أثار عنوان المعرض الجماعي «الفن بنكهة فرعونية.. المصري القديم»، غضب وحفيظة الوسط التشكيلي في مصر، خاصة بعد اتهام الفنان جمال مليكة، إحدى المشاركات في المعرض بانتحال لوحة له.

وحول أسباب الغضب والاستهجان، قال الفنان التشكيلي سيد هويدي لــ"الدستور": جاء عنوان المعرض والمسابقة المسخرة (الفن بنكهة فرعونية) صادما للأوساط الثقافية، على نحو استفزازي لمشاعر المصريين، خاصة أن العنوان يضع الفن المصري القديم في الهامش.

وتابع هويدي موضحا: النكهة هي الرائحة الناتجة عن أصل، فيما الفن المصري هو الأصل على مدار تاريخ البشرية من يوم عرفت التدوين، بل أن الفن المصري القديم صاحب نظرية في الرسم (التصوير) وفن النحت أيضا، فقد قدم المصري للعالم نظرية سبقت وتتجاوز النظرية الأوروبية في الرسم عندما استخدم تعدد الطبقات الأفقية وأقرب مثال على ذلك جداريات مقابر بني حسن شرق المنيا.

وأضاف “هويدي”: أما في فن النحت فقدم المصري القديم نظرية الحركة من السكون، تلك التي نراها في أغلب التماثيل المصرية، عندما نرى الأشخاص في العمل النحتي يتقدم نصف خطوة بقدمه اليسرى، بالإضافة للحرص على وجود العمل في كتلة صامدة قوية تتحدى الزمن، مثال تمثال رمسيس الثاني، حتى لو تم إلقاء هذا العمل الفني النحتي من شاهق لن يتأثر، وهي النظرية التي امتدت حديثا في عمل الخماسين للمثال "محمود مختار" (1891- 1934).

وشدد “هويدي” على أن اختيار عنوان هذا المعرض “الفن بنكهة فرعونية .. المصري القديم”، يبدو للبعض إنه لمدير القاعة العارضة التي تنظم معرض المسابقة، لكنه يرجع إلى شخص سعودي يدير القاعة من جدة، وما خفي كان أعظم، وهذا يفسر الإصرار على وجود كلمة (فرعونية) في العنوان الذي يكشف عن توجه واضح أن الحضارة المصرية القديمة وثنية، حيث أن الدارج في الثقافة العامة، أن فرعون موسي مثل سئ لملك، وبعد إدانته في القرآن أصبحت الصورة الذهنية له لدى العامة سلبية، وظهرت كلمة (فرعونية) في مناخ عدائي للحضارة المصرية بغرض وصمها بأنها حضارة وثنية ظالمة مستبدة لصالح غازي يريد الانقلاب على التراث والتاريخ، لكن شواهد الفن المصري غير قابلة للمحو فما زالت في مكانها تستعصي على الإقصاء والهدم بل أن أهرامات الجيزة أحد أهم عجائب العالم القديم حتى الآن.

واختتم “هويدي”: والفنان المصري المعاصر وريث حضارة بصرية، لذلك من المستغرب أن يهرول وراء فكرة جاءت من الخارج ولا يبدع هو أفكار ورؤى تساهم في وجود الفن المصري بعناصر هويته على الساحة، وينتج أيضا فعاليات تعبر عنه علي نحو صحيح، أو علي الأقل ألا يشارك في معرض عنوانه مسئ لحضارة بالكامل، فقد جاءت ردود أفعال المتابعين للبوست الذي كتبته على شاشات التواصل الاجتماعي غاضبة وتدين الدور المشبوه للقاعة العارضة، وتستنكر اشتراك الفنانين المصريين في هذا المعرض. 

ـــ انتحال لوحة الفنان جمال مليكة

في سياق متصل، نشر الفنان التشكيلي جمال مليكة، عبر حسابه الشخصي بالفيس بوك، صورة تجمع بين لوحة له، ولوحة مقلدة/ منتحلة منها لإحدى المشاركات في معرض “الفن بنكهة فرعونية .. المصري القديم”.

وقال مليكة في منشوره: "ضمن فضائح صنايعية الفن فى مصر، رسامة مقلدة لوحة من لوحاتى تقليد أعمى ومشتركة بيها فى مسابقة ضى ( الفن بنكهة فرعونية )

مرفق أحد أعمالي وصورة للعمل التقليد الأعمى... وأترك لكم التعليق الصورة الأولانية الأصل بتاعتى والصوره اللى تحتيها التقليد.

أنا مش عارف مين أستاذك اللى علمك النصب والتقليد ده عندنا فى أستاذنا الكبير ياسر عمر أمين متخصص فى الدفاع عن حقوق الملكية الفكرية والإبداع.

تواصلت "الدستور" مع الفنان جمال مليكة، والذي قال في تصريحات خاصة: المعرض تسوده الفوضى والعشوائية، ولا يوجد أي احترام لتطبيق شروط التسابق والمسابقة من جهة اللجنة ولا من جهة الفنانين .المفروض أن اللوحة التقليد ما كان لها أن تقبل فى الاشتراك في المعرض، بل كان من المفترض أن تستبعد لانتهاكها حقوق الملكية الفكرية والإبداع.

وأضاف “مليكة”: من قلدت لوحتي هي واحدة من ربات البيوت، أي أنها لم تدرس الفن اللهم إلا حصولها على “كورس” عند فنان أو غيره، الله أعلم. المهم أنها مسكت شغلتي وقلدته ومن ثم شاركت في المعرض بلوحة تقليد للوحتي دون أي احترام لحقوق الملكية الفكرية.

وحول إن كان سيتخذ إجراء قانوني تجاه تقليد لوحته ومن قلدها أوضح “مليكة”: كتبت “بوست” علي صفحتي وشرحت فيه الأمر ونشرت اللوحتين، لوحتي والمقلدة منها، وبالطبع وصلها الأمر، لكنها تنكر أنها قلدت لوحتي. وأأمل ألا يتكرر الأمر من جهة من قلدت اللوحة، وإن تكرر الأمر  ففي هذه الحالة سأتخذ الإجراءات القانونية لحفظ حقوق ملكيتي الفكرية والإبداعية.