المباني التراثية المُهدرة.. تاريخ سقط على أيدي المحتالين

في فبراير 2014 شهدت محافظة الإسكندرية نزاعًا كبيرًا على فيلا «جوستاف أجيون» بمنطقة وابور المياه وسط المحافظة، بعد أن أثار ملاكها الجديد أزمة هدمها، حتى استطاعوا بالفعل إزالتها بالكامل في عام 2016، ليتم حذفها نهائيًا من مجلد التراث، بالقرار الوزاري رقم 577 لسنة 2013، تنفيذًا للأحكام القضائية الصادرة من محكمة القضاء الإداري.

وعليه قام مالك فيلا «أجيون» بإنذار المركز الذكي في 21/12/2013 يطلب فيه ذوي الشأن من المركز الذكي تنفيذ الأحكام الصادرة لصالحهم في الدعاوى أرقام 3113 لسنة 57 ق، 12367 لسنة 62 ق لاستخراج ترخيص الهدم، وتم الهدم لاحقًا حتى سطح الأرض.

فيلا أجيون

الأمر الذي يتكرر كل عام، ودائمًا ما نرى تعديًا واضحًا على التراث، من قبل مواطنين ظنوا أن هذا التاريخ ملكًا لهم، يقومون باستغلاله والانتفاع منه بأي شكل ممكن، وذلك ما جعل "الدستور" تفتح ملف التعدي على المباني ذات الطابع المعماري، وكيفية التصدي له.

المباني التراثية في مصر

مباني تراثية ذات طابع عمراني ومعماري، تعود إلى العصور الإسلامية والقبطية في الفترة بين القرن الـ19 وبداية القرن الـ20، وذلك وفقًا لتعريف اللوائح المنظمة للمباني التراثية في مصر، ويتم تقسيمهم إلى 3 مجموعات (مباني ذات طراز فريد، ومباني تابعة لحقبة تاريخية معينة، ومباني كانت مسكنًا خاصًا لشخصيات هامة وتاريخية).

ووفقًا للإحصاءات الرسمية التي أعلنها جهاز التنسيق الحضاري، فقد بلغ عدد المباني التراثية في مصر، نحو 6700 مبنى في محافظات مختلفة (القاهرة، والإسكندرية والإسماعيلية، وبورسعيد، والمنيا، وأسيوط، وغيرهم).

وفي محافظة القاهرة تحديدًا، يوجد 1163 مبنى تراثيًا، تعرض أغلبهم للهدم وأعمال التخريب خلال السنوات الماضية، كان أبرزهم هدم جزئي لفندق الكونتنينتال أحد المباني الخديوية بوسط القاهرة في عام 2018.

هدم المباني التراثية

تاريخ مُهدر
في مارس 2021، استقبلت "الدستور" شكوى من قبل قاطني شارع طوسون بروض الفرج، يستغيثون فيها من قيام بعض الأشخاص بمحاولات تخريب للعقار التراثي رقم 52، والمسجل ضمن قوائم التراث بالجهاز القومي للتنسيق الحضاري.

وبالحديث مع قاطني المنطقة، تّبين أن مالك العقار الذي ابتاعه قبل عامين من حدوث الواقعة، كان قد قرر تخريبه كمحاولة لإجبار السكان على تركه، في الوقت الذي مر فيه قرن على تشييده؛ ما جعل قاطنيه يقدمون الشكاوى للحي من أجل إنقاذ العقار، للحفاظ على التراث من الإهدار.

وتواصلت «الدستور» حينها، مع المهندس محمد أبو سعدة، رئيس جهاز التنسيق الحضاري، ليؤكد تسجيل العقار بالجهاز، والذي أوضح أنه تم تشكيل لجنة لمعاينة العقار المذكور، وتم إثبات أنه ليس هناك حاجة لترميم العقار أو هدمه.

في الوقت ذاته، تدخلت المحافظة للتحقق من أعمال التخريب، والتأكد من اتخاذ الإجراءات القانونية مع المسؤولين عن ذلك، في إطار الحفاظ على التراث المعماري والمباني الأثرية في مصر، بالتعاون مع جهاز التنسيق الحضاري، الذي أشرف على تطبيق القانون ضد المحتالين.

عقوبات رادعة
أوضح أكرم العمري، المستشار القانوني، أن المادة 12 من قانون تنظيم هدم المباني والمنشآت غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري، والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2020، نصت على عقوبة هدم المباني التراثية والتاريخية: «يعاقب كل من هدم كليًا أو جزئيًا مبنى أو منشآة مما نص عليه في الفقرة الأولى من المادة الثانية من هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على خمسة ملايين جنيه».

واستكمل: «لا يجوز البناء على هذه الأراضي لمدة 15 عامًا إلا في حدود المساحة والارتفاع اللذين كانا عليه قبل الهدم، دون الإخلال بما تحدده اشتراطات البناء من مساحة أو ارتفاعات أقل، كما يعاقب القانون بشطب اسم المهندس أو المقاول المحكوم عليه من سجلات نقابة المهندسين أو الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء بحسب الأحوال، لمدة لا تزيد على سنتين، وفى حالة العودة يكون الشطب لمدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات».

وأوضح المستشار القانوني أن المادة الثانية من ذات القانون تنص على حظر الترخيص بالهدم أو الإضافة للمباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز المرتبطة بالتاريخ القومي أو بشخصية تاريخية أو التي تمثل حقبة تاريخية أو التي تعتبر مزارًا سياحيًا، ويعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من هدم أو شرع في هدم مبنى أو منشأة.

وقائع متكررة

داخل محافظة الإسكندرية، هجمت مجموعة من الأشخاص المجهولين على عدد كبير من المبانِ الآثرية، واستهدفوا بعض العقارات التاريخية، والتي تخطى عمرها أكثر من 80 عامًا، كان من بينهم عمارة «راقودة» في منطقة الشاطبي، التي سكنها المخرج العالمي يوسف شاهين، والفنان إسماعيل يس، ومجموعة من المشاهير اليونانيين والإيطاليين.

كما تم هدم فيلا «أمبرون» الأثرية بشكل كامل، بعد حصول مالك العقار على حكم محكمة بخروجها من مجلد التراث؛ ما جعل له الحق في هدمها أو بيعها، أما الواقعة التي شهدت تطبيقًا فعليًا للقانون كانت داخل فيلا «شيكوريل» الأثرية في عام 2016، التي حاول المالك هدمها في غياب الرقابة الأمنية.

ورصدت اللجان التفتيشية حينها تلاعب المالك في الأساسات والأعمدة الخرسانية لها، رغم صدور قرار برقم 488 لسنة 2102 من مجلس الوزراء، يمنع هدم الفيلا أو المساس بها، وبالفعل تم القبض على المقاول الذي اشترك في أعمال التخريب، ومعاقبته بالحبس 5 سنوات، فضلًا عن دفع غرامة قدرها مليون جنيه.

بحكم المحكمة
 يعتمد المحتالون دائمًا في أعمالهم التخريبية تجاه المباني الأثرية على خروجها من مجلد التراث بحكم المحكمة، وذلك ما أوضحه، محمد أبو سعدة، مشيرًا إلى أن هناك مباني تخرج بعد تسجيلها وحصر اللجنة لها بحكم المحكمة، والقانون غالبًا ما ينصف الملاك الجدد، ويسمح لهم بمقاضاة اللجنة واسترداد العقار؛ ما جعل مصر تفقد الكثير من مبانيها التاريخية.

وأكد أيضًا أن تسجيل المباني التراثية يختلف كثيرًا عن المباني الأثرية، وهناك مرونة من قبل الجهاز في التعامل مع ملاكها، بشرط عدم حدوث أي ضرر لها، ولا يتم تسجيل أي مبنى معماري كأثر تاريخي إلا بعد توفير القيمة المعمارية له، وأيضًا القيمة التاريخية لمالكه.

ويشترط أن يكون العقار قد مارس حقبة زمنية يُلزم الحفاظ على تاريخه من الهدم أو الترميم، وأوضح "أبو سعدة" أن جهاز التنسيق الحضاري يخطر الجهات المعنية بأعمال التطوير في منطقة ما حين تتعامل مع مبنى مسجل لدى الجهاز.

تاريخ الخبر: 2022-05-27 18:21:21
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:18
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

نصف ماراطون جاكرتا للإناث.. المغرب يسيطر على منصة التتويج

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:31
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

نصف ماراطون جاكرتا للإناث.. المغرب يسيطر على منصة التتويج

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:26
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:25
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية