تسعى جماعة الإخوان طوال الوقت للسيطرة على الخطاب الدينى الإسلامى، وفرض نفسها كمرجعية إفتائية، ونجحت خلال الأعوام الأخيرة فى اعتماد أسلوب التطبيقات الإلكترونية ليمكنها ذلك من الاتصال الدائم مع العديد من ملايين الأفراد حول العالم، والتأثير الكبير على العقول الشابة، واستخدام الإنترنت كوسيلة لنقل القيم والرموز المرتبطة بالجماعة.
أطلقت الجماعة مجموعة من التطبيقات الإلكترونية ومنها: «يورو فتوى Euro Fatwa App»، الذى تم إطلاقه عام 2018 تحت اسم «الدليل»، وهو دليل بثلاث لغات: العربية والإنجليزية والإسبانية، وكان من المنتظر أن يصدر قريباً بالألمانية والفرنسية والألبانية والهولندية والإيطالية والبرتغالية والتركية، وهو يمكن أى شخص من طلب أى فتوى والرد عليها تلقائياً.
إن «يورو فتوى» تم استخدامه هو والمعلومات الدينية المتوافرة به كسلعة تجارية يتم تسويقها عبر الإنترنت عن طريق المزج بين الدين والتكنولوجيا، رغم أن الدين يميل بطبيعته إلى مجموعة من القواعد والمعايير الأخلاقية المحافظة.
إن «يورو فتوى» قدم خدمات كبيرة لجماعة الإخوان؛ أهمها نشر الفكر الإخوانى وتعزيزه، ونشر المراجع المرتبطة بالفكر الإخوانى، وصياغتها على النحو الذى يعزز من قيمتها العلمية، والعمل على تعزيز انجذاب المجتمعات وقطاع الشباب إلى الفكر الإخوانى.
التطبيق الثانى التابع لجماعة الإخوان، وتحديداً المجلس الأوروبى للإفتاء التابع للجماعة، ومقره كلونسكى فى العاصمة الأيرلندية دبلن، يحمل اسم «الدليل الفقهى للمسلم الأوروبى»، من ميزاته أنه لا يحتاج إلى الاتصال بالإنترنت لتشغيله، الأمر الذى أسهم كثيراً فى زيادة المقبلين عليه وذلك لسهولة استخدامه.
وأعلن المجلس الأوروبى للإفتاء فى الفترة من 9 إلى 13 نوفمبر 2018 عن إنشاء «الدائرة البحثية للمجلس»، وهو مشروع يهدف إلى ضم وتوظيف الكوادر العلمية الشبابية على الساحة الأوروبية رجالاً ونساءً، والانفتاح على المؤسسات العلمية والجامعية والرسمية الأوروبية، والاستفادة من وسائط الإعلام الحديثة بصورة أفضل لإيصال رسالة المجلس لمسلمى أوروبا.
وقد بدأت الدائرة البحثية للمجلس بالفعل فى تقديم مقاربة الجماعة الاقتصادية والاجتماعية والمالية، عبر فتاوى تقدم فى «يورو فتوى»، وإعادة تمركز مقاربة البنوك الإسلامية وتكييفها حتى يصبح بإمكانها أن تمول المشاريع الصغيرة التى يطلقونها.
إن «يورو فتوى»، والدائرة البحثية للمجلس الأوروبى للإفتاء، والدليل الفقهى للمسلم، هى نماذج للطرق الجديدة للاستقطاب وتعميم رؤى الجماعة الفقهية، وهى وسائل قليلة التكلفة وسريعة الانتشار وتتميز بتنوع طرق صياغتها.
وتستفيد الجماعة من هذه التطبيقات من بيانات التسجيل لدى المنتسبين، بالإضافة إلى الاستبيانات المطروحة التى أتاحت للإخوان فرصة غير مسبوقة لمعرفة توجهات وميول المشاركين، أو ما يصح تسميتهم «العملاء»، من خلال معرفة آرائهم واقتراحاتهم التى تظهر فى طبيعة الأسئلة المطروحة، والبحث عن نقاط الضعف لدى المشاركين واستغلالها للتأثير عليهم بطرق غير مباشرة، وحث الشباب على المشاركة بالنشاطات التى يقوم بها المحسوبون على الإخوان، والاستفادة من طرح المواضيع والأجندات الخاصة بهم فى أنشطتهم تماشياً مع الفكر المستمد من أسئلة هذه الشريحة.
إن التطبيقات الإخوانية هى لبنة كبيرة فى عمليات التطرف، وقد بان خطرها بعد الإغلاق الذى طال العديد من الدول بسبب فيروس Covid-19 والملايين التى استخدمتها، حتى إن «يورو فتوى» أصبح من أكثر التطبيقات تنزيلاً على مستوى العالم، خاصة فى الغرب، وهو ما يفتح المجال للبحث عن تطبيقات بديلة تواجه الجماعة بنفس التماثل.
* نقلا عن "الوطن"
