قطع البوليساريو لعلاقتها بإسبانيا.. حشرجة النزع الأخير

 

بقلم : د.خالد فتحي

هل تضاهي البوليساريو إسبانيا وزنا ومكانة دولية كي تقطع العلاقة معها؟ وهل يعتقد الانفصاليون أنفسهم دولة قائمة حتى يخرجوا بمثل ذاك البيان الغريب الذي أطلقوه من الجزائر.  

إنه فعلا زمن التفاهة والإسفاف والعجائب، وزمن المضحكات المبكيات، ان تتطاول جبهة وهمية الى هذا الحد، فتدعي لنفسها هذه الندية في التعامل مع الدول، أم هو ليس إلا تمرد من كان له دلال خاص على طرف كان عزيزا لديه، لكنه قرر فجأة ان يهجره ويضع حدا لعلاقته معه؟؟

ان لهذا البيان معنى واحدا لا غير ، وهو أن البوليساريو فقدت البوصلة، وصارت تتخبط من فعل الصدمة، بعد ان دقت ساعة الحقيقة، وانكشفت هي والجزائر، وضاقت الخيارات أمامهما، وشاهدا بأم عينيهما انهيار المشروع الانفصالي الذي ظلا يحلمان به.

البوليساريو التي يعرف الجميع انها صناعة الجزائر واسبانيا تصرخ الآن وتبكي بفعل فجيعة اليتم التي حلت بها على حين بغتة، هي في الحقيقة تندب بهذا البيان حظها البائس مثلما يفعل في النهاية كل الخونة والعملاء، لأنها تتوقع مع تنصل اسبانيا منها اياما عجافا ستؤدي بها  لامحالة الى الاضمحلال والهلاك المحتم.

هي تتخوف من ان يكون تخلي اسبانيا عنها مقدمة لأن تفقد راعيتها الأولى الجزائر، فلقد كانت مستوثقة من الموقف الاسباني القديم، ولا تظنه قابلا للتحول لدرجة ان هذا التحول يصيبها  الآن بالرعب، ويجعلها تتخيل اليوم الذي يتغير فيه نظام العسكر او تتحول فيه العقيدة العسكرية للجنرالات الى الإقلاع عن معاكسة المغرب في حقه التاريخي، مايرعب البوليساريو ، فهمها ان كل شيء ممكن، وأن الاعتراف الاسباني سيكون له تأثير الدومينو في الاتحاد الأوروبي وامريكا اللاتينية وافريقيا التي ستتقاطر بلدانها لاجل فتح قنصليات بالجنوب المغربي، وأن البوليساريو قريبا ستنظر اليها الجزائر على انها قد صارت حصى في حذائها لا في حذاء المغرب.

لقد دخلت الجبهة في هذيان منظم منذ أن مرت الدبلوماسية المغربية الى السرعة القصوى وبدأت الأرض تهتز  اهتزازا تحت أرجلها ...ارض الجزائر طبعا. لقد خاضت حرب بيانات وبلاغات منذ طرد  الجيش المغربي البطل مرتزقتها من معبر الكركرات، ادعت فيها انها قد عادت الى الحرب، وانها بصدد تكبيد المغرب خسائر فادحة في الارواح والعتاد. هجمات دونكوشتية يعرف العالم بأسره انها للتنفيس عن العزلة والاحباط لاغير، وبالتالي فإن هذا البيان ضد اسبانيا يكتب من نفس المحبرة التي كتبت بها تلك البيانات الجوفاء.

أكبر خوف لدى قادة البوليزاريو هو ماعبر عنه في بيانه الأخير ببلاغة المفجوع المنهار من ان اسبانيا قد  تخلت عنه وتركته لمصيره.وهنا يقر ضمنا انه كان صناعة  وارنبا لاسبانيا، ويقر أيضا انه فقد جزءا كبيرا من  اسباب عيشه ،وانه يسير نحو طريق مسدود .

فهل كان يحتاج لمثل هكذا بيان لتعليق اتصالاته بمدريد ،فإسبانيا وأمام أنظار كل العالم ، هي من اولته ظهرها لأن علاقتها معه صارت اكثر من سامة بالنسبة لها ،بل ولقد  تكبدت بسببه أزمة عمرت لمايقرب السنة مع جارها الجنوبي المغرب،كان لها تداعيات ومضاعفات كارثية على شعبها ونخبها الاقتصادية.وقد  كانت في غنى عنها.

انه لمن البله ان تظن البوليساريو ان بلاغها سيعبأ به في إسبانيا ،ولعلها تريد أن تسترحم قلوب بعض الاحزاب السياسية الإسبانية لكي تتم مراجعة الموقف الاسباني الشجاع. فهل رأت الولايات المتحدة  على عهد بايدن تراجع قرار ترامب، وهل تردد بلنكين في تأكيد موقف بلاده هنا في المغرب وهناك بالجزائر حتى تقوم اسبانيا بذلك ؟؟ . هل عادت المانيا للوراء.؟ مصيبة البوليزاريو انها لاتلتقط الاشارات، و انه تعمى بصيرتها عن التحولات العالمية الجارية التي تجعلها على الهامش، .فتزيد من تأخرها في قبول حل الحكم الذاتي الذي لن يبقى له أي معنى اذا كانت الجزائر هي  آخر من يقبل به على الركح الدولي.

كذلك لاندري سر هذا الغباء الذي يجعل الجبهة الانفصالية لا تفهم ان اسبانيا تريد تعليق الاتصالات هذا وتتمناه من صميم قلبها، فهي لم تعد تريد خطابا انفصاليا على أرضها، وإن كان يستهدف غيرها، لأنها لات أمن شر العدوى. زد على ذلك انها صارت ترى آفة الانفصال رديفة لآفتي التطرف والإرهاب. ولذلك ستراهن على دولة مستقرة آمنة لايعاني نظامها أزمة شرعية، بل ولقد غيرت عقيدة امنها القومي للأبد معتبرة انها كانت مخطئة في اعتبارها ان قوة اسبانيا تستلزم مغربا ضعيفا معوضة اياها برؤية استراتيجية حكيمة ترى الآن ان اسبانيا قوية تكون بمغرب قوي، لو فهمت البوليزاريو ان القرار الاسباني قرار للدولة العميقة لما اهانت نفسها بهكذا بيان.

ان اسبانيا هي ملاذ عناصر البوليزاريو ، وملاذ أيضا لجنرالات النظام الجزائري ، واسبانيا هي من تعرف الحسابات ومن تضع السيف على عنق عناصر البوليساريو، ولذلك لايعدو ان يكون هذا البيان سوى صرخة في واد، و نكتة تحاكي بها جبهة انفصالية سلوك وصولة دولة لاتوجد الا في خيال الجزائر الان. 

 

انها لأخرى في  التصرفات الأخيرة للجبهة، ومنذ بداية الجائحة  خلال السنتين الأخيرتين ،وما بيانها الغث الهزيل الخاص باسبانيا الا تلك الحشرجات التي ترافق  عادة لحظات النزع الاخير.

تاريخ الخبر: 2022-04-10 18:23:26
المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 72%
الأهمية: 76%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية