عزيزي القارئ .. السبت الكبير، سبت النور أو سبت الفرح. كلها أسماء لهذه الليلة الجميلة والتي تعد من أجمل السهرات التيتمتعنا بها كنيستنا العريقة، وهي ليلة أبوغلمسيس التي تمثل المشهد الأخير من أحداث الجمعة العظيمة المليئة بالأحداث. يوسف الرامي ونيقوديموس يأخذوا جسد المسيح بعد أن طلباه من بيلاطس ويكفناه و يضعاه في قبر، ويضعا عليه حجرا كبيرا،وحراس لحراسة القبر لخوفهم من أتباع المسيح، ومنذ لحظة موت السيد المسيح علي الصليب تبدأ أحداث ليلة أبوغالمسيس.

فماذا تعني في الأصل كلمة أبوغالمسيس؟؟ في الحقيقة أنها النطق العربي للكلمة اليونانية أبو كالبسيس والتي تعني إعلان أو رؤية. فلماذا إذن سميت هذه الليلة الجميلة بالرؤية؟ لانه في أثناء هذه الليلة يتم قراءة سفر رؤية يوحنا اللاهوتي بالكامل، الذي رأي فيهروعة وجمال السماء، ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن و ما لم يخطر علي قلب بشر، ما أعده الله لمحبي اسمه القدوس.

فكل من يسأل عن الأبدية (أورشليم السمائية)، وكيف ستكون الحياة فيها في اللانهائية سيجد الإجابة على كل أسئلته في هذهالليلة الجميلة، والتي تصعد بنا الكنيسة من خلال ألحانها وقراءاتها إلى السماء بكل ما فيها من جمال حتي تمر بنا ساعات الليل وكأننا في حلم جميل.

وسبت الفرح هو أشهر يوم سبت في سبوت السنة. السبت الوحيد الذي يُصام انقطاعياً طوال السنة والكنيسة جعلت طوال السنة كل سبت في باكر نقرأ اوشية الراقدين تذكاراً لهذا اليوم الجميل.

وهذا اليوم له العديد من الألقاب في كنيستنا الجميلة، إذ تسميه (سبت النور) وهذا بسبب النور الذي يخرج من القبر المقدس كل عام وفي نفس هذا الوقت. ويُعد هذا النور الذي يخرج، معجزة إلهية بكل المقاييس، لأن هذا النور يُضيء شموع الكنيسة كلها والتي يكون ممسكاً بها معظم الشعب. وأيضاً لأن ناره لاتحرق، بمعنى أنك لو مررت يديك فوقها فلن يحدث لك أذي. وتحدث هذهالمعجزة العظيمة كل عام، ويشاهدها ويتابعها جميع الناس من كل الطوائف و الديانات. فقد صار قبر السيد المسيح مكاناً غير عادي لأنه قبر من يهب للحياة.

ولو كان قد شارك أحد السيد المسيح في قبره أو قد استخدمه من قبل، كان سيكون هناك شكاً كبيراً حول قيامة المسيح وخاصة من قبل المشككين الذين كانت أعدادهم كبيرة في ذلك الوقت. و لكن كما ولد المسيح من بطن عذراء لم تلد أحد غيره، هكذا كان القبر بالمثل، قد أُعد له خصيصاً حتى يكون واهباً للحياة لكل البشر.

و تطلق عليه الكنيسة أيضاً (سبت النور) لأن المسيح أشرق بنوره علي الشعب الجالس في الظلمة ، فالمسيح هو شمس البر إذ قد وهب الشفاء لنفوس الصديقين التي كانت في الجحيم. تصور معيعزيزي القارئ، كيف كان داود وموسي وابراهيم وكل قديسييالعهد القديم وانبياؤه الكبار في شوق وانتظار لهذه اللحظة في الجحيم من آلاف السنين. فتخيل معي كيف كان هذا اللقاء. مهما حاول خيالنا أن يصوره لنا، فلن نستطيع أن نتخيل جماله وهيبته وعظمته. وقد كان هذا هو أول عمل قام به السيد المسيح عندما أسلم الروح علي الصليب، فقد نزل إلى الجحيم من قِبل الصليب ليخلص الصديقين الذين رقدوا على رجاء القيامة، ويأخذهم معه إلىالفردوس مكان انتظار الأبرار.

كما تطلق عليه الكنيسة أيضاً (سبت الفرح) لانه يوم فرح وتهليل الصديقين، فإذا كان ابراهيم وداود وأشعياء فرحوا وتهللوا لمجرد نظرهم يوم الرب بعين الإيمان والرجاء والنبوة، ودعوا ذلك اليوم يوم فرح وتهليل قبل مجئ المسيح بمئات السنين (أش 61:10) (مز118:24)، فكان لابد للكنيسة أن تطلق على هذا اليوم الذي رأتهبعينها يوم الفرح، وتسميه بـ (سبت الفرح) لأنه مقدمة لأفراح القيامة التي ستظل الكنيسة تحتفل بها خمسين يوم كاملة، فلا يشغلها أي أمر سوى تمجيد ملكها الذي غلب الموت وسحق الشيطان تحت قدميه وأعادنا ثانية إلى الفردوس.

وأيضاً تسميه الكنيسة (سبت السبوت) و(السبت الكبير) وذلك لأنههو أكثر سبت مميز في السنة و لأن أيام أسبوع الآلام كلها أقدسوأعظم أيام السنة كلها. لهذا ستجد الجو العام لليلة أبو غلمسيس في الصلاة هو الارتياح، بعد معاناه السيد المسيح أسبوع كامل كله آلام انتهت بالصلب والموت علي الصليب حيث تم الفداء، لذا تشعر الكنيسة بالراحة بعدما انتهت معاناة المسيح الجسدية وبعد أن تلفحت الكنيسة بالسواد طوال فترة القبض عليه ومحاكمته و خلال فترة آلامه وصلبه.

عزيزي القارئ دعنا نتطرق الآن لألحان ليلة أبوغلمسيس، والتي تتميز بطابع خاص مميز لا يمكن أن تجده أو تسمعه طوال العام إلا في هذه الليلة. فكنيستنا الجميلة في ليلة أبو غالمسيس تبدأ سهرتنا الرائعة بلحن (أنوك بى بي كوجي) وهو مزمور

…