رشق التوم هجو بالحذاء.. هل تذهب الصحافة نواحي العنف؟


تباينات الآراء بشأن حادثة رشق القيادي بجماعة الميثاق، التوم هجو، بالحذاء على يد صحفية سودانية.. فكيف ينظر قادة المهنة للواقعة؟

التغيير: أمل محمد الحسن

“عندما وجدت كل المتربصين بالثورة يجلسون على طاولة واحدة بينما يتواصل التآمر على الشعب السوداني وتاريخه الناصع، تراءت أمام وجهي صور شبابنا الذين وهبوا أرواحهم لهذا الوطن وتلك الدماء الطاهرة المسكوبة من أجل ذلك الغد المنشود، فلم أتمالك نفسي”.

كان هذا هو السبب الذي ساق الصحفية صفاء الفحل، لرشق حذائها في وجه عضو الميثاق الوطني، التوم هجو في مؤتمر صحفي بوكالة الأنباء، قبيل يوم من ذكرى اعتصام القيادة العامة في (6 /أبريل)، وفق ما كتبت في عمودها (عصب الشارع) المنشور بصحيفة الانتباهة.

“حذاء” بدل السؤال

أثار حذاء الفحل الذي أرسلته لوجه التوم هجو تحديداً، ردود فعل عنيفة في وسائل التواصل الاجتماعية بين شامت وساخر من التوم هجو وبين منتقد للتصرف الذي لا يمكن أن يمثل العمل الصحفي.

 

حادثة الفحل أعادت إلى الأذهان قصة الحذاء الشهير الذي ألقاه الصحفي العراقي منتظر الزيدي على الرئيس الأمريكي جورج بوش في مؤتمر صحفي، ببغداد، في العام 2008، وحكم عليه بالسجن 3 أعوام قبل أن يخفض الحكم لعامين، ثم خرج بعد 9 أشهر لحسن السير والسلوك.

وقبل أن تهدأ موجة ردود الفعل المتباينة في العوالم الافتراضية؛ فاجأت الفحل الجماهير بفيديو تضمن اعتذارا للحاضرين في المؤتمر الصحفي، واعتذار للتوم هجو حددت سببه بوضوح: (العمر).

وقالت: (على الرغم من مواقفهم المتسخة…. إلا أنني أردت أن اثبت لهم أن هذا الجيل ما زال يحترم الكبير عمراً).

اختفاء وتهديد

التساؤلات حول الأسباب التي جعلتها تتقدم باعتذارها كانت في موقعها، فالصحفية لم تبادر من نفسها بالاعتذار وفق ما ذكر مصدر مقرب منها لـ(التغيير) مؤكداً أنه تم إجبارها على قراءة اعتذار طويل من ورقة (فلوسكاب) وعند رفضها ذلك تم الاتفاق على صياغة الاعتذار الذي اقترحته، اعتذار لكبر السن.

ووفق المصدر تم حذف بقية الفيديو، الذي طالبت فيه الفحل التوم هجو بالاعتذار عن ممارسة العمل السياسي، وتم بث المقطع المتداول فقط.

ولم تتمكن (التغيير) من التحدث بصورة مباشرة مع الفحل نسبة لأنها أغلقت جميع هواتفها النقالة، وعلمت الصحيفة من مقربين منها أنها غادرت العاصمة بعد محاصرتها من جهات لم تتم تسميتها.

بعد يوم من الحديث مع مقربين من الفحل، تلقت (التغيير) اتصالا هاتفيا منها، وعدت فيه بتسجيل فيديو تشرح فيه كافة تفاصيل ما حدث معها، ملمحة إلى تلقيها تهديدات وتعرضها لحادث مدبر، لم تتحدث عن تفاصيله.

هل صفاء في خطر؟

“هناك مخاوف حقيقية عليها من الطريقة التي تم أخذها بها”، هذا ما أكده رئيس اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفية، عبد المنعم أبو إدريس، والذي قال لـ(التغيير): “المتضرر عليه الذهاب للقانون، لكن استخدام القوة مرفوض، والإخفاء القسري مرفوض”.

لم يتم أخذ الصحفية إلى نيابة الخرطوم شمال مباشرة، وهي النيابة المختصة جغرافيا للنظر في الواقعة، بحسب ما أفاد المحامي محمد سليمان حمدنا الله.

وأضاف “وفق المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 والذي حدد المكان لتقييد الدعوى الجنائية بمكان ارتكاب الجريمة، أو محل إقامة المدعي أو محل إقامة المتهم”.

وتواجه صفاء، حال تم فتح بلاغات في مواجهتها، تهما تحت المواد 144 إرهاب، أو المادة 143 التهديد، أو المادة 142 الأذى البسيط وفق المحامي حمدنا الله الذي أشار إلى أنها المواد التي تتناول الجرائم الواقعة على النفس.

وهناك غموض كبير يكتنف حادثة اقتياد الصحفية، والمكان الذي تم أخذها إليه، ابتداءً، قبل التوجه إلى مكاتب النيابة المختصة.

وربط حمدنا الله تدخل أمن الدولة في القضية إذا كان الفعل فيه شغب في مكان عام أثر على إيقاف الحركة، أو إخلال بالطمأنينة العامة وهو ما لم يحدث في تفاصيل حادثة إلغاء الحذاء على التوم هجو في منصة المؤتمر الصحفي.

وقال المحامي إن العقوبات وفق القانون الجنائية في مثل حادثة “الحذاء” جوازية وليست وجوبية، وتتراوح فيها العقوبة بين السجن عامين إلى نصف العام.

وأكد حمدنا الله أن الفعل لم يكتمل نسبة لتدخل آخرين لمنعها من إلقاء الحذاء، ولم يصبه “الشروع في الفعل تتم المحاكمة عليه بنصف العقوبة المقررة”.

عنف صحفي

وجود الصحفي في مؤتمر صحفي بالضرورة يسمح له بالتقدم بالأسئلة للمنصة، وما فعلته الصحفية صفاء الفحل وفق رئيس اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين لا علاقة له بالعمل الصحفي!

قائلاً: “الصحافة ضد العنف بل تدعو لاحترام الآراء المختلف معها”.

وأضاف أبو إدريس: “على الصحفي المقارعة بالحجة، فالصحافة هي منابر للآراء المتعددة والمختلفة”. وقطع أبو إدريس بعدم موافقته على استخدام العنف معرباً عن تخوفه من فتحه لباب ممارسة عنف أكبر وأشد قسوة ضد المختلفين معهم في الرأي.

وضم أستاذ الصحافة بالجامعات الأمريكية سابقا، والخبير الإعلامي اللبناني د. مهند حاج علي صوته لصوت أبو ادريس مؤكداً أن استخدام العنف من الصحفيين يضع آخرين في موضع الخطر، لا سيما في أماكن يتعرض فيها الصحافيون لاعتداءات نتيجة أدائهم واجباتهم.

قائلاً لـ(التغيير) إن استخدام الأحذية كأسلوب احتجاج لا يمت لمهنة الصحافة بصلة”.

وتابع: “من الضروري رسم خط واضع بين النشاط السياسي والاحتجاج من جهة، ومهنة الصحافة بصفتها على صلة بتغطية الأحداث وعرض الحقائق لرأي عام يتعرض للتضليل، من جهة أخرى”.

وتحدث الخبير الإعلامي عن الواجبات الضرورية على الصحفيين والتي تتمثل في طرح الأسئلة الصعبة على المسؤولية و”إحراجهم” من خلالها، ومواجهتهم بالحقائق عندما يتهربون من الأسئلة.

وأعرب علي عن خوفه من وسم الصحافيين بأنهم مرتكبو عنف، غض النظر عن صحة ذلك، مشيراً إلى إمكانية حرمانهم من أداء واجباتهم ووصولهم إلى مصادر المعلومات.

مردفاً: “ضرب الأحذية عنف لا يتسبب بإيذاء المسؤول فقط بل بوسم الصحفيين بالعنف”.

تاريخ الخبر: 2022-04-12 18:22:24
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

توقعات أحوال الطقس اليوم السبت

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-27 12:25:40
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 51%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية