيام الصوم وسبوت وآحاد الصوم الكبير) و”إنثو تى تيشورى” (فى أيام الصوم الكبير وصوم أهل نينوى). كما أن هناك دورة الحمل والتى يشارك فيها الكاهن الخديم وشمامسة خدمة الهيكل والتى يبدأها الكاهن بلحن “أونيم اوطايو أو طايو نيم أو أأو” مجداً وإكراماً إكراماً ومجداً، ويرد عليه شمامسة الهيكل “بروس إفكساستى إيبرتون” صلوا من اجل هذه القرابين المقدسة الكريمة، ثم يرتل الشعب بفرح وتهليل “هلليلويا فاى بيه بى” “هذا هو اليوم الذى صنعه الرب”. أما دورة الساعة الثانية عشر من يوم الجمعة الكبيرة ودورات القيامة والخماسين المقدسة فيشارك فيها كل الكهنة والشمامسة.

o ترتيب المشاركين أثناء الدورات : يتم بدقة تحديد من الذى يتقدم الدورة ومن يتبعه ومن يكون فى مؤخرتها وماذا يحمل كل منهما. فعادة ما يتقدم دورة الساعة الثانية عشر من يوم الجمعة الكبيرة ودورات القيامة والخماسين المقدسة ودورتى عيدى الصليب رئيس الشمامسة حاملاً الصليب الكبير، يتبعه الشمامسة والأغنسطسيين والإبسلطسيين حاملين الشارات المناسبة للطقس والصلبان الصغيرة والشموع، ثم يتبعهم أحد كبار الشمامسة حاملا أيقونة المناسبة الطقسية معطياً ظهره لباقى الشمامسة ووجه للكاهن الذى يحمل المبخرة ليبخر أمام الأيقونة المناسبة للطقس ويتبعه أحد الشمامسة حاملاً درج البخور، ووجهه فى نفس إتجاه وجوه جميع الشمامسة حاملى الصلبان والشارات.

o ملابس المشاركين فى الدورات الطقسية: فهناك بعض الدورات التى تتم بالملابس الكهنوتية البيضاء، ويكون الشمامسة مرتدين التونية البيضاء والبطرشيل (الزي الذي يرتديه الشماس)، مثل دورات القيامة والخماسين، وهناك بعض الدورات التى تتم بالملابس الكهنوتية السوداء مع إرتداء البرنس• فوقها، ويكون الشمامسة غير مرتدين التونية البيضاء أوالبطرشيل مثل دورة خميس العهد ودورات ليلة الأبوغالمسيس الثلاثة. وهناك بعض الدورات التى تتم بالملابس الكهنوتية السوداء مع إرتداء البرنس فوقها، ويكون الشمامسة مرتدين التونية البيضاء أوالبطرشيل مثل دورة الجمعة العظيمة.

o مسار حركة الدورات :لكل دورة من الدورات السابقة مسار محدد يختلف بإختلاف الطقس الخاص بهذه الدورة، وإن كان أغلبها يبدأ دائماً من داخل الهيكل وينتهى الى داخل الهيكل، إلا أن بقية المسار يحدده نوع الدورة وعدد المشاركين فيها، فهناك دورات تبدأ وتنتهى داخل الهيكل، مثل دورة الحمل التى تتكون من دورة واحدة داخلية، وهناك الدورات التى تستمر الى خارجه مروراً بطرقات الكنيسة الطرفية أولاً وثانياً ثم ثالثاً بالطرقة الوسطى لتنتهى الدورة التى تستقر داخل الهيكل كما بدأت.

o الألحان التى يرددها المشاركون وغير المشاركين فى الدورة: لاتوجد دورة واحدة تتم فى طقوس العبادة بالكنيسة المصرية الأرثوذكسية دون ان يصاحبها ألحان، فالكنيسة المصرية بَنَت جميع طقوسها وعبادتها على التسبيح والألحان، فالألحان هى القاسم المشترك فى جميع الدورات. وعندما يصمت الكاهن والشماس الذين يخدمون المذبح فى دورة البخور، لأن كليهما يتلو صلواتٍ سرية، عندئذ يقوم خورس الشمامسة خارج الهيكل بتلاوة الألحان المناسبة للطقس، وهكذا لا يسكت التسبيح أبدا فى أى من هذه الدورات.

• تقسيم الدورات الطقسية فى الكنيسة القبطية:

والدورات الطقسية فى الكنيسة القبطية يمكن تقسيمها الى ثلاثة اقسام:

القسم الأول: دورات ضمن خدمة سر الافخاريستيا، مثل :

• دورات البخور: وهى عادةً ما تكون للكاهن فقط وحول الهيكل ثلاث مرات، وفى أثنائها يرتل الشمامسة الألحان المناسبة وهم وقوف (لا يشتركون فى الدورة إلا بالألحان مثل أرباع الناقوس والذكصولوجيات)، وفى مثل هذه الدورات تكون قيادة الألحان لمرتل الكنيسة، واقفا على رأس الخورس البحرى، معطياً إشارات بيده لتحديد بداية كل مقطع ونهايته، ولتحديد سرعة اللحن. وإذا كان المرتل يعزف على آلة الناقوس، فإن دقات الناقوس تكون هى المحدِّدة لسرعة اللحن، بينما الإيماءات التى يقوم بها المرتل برأسه، تكون هى المحددة لبداية كل مقطع ونهايته. ويقف مقابله الخورس القبلى يتناوب التسبيح معه تقابلياً “انتيفونالى”

• دورة الحـمـل : وهى للكاهن ومعه الشمامسة “المنوطين بخدمة الهيكل فقط” وهم يطوفون حول الهيكل مرة واحدة، وأوجههم للكاهن الذى يطوف معهم ووجهه للأمام فى اتجاه الدورة، بينما الشمامسة يسيرون للخلف وأوجههم للكاهن وهم يرتلون لحن “بروس فكساستى” “صلوا من أجل هذه القرابين”، وتكون قيادة اللحن هنا للشماس الذي يحمل القارورة، ليتسلم منه مرتل الكنيسة القيادة التى منها يبدأ لحن “هلليلويا فاى بيه بى” وهو واقف على رأس الخورس البحرى، معطياً إشارات بيده لتحديد بداية كل مقطع ونهايته، ولتحديد سرعة اللحن. ويقف مقابله الخورس القبلى مشتركاً معه فى ذات اللحن.

• دورة الانجيل : وهى تتم قبل قراءة الإنجيل وبعد “أوشية الإنجيل” (أوشية:كلمة اصلها يوناني معناها طلبة تشفعية) ويطوف فيها الكاهن مرة واحدة حول الهيكل ووجهه للشماس الأوحد الذى شاركه مردات “أوشية الإنجيل” والذى يطوف معه، وفى أثناء هذا الطواف يرتل المزمور باللحن المناسب (إما سنوى – او كيهكى – او سنجارى)، وتكون القيادة لمرتل الكنيسة لتحديد البدايات والنهايات لكل جملة من جمل المزمور الأربعة حيث كل مزمور يتكون من أربعة استيخونات، خاصة أنه قبل كل الجمل اللحنية لكل استيخون عادة ما يسبقها قراءة ريستاتيفية غير منغمة، يؤديها أحد الشمامسة الذين لهم المقدرة على الأداء الريستاتيفى الغير منغم. لذلك تتطلب القيادة هنا تركيزاً عالياً من المرتل “الذى يقوم بدور القائد” خاصةً فى اللحن السنجارى المركّب الممتلئ بالتغيرات الإيقاعية Rhythmic Modulation والمقاميةScale Modulation ، والذى يتميز بأنه يستحوذ على مساحات صوتية تهبط الى الطبقات الصوتية الخفيضة فى مستهل بدايته، وتتدرج الى المتوسطة فى الجزء الثانى الذي شيئا فشيئا يتصاعد الى العلو حيث النغمات الحادة، الى أن ينتهى بمجموعات من الزخارف اللحنية فى الكلمة “هلليلويا” التى تتكرر تعبيراً عن البهجة والتهليل وذلك لأنه يرتَّل فى الأعياد السيدية مثل أعياد الميلاد والغطاس وأحد الشعانين والقيامة.

عزيزي القاريء، سوف نستكمل هذا الحديث الشيق بالتعرض لموضوع الدورات الإحتفالية الكنسية، فإلى أن نلتقي في المقال الجديد اتركك في رعاية ملك الملوك ورب الأرباب.