الدراما الرمضانية المعادلة المؤثرة


أدرك صنَّاع الدراما الخليجية عمومًا، والسعودية خصوصًا أنَّ الدراما قوة ناعمة قادرة على فك شيفرة القضايا الشائكة، وتطور لافت في بنية الأحداث المتوالية، سواء في الداخل السعودي، أو عربيًا، وحتى عالميًا، لتكون الدراما السعودية مواكبة لكل القضايا المحيطة بنا، وذلك بحذف خانة (المسكوت عنه) من المحظور مناقشته، لتصبح جميع قضايانا قابلة للنقاش، وأصبح التاريخ السعودي القريب قابلًا للتفكيك بالمعنى النقدي، والنقاش بصوت مسموع، وأصبح المُنتجْ السعودي مسجلًا حضوره القوي على خارطة الدراما العربية، مع عدم إغفال أنه يحتاج إلى المزيد من التطوير، بإقامة ورش سيناريو وإبداع متواصلة، حتى يكون لدينا عشرات الأعمال سنويًا المميزة مثل (العاصوف).

إذ أن مثل هذه المسلسلات التي ترى المجتمع وفق منظور فني نقدي متزن تحاول تفكيك القضايا الشائكة، في محاولة نقدية سحرية لمناقشتها، ما يمكِّن من خلال ذلك تعلم الدرس، وهو تجنب الأخطاء التي وقع فيها ما يسمى (جيل الصحوة) في الماضي، ومحاولة كشف الحقيقة أمام الناس، وهذا منهج الدراما مؤخرًا، كشف الحقائق والمخبوء من الأسرار، مثلما أنتجت مصر مسلسلاتها على امتداد مشوارها وخوضها في كثير من القضايا التي هزت المجتمع في فترات معينة، وكذلك فعلت الدراما السورية في حرصها على تقديم الحارة السورية وأخلاقياتها وقيمها، ولا ننسى الدراما الكويتية وتاريخها الممتد في صناعة حراك فني فريد في خليجنا العربي.

ولعل المنتجين الآن، يدركون أن الكاتب السعودي، أولى من غيره بالاهتمام بتحويل إبداعه إلى دراما، تلامس قضايا المواطن، سواء في الداخل، أو الخارج.

وإذا كانت جدية التناول في القضايا المهمة حاضرة بقوة في الدراما السعودية، فأيضًا للجانب الترفيهي الكوميدي جانب مهم أيضًا، له حضوره كتأكيد على أن المناخ الحالي في الشارع السعودي متطور، متنوع الفكر، لديه القدرة على قبول الأعمال الجادة، ما تناقش القضايا المهمة، وما تدخل البهجة أيضًا على الإنسان.

وعلى الرغم من أن الدراما السعودية بدأت باجتهادات شخصية، مثل (طاش ما طاش) الذي يعتبر وثيقة مهمة لعرض لمحات مهمة في فسيفساء الحياة الاجتماعية السعودية خلال الثلاثين عامًا الماضية، إلا أن عوائق صعبة وقفت أمام مواصلة المسيرة طوال الوقت، والطريق لم يكن ممهدًا أو مفروشًا بالورد، إلا أنها واصلت المضي قدمًا، محققة النجاح والتطور، خلال العشر سنوات الأخيرة خصوصًا، وصولًا إلى تحقيق أهدافها كقوة ناعمة قادرة على تغيير المجتمع، ويكون للفن دوره القادر على إحداث الفرق والتغيير، مثلما أدركت سيدة الشاشة العربية (فاتن حمامة) أن دور الدراما مهم، حتى يمكن تغيير قانون، مثلما حدث في فيلم (أريد حلًا)، إنتاج 1975، والذي ناقش قضية تعليق المرأة المتزوجة سنوات في المحاكم، طلبًا للطلاق، وتسبب الفيلم في تغيير قانون الأحوال الشخصية في مصر، بتمكين المرأة من قانون (الخلع) لاحقًا. المهم أن الفيلم بقوته الناعمة أدى إلى تغيير قانون؛ لأنه ألقى الضوء على معاناة المرأة العربية عمومًا.

ونشاهد في رمضان لهذا العام، تطورًا لافتًا ونوعيًا لقناتنا السعودية، في تقديمها لباقة من البرامج والمسلسلات، تجبر الكثيرين على متابعتها والتفاعل معها، وتجعلها حديث المجالس في الاجتماعات واللقاءات، ويحسب لقناتنا قدرتها على تحقيق المعادلة الصعبة، إعلام هادف في قالب عصري، وفق محتوى متميز وبالغ الأثر، من خلال طاقات شابة تبشر بمستقبل زاهر لإعلامنا المحلي.

ومعنى أن البرامج السعودية والدرامية دخلت سباق الترند على منصات التواصل الاجتماعي، والتصدر، أنها قادرة على تحقيق ما هو أبعد، من تأثير حقيقي في الشباب السعودي، وانعكاس ذلك خارج المملكة، لما للمحتوى والثقافة السعودية من تأثير قوي، يمكن من خلاله استعراض قضايانا المهمة، ونجاحاتنا التي يشيد بها العالم، والقدرة على التغيير بما يمكننا من الإمساك بتقاليد المجتمع من جهة، واللحاق بركب التحضر ومواصلة الإبداع من جهة أخرى.

نقلاً عن "الوطن"

تاريخ الخبر: 2022-04-06 03:16:44
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 86%
الأهمية: 88%

آخر الأخبار حول العالم

الإصابة تبعد الفرنسي لوكاس هيرنانديز عن "يورو 2024"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 21:06:36
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 50%

هطول أمطار غزيرة شمال شرق سوريا (فيديو)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 21:07:00
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 86%

شادي رياض: "برشلونة؟ أنا مرتاح في بيتيس ولا أعلم ما سيحدث"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 21:06:37
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية