ما معنى نتائج الانتخابات الرئاسية الفرنسية؟ (تحليل)


مع خسارة مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان للجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، رغم محاولاتها الثلاث، بدا واضحاً أن اليمين المتطرف ممثلاً بـ«التجمع الوطني» لن يدير شؤون فرنسا، أقله في السنوات الخمس المقبلة.

بيد أن لوبان اقتربت كثيراً من هدفها إذ أنها حصلت على 42 في المائة من أصوات الناخبين، وهي بذلك حققت قفزة مهمة قياساً لما حصلت عليه في العام 2017، حين صوّت لصالحها 34 في المائة من الناخبين، فيما حصل ماكرون على 66 في المائة من الأصوات آنذاك.

وتبيّن هذه الأرقام أن الأصوات التي انصبت على ماكرون تراجعت نسبتها بعكس منافسته لوبان. غير أن الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته فاز بفارق مريح، إذ حصل على 58 في المائة من الأصوات ونجح في الأسبوعين الفاصلين بين الدورتين الأولى والثانية في تحسين موقعه بما يؤهله لولاية جديدة للإقامة خمس سنوات إضافية في قصر الاليزيه.


أوروبا تتنفس الصعداء

لكن هذا الفوز لا يتعين أن يغطي المخاطر، وأولها أن فرنسا، وهي دولة نووية لها مكانتها في العالم، وتحتل مقعداً دائماً في مجلس الأمن وتتمتع بثاني أكبر شبكة دبلوماسية (بعد الولايات المتحدة) كادت تقع تحت نفوذ اليمين المتطرف، الأمر الذي كان سيشكل كارثة على أوروبا، شبيهة في وقعها بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وليس مصادفة أن التهاني بالفوز انهالت على الرئيس ماكرون بعد لحظات قليلة من إعلان تغلبه على منافسته اليمينية. وتجدر الإشارة الى أن المستشار الألماني ورئيسي وزراء إسبانيا والبرتغال انتهكوا الأعراف المعمول بها وتدخلوا مباشرة في الحملة الرئاسية من خلال رسالة نشرت الأسبوع الماضي في صحيفة «لو موند» دعوا فيها إلى قطع الطريق على مرشحة اليمين المتطرف التي رأوا في نجاحها تهديدا للبناء الأوروبي، بينما ماكرون يدعو لمزيد من الاندماج ويبشر ببناء «الاستقلالية الإستراتيجية» لأوروبا والسير بها كي تكون قوة دفاعية يعتد بها وليس فقط قوة اقتصادية.

الانتصار الانتخابي في الديمقراطيات شيء رائع. لكن من المهم النظر في التفاصيل التي أحدها أن 28 في المائة من الناخبين قاطعوا انتخابات الدروة الثانية بزيادة 2.5 في المائة عما كان عليه الوضع في العام 2017.

يُضاف إلى ذلك أن الأصوات التي انصبت على ماكرون لا تعني بتاتاً أنها تبنٍ لبرنامجه الانتخابي بل ان جزءاً مهماً منها كان هدفه قطع طريق الاليزيه على لوبان. وهذه الظاهرة اعترف ماكرون شخصياً بها، واعداً أن يكون «رئيساً لكل الفرنسيين» وليس مرشح فريق ضد فريق آخر.


تداعيات على الانتخابات التشريعية

وفي أي حال، فإن جولة جديدة من الانتخابات ستحل في يونيو (حزيران) المقبل، وهي الانتخابات التشريعية. ومنذ اليوم بدأت المناورات، فسارعت لوبان للقول إنها «مستمرة في المعركة» وأنها تعوّل على إيصال مجموعة كبيرة من مرشحي حزبها إلى الندوة البرلمانية.

وبالمقابل، فإن مرشح اليسار المتشدد جان لوك ميلونشون الذي حل ثالثاً في الجولة الأولى وحصد ما يزيد على سبعة ملايين صوت، دعا اليسار بكافة تلاوينه إلى تشكيل جبهة موحدة هي «التحالف الشعبي» للحصول على أكبر كتلة برلمانية ولإيصاله شخصياً إلى رئاسة الحكومة.

وهكذا، فإن المشهد السياسي الفرنسي الخارج من المنافسة الرئاسية لا يشبه ما كانت عليه فرنسا قبل خمس سنوات، فاليوم هناك كتلتان تحتلان أقصى طرفي الخارطة السياسية (اليمين المتطرف واليسار المتشدد)، وبينهما كتلة وسطية عمادها الرئيس ماكرون وحزبه «فرنسا إلى الأمام» وشخصيات من اليمين الكلاسيكي والاشتراكيين.

وأكثر من مرة، أشار ماكرون في «خطاب النصر»، مساء اليوم (الأحد) إلى أن عليه «إيجاد طرق جديدة» لحكم البلاد طيلة السنوات الخمس المقبلة مذكراً بالصعوبات التي واجهها خلالها.

والسؤال المطروح اليوم يدور حول مدى قدرة ماكرون (وربما رغبته) في الوفاء بالوعود التي أغدقها على الفرنسيين، خصوصاً على من هم على يسار الخارطة السياسية للفوز بأصواتهم ومدى مهارته في تفكيك المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المتمثلة بالغلاء وتدهور القدرة الشرائية والتضخم ومستقبل النظام الصحي ونظام التقاعد، قبل أن تفلت الأمور منه وتنتقل إلى الشارع، ما يذكر بالعامين العصيبين اللذين عاشتهما فرنسا مع «السترات الصفراء» في 2018 و2019 وكادت تطيح الرئيس والرئاسة.


تاريخ الخبر: 2022-04-25 00:24:00
المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 95%
الأهمية: 88%

آخر الأخبار حول العالم

رئيس نيجيريا يصل إلى الرياض - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-27 03:23:49
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية