منذ تطويرها في ثلاثينيات القرن الماضي، وتجربتها المفجعة على هيروشيما وناغازاكي سنة 1945، تخُطّ القنبلة النووية معالم الرعب العالمي، مهددة البشرية بالفناء إذا نشب صراع شامل استُخدمت فيه. فيما تملك تسع دول اليوم السلاح النووي، بترسانة إجمالية 13,5 ألف رأس، لكل منها عقيدة ردع خاصة به، وعليه تختلف قوانين وشروط ومسؤولية اتخاذ قرار استخدامه بين بلد وآخر.

وحسب تقرير نشرته مجلة "لوبوان" الفرنسية، نقلاً عن خبيرين في الشؤون النووية، فإن فيما يتعلق بالسلطة في المسائل النووية مدرستان أساسيتان تختلفان بين أنظمة من النوع البرلماني، والتي لا يخضع قرار استخدام الأسلحة النووية داخلها لسلطة فرد واحد، والنوع الرئاسي، أذ يعود القرار في الأساس إلى الرئيس، فيما الصين وكوريا الشمالية يتبع كل منهما أسلوباً خاصاً.

الأنظمة البرلمانية

وعلى أساس هذا التصنيف الذي حددته المجلة الفرنسية، فإن في الأنماط البرلمانية، لا يجرى اتخاذ قرار استخدام السلاح النووي بشكل منفرد من سلطة معينة، بل بشكل جماعي. وكمثال على ذلك، في الهند، وعلى الرغم من أن الرئيس هو قائد القوات المسلحة، فإن المجلس السياسي برئاسة رئيس الوزراء هو الوحيد المخول بالسماح باستخدام الأسلحة النووية.

في باكستان، يُعهد باختيار قرار استخدام السلاح النووي إلى المجلس الوطني التأسيسي، وعليه أن يصادق على ذلك بالإجماع، وفي حالة فشل ذلك يكون لرئيس المجلس الوطني التأسيسي القول الفصل، ويعتقد أنه يجب على كل من رئيس الوزراء ورئيس الدولة الإذن بتفعيل الرموز اللازمة لفك شفرة الأسلحة النووية.

وفي إسرائيل، لا يملك رئيس الوزراء صلاحية القرار باستخدام السلاح النووي، ويتخذ ذلك القرار اللجنة الوزارية المكلفة بالأمن القومي والمؤلفة من 7 إلى 10 أعضاء في الحكومة.

الأنظمة الرئاسية

أبرز دولتين نوويتين في العالم، واللتان تملكان حصة الأسد من الترسانة العالمية لهذه الأسلحة، هما الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا. وكلاهما يوكلان اتخاذ قرار الردع النووي إلى الرئيس. لكن ليستا وحدهما اللذين يتبنيان هذا النهج، بل يضاف إليهما كل من فرنسا وبريطانيا وكوريا الشمالية.

ففي الولايات المتحدة، يكلف الرئيس بمهمة الرد السريع والحاسم على أي عدوان نووي محتمل، من خلال الحقيبة النووية التي في عهدته ورموزها السرية التي لا يعلمها إلا هو. فيما شروط استخدامها، حسبما حددت خلال الولاية الثانية من حكم الرئيس باراك أوباما، فهي تشمل "نطاقاً ضيقاً يمكن لهذه الأسلحة أن تلعبه في الحالات الطارئة". وكان بايدن قد وعد بتحديد هذه الشروط في الردع المحض، فيما سمي بـ "سياسة الغرض الواحد"، أي في ردع والرد على أي هجوم نووي تتعرض له البلاد.

في الحالة الروسية، يملك فلاديمير بوتين هو الآخر حقيبته النووية، غير أن منح الإذن باستخدام الأسلحة النووية من ثلاثة أشخاص: الرئيس، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان العامة. ويمكن منح هذا الإذن إما عبر شبكة القيادة الإلكترونية الروسية "كازبيك"، أو من خلال نظام مراقبة الأسلحة النووية الأوتوماتيكي الذي كان معروفاً في حقبة الحرب الباردة باسم "بريميتر".

ويقر الدستور الفرنسي أن رئيس البلاد هو رئيس القوات المسلحة، ما يخوّل له اتخاذ قرار ضغط زر إطلاق الأسلحة النووية. وبنفس الكيفية في بريطانيا، يدخل هذا الأمر حيز صلاحيات رئيس الوزراء، لكن غالباً ما يكون القرار باستشارة مع القصر الملكي.

بالنسبة إلى كوريا الشمالية، فالقرار هو حكر على رئيس البلاد وقائد جيشها الشعبي كيم جونغ أون.

النموذج الصيني

بالنسبة إلى الصين، تتبع القوات النووية للجنة العسكرية المركزية للحزب الشيوعي، وهي تحت قيادة الرئيس، وتتكون من 7 أعضاء، بمن فيهم وزير الدفاع ورئيس الأركان وممثلون عن كل فيلق من القوات المسلحة.

والقرار الفصل في هذا النموذج للرئيس، بوصفه القيادة المدنية الوحيدة داخل اللجنة العسكرية، غير أنه غالباً ما يعود إلى المكتب السياسي للحزب الذي يعتبر السلطة السياسية العليا في البلاد.

TRT عربي