أثناء زيارتها يوم الخميس للعاصمة كيغالي، أتمت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل صفقة مع السلطات الرواندية، يجري بموجبها ترحيل طالبي اللجوء في المملكة نحو البلد الإفريقي، حيث يجري احتجازهم في مراكز إيواء أشبه بالمعتقلات.

وتبرر الحكومة البريطانية هذا القرار بأنه يأتي لوقف ما أسمته موجات اللجوء المتزايدة التي تعرفها المملكة، حيث يتوافد عليها طالبوا اللجوء من شمال فرنسا عابرين القناة الإنجليزية. فيما عارض عدد من قياديي حزب العمال المعارض الخطوة معتبرين إياها "غير عملية ولا أخلاقية"، كما وصفها عدد من المنظمات الحقوقية بأنها إجراءات لا إنسانية.

هذا وليست بريطانيا هي الوحيدة التي تعتزم تطبيق هذا النوع من الإجراءات، بل سبقتها في ذلك أستراليا التي شيدت مراكز اعتقال للاجئين في جزيرتي ناورو وغينيا الجديدة. ويفتح "الميثاق الجديد للهجرة واللجوء" الذي طرحته المفوضية الأوروبية سنة 2020 الباب أمام عدد من الدول الأوروبية لتطبيق خيار ترحيل اللاجئين إلى دولة ثالثة خارج حدود الاتحاد.

ترحيل اللاجئين إلى رواندا

وأعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، خلال خطاب ألقاه بالقرب من ساحل القنال، بأن: "أولئك الذين يحاولون القفز في قائمة الانتظار أو إساءة استخدام نظامنا" سيجري "نقلهم بسرعة وإنسانية إلى بلد ثالث آمن أو بلدهم الأصلي". وشدد على أن: "أي شخص يدخل المملكة المتحدة بشكل غير قانوني أو الذين دخلوها بشكل غير قانوني من شهر يناير/كانون الثاني سيجري نقلهم الآن إلى رواندا".

وأردف جونسون موضحاً بأن: "رواندا ستكون قادرة على استيعاب عشرات الآلاف من الأشخاص في السنوات القادمة"، مشيراً إلى أن الدولة الواقعة في شرق إفريقيا هي "واحدة من أكثر البلدان أماناً في العالم ومعترف بها لسجلها في الترحيب بالمهاجرين واندماجهم".

وزارت وزيرة الداخلية البريطانية برت باتيل العاصمة كيغالي يوم الخميس من أجل إتمام "اتفاقية الشراكة من الهجرة والتنمية الاقتصادية"، والتي بموجبها سيجري تنفيذ إجراء الترحيل. فيما كلَّفت هذه الصفقة حكومة المملكة ما يناهز 120 مليون جنيه إسترليني، تعهدت لندن بدفعها للحكومة الرواندية كتمويل للعملية.

بالمقابل انتقدت معارضة العمالة قرارات حكومتها، وصرحت نائبة حزب العمال لوسي باول لشبكة بي بي سي قائلة: "إنها خطوة غير عملية ومكلفة ولا أخلاقية"، واصفة تحرك جونسون في هذا الصدد بأنه: "لا يبالي بإنقاذ الزوارق التي تغرق في عرض القنال، بل ما يهمه هو إنقاذ قاربه الخاص" في إشارة إلى الأزمة السياسية التي يعيشها رئيس الحكومة البريطانية على وقع اتهامه بخرق الإجراءات الصحية في فترة الإغلاق التام.

ومن جانبها أعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن "معارضتها الشديدة" للمشروع البريطاني. وقالت المفوضية في بيان: "الأشخاص الفارون من الحرب والصراع والاضطهاد يستحقون التعاطف. ولا ينبغي مقايضتهم كسلع ونقلهم إلى الخارج لمعالجة قضاياهم".

ليست بريطانيا وحدها

وليست بريطانيا السباقة لهذا النهج، بل سبقتها فيه أستراليا التي تستغل جزيرتي ناورو وغينيا الجديدة لنفس الغرض، والنتيجة ظهرت في مراكز أقرب إلى مراكز تعذيب، تغيب فيها أدنى شروط العيش الآدمي، دون الحديث عن حقوق الإنسان المنتهكة. كما هي الظروف نفسها التي يعيشها اللاجئون بالمخيمات الأوروبية، وعلى رأسها مخيمات الجزر اليونانية، حيث "التجويع، التعذيب، العنف، الإهانات، خطاب معاداة الغريب" حسب ما كشف عنه تقرير منظمة أطباء بلا حدود.

يُضاف إلى هذا ما تنفذه الحكومة الدنماركية من ترحيل قسري في حق اللاجئين السوريين. وقد شرعت سلطات كوبنهاغن منذ صيف 2020 برفض تجديد أوراق الإقامة المؤقتة للاجئين السوريين، معللة إجراءها ذاك بتقارير قالت إنها تؤكد تحسن الوضع الأمني ببعض المناطق السورية، فيما يواجه حوالي 1200 لاجئ من مدينة دمشق يعيشون الآن بالدنمارك مصير الترحيل طبقاً لهذه الإجراءات.

وسبقت الدنمارك الدول الأوروبية الأخرى سنة 2020، في تعيين أول سفيرة للهجرة مكلفة بإقامة مخيمات اللاجئين خارج التراب الأوروبي. خطوة بحسب حكومة البلاد تأتي لـ"ثني المهاجرين عن التقدم بطلب للحصول على اللجوء في الدنمارك، وكذا تعزيز الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وتحسين ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، وتعزيز سلطات اللجوء والهجرة في دول ثالثة على طول طرق الهجرة".

هذا وفتحت المفوضية الأوروبية عبر "ميثاقها الجديد للهجرة" الباب أمام مثل هذه المبادرة، حيث أسقط كوتا استقبال اللاجئين على الدول، جاعلة ذلك اختيارياً بالنسبة للحكومة التي يمكن أن تعوضه بتمويل مراكز استقبال وإيواء لطالبي اللجوء خارج أراضيها.

TRT عربي