برهان الفشل دليل السقوط
خالد فضل
إنّ قمة المنجزات التي حققها قائد الإنقلاب هي (كسره) للآءات الخرطوم الثلاث ، من أجل مصلحة بلاده كان ذلك الكسر !! هكذا أجاب قائد الإنقلاب عن سؤال صحيفة الشرق الأوسط السعودية مضيفا ضمن ذات السياق أنّ تبادل الزيارات بين تل آبيب والخرطوم لا توصف بالسرية فهي زيارات لتبادل المعلومات الإستخباراتية ولا تحتاج لإعلان أو إخفاء .
في الواقع لم يستطع قائد الإنقلاب كسر لاءآت الخرطوم الحقيقية تلك التي تصدح بها حناجر الثوار صباح مساء في مدن وقرى السودان المختلفة وإذا لم يسمع بها فهي لا شرعية لا شراكة لا تفاوض والمعني باللآءآت هذه إنقلابه المشؤوم ، ومن أطلقها هم شباب المقاومة السودانية الباسلة وشاباتها الماجدات ، فهي والحال كذلك ليست من نوع تلك اللآءات السطحية التي يرددها الحكام المستبدون في جلسات جامعة الدول العربية .
لقد كانت الخرطوم يومذاك من العام 1967م قد هبت في جنح الدجى وليرحم الله عبدالكريم الكابلي كانت الخرطوم يوم لآءاتها المشهورة في عهد الديمقراطية الثانية ، قبل أن ينقض على الحكم عسكري من كار قائد الإنقلاب ليحيل مساءات الخرطوم إلى عتمة 16سنة , أُعدم خلالها الشفيع وهاشم وعبدالخالق وبابكر ومحمود المفكر الإنسان كار المكر والإستبداد هذا ، أنجب البشير وما أدراك ما عهد البشير الذي يستمد قائد أحد الجيوش الآن من سيرته النتنة عناوين منجزاته .
وعلى خطاه يسير نحو السقوط وهو يعيد التمكين بعد أن زجّ بقادة لجنة زالة التمكين في السجون وطفق يبحث عن تهم ضدهم ، لكنه يبحث عن قطة سوداء في غرفة مظلمة والقطة غير موجودة أساسا ، فمحمد الفكي سليمان شحن شوية عفيشات منزل الحكومة الذي قطن فيه لشهور على متن دفار صوب بيت أهله لأنّه لم يحز من المنصب مربع كامل في مخطط سكني كما فعل التمكينيون الذين يرد لهم قائد الإنقلاب ما نهبوه !! ووجدي صالح أشرف من أن يغمس يديه المناضلتين في مال مشبوه ، وغيرهم ممن تصدى للمهمة العسيرة وخاض مار النبش في عش الدبابير من أجل سودان جديد ومن أجل شعب مجيد ،وسيحفظ التاريخ صنيع من خان وباع وأرتهن وقتل وأعتقل وعذّب وأغتصب مثلما سيحفظ حقوق الأبطال .
لآءات الخرطوم ومدن السودان المنتفضة تمثل قمة الفشل لمشروع الإنقلاب الغشوم , فقد أخّر بلادنا وأقعدها تماما بعد أن بدأت تتعافى من ويل الإستبداد والفساد , عادت الأوضاع الإقتصادية إلى درب الإنهيار بعد أن عرفت في عهد حمدوك طريق الأمل والشفاء , وإذا كان جبريل قد أوحى لرسول الله لإيلاف قريش … إلخ , ورمضان كريم , فإنّ جبريل الإنقلابيين قد أوحى إليهم سرابا , وأوردهم والبلاد خرابا , وهل يأتي خير من خريج مدرسة الترابي ( يرحمه الله) ؛ فلسنا في وارد التشفي من الموتى , هم الآن بين يدي من لا يغادر صغيرة أو كبيرة لا وأحصاها عددا , جبريلهم ظن واهما أنه بصدد حصاد غرس السلطة المدنية الإنتقالية طالما هو من صحح مسودة الصيغة النهائية لإعلان قوى الحرية والتغيير , كما أورد الأستاذ عبدالعزيز عشر في مرافعة تلفزيونية أيام الإنقلاب , جبريلهم ظن آثما , أنّه أنجز الثورة ضد البشير , ولكن الحقيقة غير , لقد عجز جبريلهم في اسقاط البشير حتى عندما أقتحم بجنوده أم درمان , من أسقط البشير هو فوران الثورة الشعبية السلمية المدنية , والتي شارك فيها دون شك بعض منسوبي حركته لكن ضمن سياقها المدني وليس ذراعها العسكري , وحتى عندما وقع إتفاقية تولي المناصب في جوبا تم تزيينها ببعض البنود التي لم يسأل عنها من وقعوها , مثل عودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم الأصلية , وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية , عوضا عن ذلك كان شغل المشايعين الإنقلاب هو تفكيك لجنة إزالة التمكين لإعادة التمكين , شغلهم كان وأد الثورة لأنها تطالب بالعدالة وعنها هم غافلون , إنها شعارات وانفضحت مثلها مثل دعاوي قائد الإنقلاب , وهنا تظهر دلائل ترنح الإنقلاب وأيلولته للسقوط , وبفضل لاءآت الشباب المقاوم للإنقلاب ومن شارك فيه وخطط له ودعمه , حركات وأفراد محاور واستخبارات , كلهم إلى مذبلة التاريخ بعون الله .
الدولار يفلت والأسواق تلتهب والتضخم يبلغ مراقي الصعود , ورئيس الألية الإقتصادية للإنقلابيين يتوعد بعقاب المتاجرين بالدولار , أمّا الجمل فما بشوف عوجة رقبتو كما في المثل الدارجي , كما السيد الناظر ( ترك) في الشرق يصم أذنيه عن هتاف الثورة الطاعم المعبّر _ العسكر للثكنات والجنجويد انحل _ يصم أذنيه وبهما وقر , ويهتف كما هتف خدنه التوم هجو ذات إعتصام , عسكرية عسكر يحكم , إنّه ناظر يعيش في وهم السلطة الكاذبة , والأرض من تحت قدميه تميد بشباب الثورة من أبناء القبائل الذين وعوا دور القبيلة , كحاضنة إجتماعية ورافعة إنسانية وطنية وليست أداة في يد الفاسدين أرباب المصالح الذاتية وإن كانوا في منزلة النظّار !! وهذه واحده من دلائل سقوط الإنقلاب وبرهان على الفشل الذي لازمه منذ صبيحة اليوم المشؤوم 25أكتوبر2021م , ففي ذات اليوم إرتقى نفر من الشهداء , ليستمر إرتقاء الشهداء مقابل إنحطاط الإنقلابيين ومن يشايعهم إلى يومنا هذا , والتحقيقات حول القتل تجري ( على قدم وساق ) أو كما قال !!
منجزات الإنقلاب هي ما يقارب المائة شهيد وشهيده في بحر ستة شهور , تجميد لكل التعهدات والإعفاءات والمنح والقروض , تعطيل لدورة الحياة العادية في المدن , شل الإقتصاد , وفقدان البوصلة في كل شئ , تفشي القتل والإغتصاب _ بأزياء رسمية _ والنهب والسطو والإنفلات الأمني وتململ الأقاليم , والإضرابات المطلبية , والإدانات العالمية والإقليمية والخضوع المذل للمحاور الإقليمية والدولية , ومع ذلك يقول قائد الإنقلاب إنه يبحث عن مصلحة بلاده !! ها ها ها ..
لقد بلغت المآسي حدا يصبح الساكت عنها شيطانا أخرسا , لم تعد هناك ورقة توت اسمها أربعة طويلة تغطي سؤة الفشل وقلة الحيلة وفقدان البوصلة , لم يعد سوى السقوط الداوي للإنقلاب ومن لفّ لفه , إنّها حتمية التاريخ , فمن يميتون الأرض ويحيون الآفات , والكلمة للروائي العالمي الطيب صالح على قبره تتنزل الرحمات , ليسوا جديرين بحكم شعب أنجب عظمة ودودو ومآب وبابكر وست النفور وحتى آخرشهيد في سبط الأخيار الميامين , والشعب أقوى والردة مستحيلة , ولا نامت أعين المرجفين الخانعين من أذيال الإستبداد ودهاقنة المكر والخداع . وكل أبريل والشعب أقوى .
