محمد الباز يكتب هكذا تحدث الرئيس«4»: الخلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية

كما بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى خطابه فى إفطار الأسرة المصرية أنهاه.

وقف أمام ممثلى المجتمع المصرى ليجدد عهده معهم على التجرد فى النوايا، والصدق فى القول، والإخلاص فى العمل. 

كنا نعرف منذ أيام أن الرئيس سيعلن عن مبادرة لحوار سياسى يشترك فيه كل الأطياف الوطنية والسياسية، صرح لنا بذلك فى حواره معنا فى توشكى، لكنه تحفظ على التفاصيل، فقد أراد أن يعلن عن مبادرته بوجود المصريين جميعًا، وليشهد عليها المصريون جميعًا. 

فى كلمته التى تفاعلت مع الظرف السياسى والاقتصادى الراهن تفاعلًا هائلًا، أعلن الرئيس عن توجيهات وتكليفات عديدة، كان منها: تكليف إدارة المؤتمر الوطنى للشباب بالتنسيق مع كل التيارات السياسية والحزبية والشبابية بإدارة حوار سياسى حول أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة، ورفع نتائج هذا الحوار إليه شخصيًا، وسيحضر الرئيس المراحل النهائية من هذا الحوار. 

قد يحلو للمنخرطين فى العمل السياسى فى مصر- فاعلين ومراقبين- أن يتعاملوا مع ما قاله الرئيس على أنه بداية جديدة، نقطة فاصلة بين أداءين ومنهجين فى الإدارة. 

الواقع لا يقول ذلك بالطبع، فنحن أمام مرحلة جديدة- وليس بداية جديدة- فى نفس الخط السياسى الذى عمل به الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ تولى المسئولية فى يونيو ٢٠١٤، ولذلك لم يكن غريبًا تأكيده أكثر من مرة خلال كلمته التى غلب عليها الارتجال أن يذكّر الحاضرين أنه لا يقول شيئًا جديدًا، بل ما يقوله كرره أكثر من مرة... وسمعه منه المصريون أكثر من مرة. 

لقد كان ملحوظًا حضور عدد ممن ينتمون لصفوف معارضة نظام الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهؤلاء أعلنوا عن مواقفهم وآرائهم عبر منصات مختلفة، لا يخفى علينا منها شىء. 

وقد يعتقد كثيرون أن النظام يحاول احتواء معارضيه لمواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة، وأنه بعد أن تنتهى هذه الأزمة، فلن يكون هناك مكان لهم على مائدته. 

لو راجعنا سويًا ما تحدث به الرئيس تحديدًا فى الجزء المرتجل من كلمته، سنكتشف أن الرئيس عبدالفتاح السيسى لم يتوجه بالدعوة إلى المعارضين له لحضور إفطار الأسرة المصرية بوصفه رأس النظام الحاكم فى مصر الآن، حتى نقول إن النظام يريد أن يحتوى معارضيه. 

ولكنه فعلها بوصفه رئيسًا لدولة تحتاج إلى كل أبنائها فى هذا الظرف الصعب، ولذلك كان موفقًا عندما أكد ما قاله لنا- مجموعة الصحفيين والإعلاميين الذين التقى بهم فى توشكى- أننا جميعًا نقف فى نفس الخندق ونفس الجهة، لا يقف هو فى جهة، بينما من يتحدث إليهم يقفون فى جهة أخرى مختلفة أو مناقضة، فنحن جميعًا نسير فى طريق واحد. 

تحركت الجهات المعنية بإدارة الحوار، وأعلنت عن تنظيمها لجولاته، فبعد انتهاء حفل إفطار الأسرة المصرية بأقل من ساعة، أعلنت الأكاديمية الوطنية للتدريب عن تبنيها توجيهات الرئيس بإطلاق حوار سياسى بين كل القوى السياسية والشبابية، وأنها ستقوم بعقد عدد من اللقاءات بين كل أقطاب القوى السياسية والشبابية ضمن حوار وطنى يستهدف تطوير أجندة أفكار وطنية للتعامل مع كل القضايا المُلحة التى تواجه الدولة. 

لا تشغلنى مخرجات هذا الحوار السياسى الآن، فهذا حديث حتمًا سنعود إليه قريبًا ولمرات عديدة، لكننى الآن أتوقف أمام فلسفة هذا الحوار وتوقيت الدعوة إليه وهوية المشاركين فيه. 

طرح الرئيس عبدالفتاح السيسى رؤيته لحوار تشترك فيه القوى السياسية المختلفة سعيًا وراء الحفاظ على الاستقرار الذى حققته مصر، وهو الاستقرار الذى يمثل الضمانة الأولى والأساسية والوحيدة لاستمرار أى تنمية وأى أمن، وأعتقد أن الشعوب لا تبحث عن أكثر من ذلك الأمن والاستقرار، لأنهما مفتاح كل وأى شىء بعد ذلك. 

لقد تعرضت الدولة المصرية إلى ما كان يمكن أن يدفعها إلى السقوط بلا رحمة. 

بدأت هذه الرحلة المأساوية من ٢٠١١ وربما قبلها بقليل، لكن أحداث ٢٠١١ عجلت بالأمر. 

عندما استعرض الرئيس بعض الأرقام للتدليل على الخسارة الجسيمة التى تعرضت لها مصر فقط فى العامين ٢٠١١ و٢٠١٢، كان يريد التأكيد أننا كنا نواجه مجهولًا شرسًا. 

الأرقام تقول إن مصر خسرت خلال العامين ٣٨ مليار دولار و٨٠ مليار جنيه، وتخيلوا أن حجم الاعتداءات على الأراضى الزراعية من ٢٥ يناير ٢٠١١ إلى ١١ فبراير ٢٠١١ كان يزيد على ٣٥ ألف حالة اعتداء، ويمكننا أن نتصور حجم الخسائر المترتبة على ذلك. 

ولأن ٢٠١١ فتحت الباب على مصراعيه أمام الإرهاب الذى أصبحت مواجهته لازمة بعد ٢٠١٣، فقد تكفل الجيش بهذه المهمة تسانده الشرطة، لكن تخيلوا أن الجيش- وكما قال الرئيس- كان ينفق شهريًا فى معركته ضد الإرهاب مليار جنيه، ولأن المعركة كانت شرسة وممتدة، فقد تكلفت الحرب على الإرهاب ما يقرب من ٨٤ مليار جنيه. 

استطاعت الدولة المصرية أن تتصدى لكل من أرادوا كسرها، وقفت بقوة فى وجه من حاولوا استعادتها لمؤسساتها، وكان ما دفعته فى سبيل تحقيق ذلك كبيرًا. 

لم يتحدث الرئيس فقط عن الأموال التى أنفقت، ولكنه وضع أمامنا جميعًا ما أحجم عن الإعلان عنه قبل ذلك، فقد أعلن وللمرة الأولى أن عدد شهداء مصر من رجال الجيش والشرطة الذين قدموا حياتهم ودماءهم فى معركتنا ضد الإرهاب وصل إلى ٣٢٧٧ شهيدًا، وعدد المصابين ١٢٢٨٠ مصابًا. 

أعتقد أن الرئيس لم يلجأ إلى ذكر الرقم وللمرة الأولى إلا لأنه يريد للرسالة أن تصل وبقوة إلى الجميع، فالاستقرار الذى حققته مصر كان ثمنه باهظًا، ومن بديهيات الأشياء أن نحافظ عليه وندعمه وألا نترك لأزمة اقتصادية مهما كانت قوية وعنيفة وعاتية أن تعصف بهذا الاستقرار. 

يعرف الرئيس عبدالفتاح السيسى أكثر من غيره أن الصدق ينجى، لكن أحيانًا لا يستطيع الإنسان أن يقول الصدق فى أى وقت، لا بد أن يتحين الإنسان الوقت المناسب ليقول فيه كلمته، حتى تجد صدى لدى الناس فيصدقونها ويؤمنون بها. 

تحدث الرئيس فى إفطار الأسرة المصرية عما جاء فى مسلسل «الاختيار ٣»، أشار إلى أن ما جرى على لسانه هو ما حدث بالفعل، وأعتقد أنه بما فعله أكد ما ذهبنا إليه مبكرًا من أننا لسنا أمام مسلسل درامى يلعب فيه خيال مؤلفه كما يشاء، ولكننا أمام وثيقة وطنية، تقدم لنا صورة كاملة عما جرى فى كواليس مصر وغرفها المغلقة خلال أخطر أيامها. 

الدعوة إلى الحوار الآن تأتى فى اعتقادى فى وقتها تمامًا. 

قد تعتقد أنت أنها تأخرت. 

لن أعارضك بالطبع. 

لكننى أميل إلى أننا ندخل فى حالة حوار عندما تكون هناك حاجة إليه، ولأننا فى ظلال أزمة كبيرة تحتاج إلى جهود الجميع، فلا بد أن يتحدث الجميع. 

لقد أكد الرئيس فى حديثه إلى من حضروا إفطار الأسرة المصرية أنه يتحدث إلى من يؤيده ومن يعارضه، من يتفق معه ومن يختلف. 

وأشار بوضوح إلى أن الحوار السياسى- الذى يمكن أن يكون مدخلًا لعملية إصلاح سياسى شامل- كان على أجندته، لكن الأولويات حكمت أن يتم البدء بالإصلاح الاقتصادى أولًا. 

الدولة المصرية تفطن جيدًا إلى ما تحتاجه، وتعرف جيدًا ما تريده. 

ومن يدير الدولة الآن يعرف جيدًا كيف يفرز الناس. 

فهناك من خانوا وهؤلاء لا يمكن الالتفات إليهم أو تقديرهم أو وضعهم فى الاعتبار. 

وهناك من عارض، وكان قاصدًا بذلك وجه الوطن، وهؤلاء وجدناهم فى إفطار الأسرة المصرية لا يرحبون بالدعوة إلى الحوار فقط، بل بادروا بإعلان وجهات نظرهم ورؤاهم، وتحديدًا بعد إعادة تشكيل لجنة العفو الرئاسى التى أعتقد أنها ستقوم بدور كبير وملحوظ خلال الفترة المقبلة. 

وضع الرئيس عبدالفتاح السيسى منهج العمل السياسى خلال المرحلة المقبلة، عندما قال إن الخلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية. 

هذا الوطن هو الغاية العليا لنا جميعًا. 

يمكن أن نختلف، ويمكن أن يصل خلافنا إلى مرحلة يعتقد البعض أنه لا عودة منها، ويمكن أن يعتقد من يراقبون المشهد عن بُعد أننا لا يمكن أن نتفق على شىء، لكن فى اللحظة المناسبة تجد الفرقاء السياسيين يجلسون على مائدة واحدة، تمتد بينهم خيوط الحوار، لأنه لا أحد يريد شيئًا لنفسه، بل الجميع يريدون الخير لمصر. 

أعرف أن حالة من اللغط أحاطت بعدد ممن حضروا حفل الإفطار، على رأسهم حمدين صباحى، الذى نختلف معه فى الوسيلة، لكننا نتفق معه طوال الوقت فى الغاية، وأعرف أن آخرين تعرضوا لما يُشبه الاغتيال المعنوى لمجرد أنهم جلسوا على مائدة واحدة مع رجال النظام. 

ما لا يعرفه كثيرون أن كثيرًا من حملات التشويه التى تعرض لها حمدين ومن معه كانت موجهة، بل مقصودة لذاتها، لأن هناك من لا يريد لمصر أن تستقر، وأى محاولة لدعم هذه الاستقرار تجد من يقف فى وجهها لإفسادها. 

ليس من عادتى أن أستبق الأحداث.

لكن من حقى أن أسجل أننا فى لحظة مختلفة سيكون ما بعدها مختلفًا تمامًا عما قبلها. 

سيركن كثيرون إلى البكاء على اللبن المسكوب، سيضيعون وقتهم فى الحديث عما جرى وكان، أعتقد أن مصر لا تملك رفاهية أن نضيع أوقاتنا فى مناقشات لن تقدم ولن تؤخر، ولذلك فليس أمامنا إلا أن نسلك هذا الطريق.. طريق الحوار من أجل الوطن... والعمل من أجل الحفاظ على استقراره.

تاريخ الخبر: 2022-04-27 21:20:48
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

وفاة حسنة البشارية أيقونة «الجزائر جوهرة» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:24:06
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري “تشانغ آه-6” في 3 ماي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:25:15
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:25:13
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

أمريكا: أب يجبر طفله على الركض حتى وفاته - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:24:05
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

الصين: مصرع 36 شخصا اثر انهيار طريق سريع جنوب البلد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:25:10
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية