حقيقة القبر الفارغ
حقيقة القبر الفارغ
إن القبر الفارغ الذي تزلزلت عنه كل متاريس الحراسة البشرية أصبح محط أنظار العالم كله يقف عبر العصور والأزمنة صخرة راسخة كدليل من أقوي الأدلة علي قيامة السيد المسيح, وبما أن قيامة السيد المسيح في مفهوم المسيحيين هي معجزة المعجزات.. لقد مضغ القبر عظام كل البشر من هابيل الصديق نزيله الأول إلي وقتنا هذا, وهضمت معدته كل رمة وصلت إليها ومازالت شهيته مفتوحة في المزيد من جثامين البشر, ولكن القبر بالنسبة للسيد المسيح كان كحوت يونان النبي, الذي بعد أن ابتلع النبي لم يقو علي هضمه بل شعر بجسم غريب في جوفه لم يألفه كطعام عادي فاضطر مرغما بعد نحو ثلاثة أيام أن يقذف به إلي الشاطئ فخرج يونان النبي من فمه سليما معافي!!
وهنا يحدثنا القبر الفارغ أن السيد المسيح له المجي حي.. حي في ذاته.. حي في رسالته.. حي في أتباعه المؤمنين.. ويحدثنا القبر عن سلطان المسيح علي الموت, فقد سحق شوكته لأنه أنار لنا الحياة والخلود, لأن الموت كان في القديم صورة مرعبة ومخيفة للغاية يضطرب أمامها العالم ويحاول أن يهرب منها بكل الوسائل, فكان القر مكانا مظلما لا أثر فيه للنور, لقد هزم المسيح القبر وجرده من سلطانه وقلب كل أوضاعه, فلم يعد الموت موتا كما كان في الناموس قديما, بل صار نوما وانتقالا وجسر ذهبي للعبور, فقد صار القبر مسكنا مريحا يضع نهاية لأتعابنا, قام المسيح من جوف القبر بعد ثلاثة أيام بذاته لاهوته أقام ناسوته المتحد به هكذا جميع الراقدين في المسيح سيقومون من القبور يوم القيامة العامة باجساد نورانية ممجدة معه لكي يهبنا الحياة الأبدية, والذين يتردون علي قبر المسيح داخل كنيسة القيامة بالقدس مدينة الله العظيمة لا يذهبون إلي القبر لكي يروا رفاته, بل يذهبوا للتدبر في هدوء ووقار وينظرون إلي القبر الفارغ في مخافة وهيبة, فقد صار مجدا للمسيح ومجدا وفخرا عظيما للمسيحية لأنه مسكنا لساكن السماء.
هذا هو القبر الذي لا توجد بداخله سوي ذكريات النصرة المثيرة..! ولو كانوا يريدون رؤية أكفان أو عظام لانتهرتهم الملائكة وقطعت أصواتها الطريق عليهم كما فعلت بالمريمات حين قالت لهن لماذا تطلبن الحي من بين الأموات..؟ ليس هو ههنا, لكنه قام.
قام المسيح من القبر وصار باكورة الراقدين (1كو 15:20) وقام بجسد نوراني ممجد, قيامة المسيح علمتنا أن وراء القبر حياة أبدية.