إيقاف «من الثورة فصاعداً».. تلفزيون السودان «تحت السلطة»


أثار إيقاف بث برنامج «من الثورة فصاعداً» على تلفزيون السودان القومي، الجدل القديم المتجدد حول علاقة السلطة بالأجهزة الإعلامية القومية، خاصة التلفزيون، بعد الثورة المجيدة، ودواعي ومبررات هذا الإيقاف، وغيرها من استفهامات؟؟!!

التغيير- أمل محمد الحسن

فور إقالة رئيس مجلس السيادة الانقلابي لمدير التلفزيون القومي، لقمان أحمد، سارعت إدارة التلفزيون بإيقاف برنامج تحت عنوان «من الثورة فصاعدا»!

وقالت مذيعة البرنامج تسابيح خاطر لـ«التغيير»، إن الإدارة أوقفت الحلقة الثانية من البرنامج والتي كان من المقرّر أن يتم بثها في العاشرة من ليل الأربعاء الموافق 13 ابريل.

ولم تكتف القناة بإيقاف بث البرنامج الذي لم يشاهد الجمهور منه سوى حلقة واحدة، بل قامت بإيقاف إحدى مذيعتيه، رويدا ميرغني، عن العمل تماماً، وتحويلها للتحقيق!

الإيقاف عن العمل ضمناً شمل المذيعة الأخرى، سماح خاطر، إلا أنها لن تقدّم للتحقيق نسبة لأنها ليست موظفة في الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون.

إهانة الجيش

في الوقت الذي تؤكد المذيعة «سماح خاطر» عدم وجود سبب مهني لإيقاف البرنامج، تختلف معها كبيرة المذيعين بالتلفزيون القومي، نازك ابنعوف التي وصفت البرنامج بأنه «أهان الجيش»!

رئيسة المذيعين بـ«القومي»: البرنامج أساء للجيش وهذا أمر غير مقبول

وقالت نازك لـ«التغيير»، إن البرنامج استضاف شباباً من لجان المقاومة وصفوا قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بالانقلابي، الأمر الذي سبب حرجاً للتلفزيون القومي.

«لم يفتح على مذيعة البرنامج أن تقول لهم إن ما حدث في 25 أكتوبر وفق القائد العام للجيش هو إجراءات تصحيحية!».

سماح خاطر

من وجهة نظر سماح خاطر؛ فإن المذيعين غير مسؤولين عمّا يقوله الضيوف، فقط يجب عليهم الاستعداد بالتحضير الجيد ومواجهة الضيوف حول المعلومات المغلوطة التي يدلون بها، وأكدت التزام فريق العمل كله بالمهنية.

أوامر عليا

تقاليد إيقاف البرامج في الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون لا تقوم على أساس جودة البرنامج من عدمه، أو كونه استنفد أغراضه، بل يتم إيقاف البرنامج أو الشخص حال أصبح غير مرغوب فيه من «جهات عليا»، وفقاً لمدير البرامج السابق للتلفزيون القومي، السر السيد.

مدير البرامج السابق السر السيد: التلفزيون القومي مرهون للسلطة

وقال السيد لـ«التغيير»، إن البرنامج ارتبط بالمدير السابق لقمان أحمد، وفور مغادرته من المعلوم بالنسبة للعاملين في الهيئة أن البرنامج سيتوقف، لأن التقاليد هناك تقتضي بإيقاف كل ما يتعلق بالشخص المقال!

السر السيد

«البرنامج مجرد ضحية! اذا سألت عن الأسباب المهنية، والحجج البرامجية خلف الإيقاف: هل الحوار ضعيف أو الإعداد غير جيد؟ لن تجد إجابة»!.

وأشار السر السيد إلى انقسام العاملين في الهيئة إلى مجموعة تنتمي للأوضاع قبل الانقلاب، وأخرى مرتبطة بالانقلابيين!

وأكد أن ما يبثه التلفزيون بعد انقلاب 25 أكتوبر اختلف كثيراً، عمّا كان قبله. «هناك تقليل لظهور صور الشهداء، وقضايا اتلغت».

وشدد السيد على أن ما تمّ الآن من ضمن تقاليد التلفزيون، مشيراً إلى أن التلفزيون القومي في عهد حكومة الإنقاذ كان يمنع أغاني الفنان محمد وردي عن البث، وفي أحد الأيام تمت استضافة الطيب سيخة وكان وزيراً للإعلام وقتها، وطلب أغنية لوردي، ومن يومها تم فك الحظر عن أغنيات الفنان الكبير!

ويبدو أن التلفزيون القومي- وفق إفادات أحد رجاله الذين قضوا سنوات طويلة في “حيشانه”- مرهون للسلطة!

وأكد مدير البرامج السابق لـ«التغيير»، طرد أحد المذيعين تحت إدارة لقمان من قبل مراقب برتبة عسكرية، دون أن يجد ذلك اعتراضاً من المدير المقال!

ملاحظات وانتقادات

السلطات الانقلابية لا تكتفي بوضع يدها وإصدار أوامرها على تلفزيون الدولة فحسب، بل تقوم بالرقابة على كافة الأجهزة الإعلامية الأخرى، ومقال العميد أبو هاجة كان واضحاً في ضرورة مراقبة الإعلام وعدم السماح له بتجاوز «الخطوط الحمراء».

خليفة حسن بلة

وطبقاً لمدير البرامج بقناة «سودانية 24» خليفة حسن بلة، فإنهم يتلّقون باستمرار ملاحظات على البرامج والضيوف أيضاً «تأتي ملاحظات حول مساندتنا لوجهة نظر دون الأخرى».

وأكد بلة أن البرامج السياسية التي تبث على شاشة القناة يتم فيها دائماً استضافة الرأي والرأي الآخر، ونوه إلى أنه في بعض الأحيان يكون الضيف المدافع عن رؤية السلطة لا يحمل حجةً دفاعيةً قويةً «هذا يوجه لنا أصابع الاتهام أيضاً».

وأوضح أنهم أحياناً يتصلون بدوائر معينة تقوم هي بترشيح الضيف وفق وجهة نظرهم.

وأشار خليفة إلى أن النقد لا يكون فقط من جهة السلطة «أحياناً نجد نقداً من المعسكر الآخر بأننا متحاملون أو نقف ضد الثورة».

وقال مدير برامج «سودانية 24» لـ«التغيير»، إنهم أحياناً بعد مراجعة الحلقات يجدون تحاملاً من المعدين لجهة معينة، وأشار إلى أن كل ما يردهم من السلطات ملاحظات دون أن يطلب منهم إيقاف برنامج أو مذيع أو مذيعة ما.

رهين السلطة

«إذا تم احتلال السودان من دولة إثيوبيا سينطق التلفزيون القومي باللغة الأمهرية»، هذا ما قالته المذيعة سماح خاطر بغضب، متفقة مع مدير البرامج السابق في خضوع أجهزة التلفزيون القومي للسلطة.

«بعد مقال مستشار القائد العام الإعلامي، العميد أبو هاجة حول الخطوط الحمراء للإعلام كنا متأكدين أنهم سيقومون بإيقاف البرنامج».

وأضافت سماح: «أي إدارة للتلفزيون القومي تهادن السلطة الحاكمة بدون فهم أو رقابة تفرض عليهم».

وحول الحلقة التي تم بثها، تقول سماح إنها ربما استفزت السلطات، أو «مهادنين لها»، مشيرة إلى أن المتحدثين باسم لجان المقاومة أكدوا عدم قبولهم القاطع لشراكة الجيش في السلطة.

لجنة تحقيق

لجنة التحقيق التي تم إخطار المذيعة رويدا ميرغني بضرورة خضوعها لها لم يتم تشكيلها حتى الآن- وفق رئيسة المذيعين بالتلفزيون القومي.

رويدا ميرغني

وتم اخطار المذيعة رويدا ميرغني وفق مقربين منها بالإيقاف شفاهة، مع استبدالها بزملاء آخرين في جدول النشرات الإخبارية والبرامج.

من جانبها، أكدت نازك ابنعوف، عدم إصدارها لقرار الإيقاف الخاص بالمذيعة، مشيرة إلى أنها لا تملك الكثير من الصلاحيات في هذا المنصب، وأن دورها يقتصر على إعداد جدول المذيعين والمذيعات.

«أستطيع أن أقوم بإيقاف مذيع فقط حال غاب عن أداء نشرته».

وأضافت لـ«التغيير»، إنه لا علم لها عن الجهة التي أصدرت قرار الإيقاف أو لجنة التحقيق التي سيتم تشكيلها!

نازك ابنعوف

وأكدت نازك عدم معرفتها بمشاركة المذيعة رويدا في تقديم برنامج «من الثورة فصاعداً»، معاتبة إياها بعدم التشاور معها حول تلك المشاركة.

ووجهت نازك انتقادات للحلقة التي تم بثها بأنها حملت إساءة للجيش «هذا أمر غير مقبول»، وقالت إنه كان لابد من استضافة رأي آخر في ذات الحلقة، ولا يرحل الرد الخاص بهم لحلقة جديدة! مطالبة بضرورة إنهاء خطاب الكراهية.

سماح خاطر: الناطق باسم الجيش شاهد ترويج الحلقة الثانية وطالب ببثها

ووفقاً لسماح خاطر فإن الحلقة الثانية التي تم منعها من البث تمت فيها استضافة القائد الأسبق لأركان الجيش، الفريق أول فتح الرحمن محيي الدين، ورفقته المحلل السياسي الجميل الفاضل، وأكدت أنها كانت حلقةً متوازنةً رغم الاحتدام في النقاش الذي حدث فيها.

وكشفت المذيعة عن طلب الناطق الرسمي باسم الجيش نبيل عبد الله لترويج الحلقة، وطالب بضرورة بثها بعد مشاهدته إياها.

«من الثورة.. فصاعداً»

الجدير بالذكر أن برنامج «من الثورة فصاعداً» تم الاستعداد له في شهر مارس الماضي بغرض بثه في شهر رمضان المبارك، على أن يتواصل بعده.

البرنامج- وفق مذيعته سماح خاطر- يناقش مستقبل الوضع السياسي في البلاد ويسعى لاستضافة كل الفاعلين في الساحة السياسية ومناقشتهم حول ما هو قادم «لجان المقاومة، الجيش، الدعم السريع، الأحزاب السياسية».

وأفادت سماح بأن البرنامج يتم إنتاجه خارجياً على أن يقوم التلفزيون القومي بدفع تكاليف الإنتاج، وأكدت عدم استلامهم أية مبالغ بعد.

وأوضحت أن البرنامج كانت له خطة طموحة في المواصلة بعد شهر رمضان المبارك، حول الراهن السياسي وقضايا بناء البلد ومؤسسات الدولة والظواهر الإجتماعية.

رابط ترويج حلقة البرنامج التي تم إيقاف بثها:

https://www.facebook.com/100012349361303/videos//

تاريخ الخبر: 2022-04-20 21:22:21
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

قطع المياه 8 ساعات عن بعض مناطق بالجيزة في هذا التوقيت - أي خدمة

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 06:21:14
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 66%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٨)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-08 06:21:41
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية