مخاوف أوكرانية من تكرار «تجربة الكيماوي» في الحرب السورية


المشاهد المروعة من سوريا لضحايا يختنقون بعد إسقاط قنابل الكلور من مروحيات في البلدات والقرى تم بثها مرارا وتكرارا في سياق الحرب الأهلية في البلاد.
كُسرت المحرمات القانونية والأخلاقية. قُتل المئات، بينهم العديد من الأطفال، في عشرات الهجمات بالغازات السامة التي ألقي باللوم فيها على قوات رئيس النظام السوري بشار الأسد تحت حماية حليفه الرئيسي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
بعد عدة سنوات، تتزايد المخاوف من إمكانية استخدام مثل هذه الأسلحة في أوكرانيا، حيث تخوض القوات الروسية حربًا مدمرة منذ أسابيع.
مع استمرار الصراع، حذر المسؤولون الغربيون والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن بوتين قد يستخدم السلاح الكيميائي. وقال زيلينسكي: «يجب أن يتحرك العالم الآن».
وحسب تقرير لوكالة «أسوسييتد برس»، يقول المسؤولون إنهم يحققون في مزاعم غير مؤكدة من قبل فوج أوكراني يميني عن إلقاء مادة سامة في مدينة ماريوبول المحاصرة هذا الأسبوع. ولم تؤكد مصادر مستقلة هذا الادعاء، ويقول مسؤولون أوكرانيون إنه يمكن أن يكون ذخائر من الفوسفور - التي تسببت في حروق مروعة لكنها غير مصنفة كأسلحة كيماوية.
هدد بوتين بتوسيع نطاق حرب أوكرانيا إلى صراع نووي، لكن من غير الواضح ما إذا كانت العوامل الكيماوية ستستخدم لدعم عملياته العسكرية. يقول محللون إن الحرب في سوريا شكلت سابقة مروعة فيما يتعلق بنشر الكلور والكبريت وغاز الأعصاب السارين، متجاهلة تماما المعايير الدولية ودون مساءلة.
قالت المستشارة القانونية في منظمة تدافع عن الحقوق المدنية (مقرها السويد) عايدة سماني: «مما نراه اليوم، يبدو أن روسيا توصلت إلى نتيجة مفادها أنه من الآمن الاستمرار في أسلوب العمل من سوريا في السياق الأوكراني أيضا».
وأضافت: «بالطبع هذا يقوض الأنظمة الدولية المعمول بها ويقلل من عتبة استخدام مثل هذه الأسلحة».
انضمت سماني إلى منظمات غير حكومية أخرى لتقديم شكوى جنائية نيابة عن مجموعة من السوريين الذين يعيشون في السويد ضد الحكومة السورية بسبب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تتعلق باستخدامها للأسلحة الكيماوية.
يقول المسؤولون الغربيون إن روسيا ربما تتطلع إلى التعلم مما حصل في سوريا، حيث اختبرت قوات الأسد عزم المجتمع الدولي من خلال تكثيف وحشية الهجمات والأساليب تدريجياً.
كان جزء من المعادلة في سوريا هو صعوبة إثبات أي شيء في أعقاب مثل هذه الهجمات. دأب الأسد، بدعم من روسيا، على إرباك خصومه، متهماً المعارضة بتزوير الأدلة أو استخدام الغازات السامة بأنفسهم لمحاولة تحطيمه.
ألقت آلية التحقيق التي أنشأتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية باللوم على القوات الحكومية السورية في هجمات كيميائية متعددة في سوريا، بما في ذلك استخدام غاز الكلور والسارين في هجوم على بلدة خان شيخون في أبريل (نيسان) 2017 أسفر عن مقتل حوالي 100 شخص. أُلقي باللوم في هجوم واحد على الأقل بغاز الخردل على تنظيم «داعش»، الذي سيطر على أراض في سوريا والعراق لعدة سنوات خلال الحرب التي أودت بحياة نصف مليون شخص.
في تعليقات تذكر بسوريا، اتهمت روسيا أوكرانيا بإدارة مختبرات كيماوية وبيولوجية مع الولايات المتحدة مما أدى إلى اتهامات بأن موسكو تسعى إلى تنظيم حادث كاذب. أوكرانيا لديها شبكة من المعامل البيولوجية التي حصلت على التمويل والدعم البحثي من الولايات المتحدة، لكنها جزء من برنامج يسعى إلى تقليل احتمالية تفشي الأمراض المميتة عن طريق مسببات الأمراض، سواء كانت طبيعية أو من صنع الإنسان. تعود جهود الولايات المتحدة إلى تسعينات القرن الماضي لتفكيك برنامج الاتحاد السوفيتي السابق لأسلحة الدمار الشامل.
خطوط حمراء
صدم الاعتداء في وقت مبكر من صباح يوم 21 أغسطس (آب) 2013 على الغوطة العالم الذي أصبح مخدرًا إلى حد كبير بسبب مذبحة الحرب الأهلية في سوريا. ما أثار الغضب الدولي هو عشرات مقاطع الفيديو على الإنترنت التي أظهرت الضحايا يلهثون لالتقاط أنفاسهم، ويزبدون رغوة في الفم. تجاوز الهجوم «الخط الأحمر» الذي رسمه الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما للتدخل العسكري المحتمل في الدولة العربية.
اقترب أوباما من إصدار أوامر بضربات عسكرية بقيادة الولايات المتحدة، لكنه تراجع فجأة بعد فشله في تأمين الدعم اللازم من الكونغرس وبدلاً من ذلك أبرم صفقة مع موسكو للقضاء على ترسانة سوريا الكيماوية.
بحلول أغسطس 2014، أعلنت حكومة الأسد أن تدمير أسلحتها الكيماوية قد اكتمل. لكن إعلان سوريا الأولي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ظل محل خلاف، واستمرت الهجمات.
في عام 2017، أطلق الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب عشرات صواريخ كروز على قاعدة جوية سورية ردا على هجوم بغاز الأعصاب على بلدة خان شيخون في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة والذي أسفر عن مقتل نحو 100 شخص. واتهم خبراء من الأمم المتحدة ومنظمة مراقبة الأسلحة الكيماوية الحكومة السورية بالهجوم.
في الوقت الذي تدفع فيه موسكو هجومها في أوكرانيا، يتصارع قادة العالم وصناع القرار حول كيفية رد الغرب على استخدام روسي محتمل للأسلحة الكيماوية أو البيولوجية في ساحة المعركة. وقال أعضاء في الكونغرس إن إدارة الرئيس جوبايدن وحلفاءها لن يقفوا مكتوفي الأيدي إذا حدث ذلك.
على عكس سوريا، فإن روسيا قوة نووية. قد يؤدي أي رد فعل إلى اندلاع مواجهة نووية، وهو ما ألمح إليه بوتين بالفعل.
تحقيق العدالة
تلوم سماني المجتمع الدولي على عدم بذل جهد حقيقي للسعي إلى المساءلة عن هجمات الأسلحة الكيماوية في سوريا.
وقالت: «لم تكن هناك في الواقع أي رغبة سياسية لاستكشاف كيف يمكن، على سبيل المثال، إنشاء محكمة خاصة لسوريا».
في الأسبوع الماضي، قدمت مجموعة من المنظمات غير الحكومية معلومات جديدة ذات صلة بهجمات غاز السارين على خان شيخون في عام 2017 والغوطة في عام 2013 إلى سلطات التحقيق في ألمانيا وفرنسا والسويد. لكن يبدو أن العدالة لا تزال بعيدة المنال.
وقالت مديرة مشروع الأرشيف السوري، وهو مشروع سوري يوثق انتهاكات حقوق الإنسان وغيرها، حنين حداد، إن «محاسبة مرتكبي هذه الجرائم على استخدام الأسلحة غير المشروعة هو الرادع الأول لضمان عدم تكرارها».
وأضافت: «من دون مساءلة ذات مغزى، يعتقد الفاعلون والقساة أن بإمكانهم فعل أشياء مروعة دون عواقب حقيقية من المجتمع الدولي».


تاريخ الخبر: 2022-04-14 00:22:40
المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 75%
الأهمية: 93%

آخر الأخبار حول العالم

التورنيدو يعود مع الذهب السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:27:00
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 60%

44 ألف بلاغ تعديات ومخالفات صحية بالعاصمة المقدسة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:26:51
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 66%

الأخطبوط يترك للنمور قفازا تاريخيا السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:26:53
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 55%

وهبي: مطالبة الفنادق للزبناء بعقد الزواج مخالف للقانون

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:27:02
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 67%

تصدير الأسماك السعودية إلى 35 دولة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:26:57
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 57%

318 مليون ريال انخفاضا في الصرف على الأدوية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:26:55
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 60%

وهبي: مطالبة الفنادق للزبناء بعقد الزواج مخالف للقانون

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:27:11
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 55%

أفراح القادسية تودع هجر السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-22 00:26:58
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية