محمد النعاس الفائز بـ«البوكر»: «خبز على طاولة الخال ميلاد» رد اعتبار لـ«المسحوقين»

الروائى الليبى محمد النعاس ثانى أصغر روائى يحصد جائزة «البوكر» للرواية فى نسختها العربية، عن عمله «خبز على طاولة الخال ميلاد»، وقد أحدث فوزه زخمًا واسعًا فى الأوساط الثقافية، خاصة أنه فاز بالجائزة بعد منافسة شديدة مع عدد من الكتّاب.

والرواية الصادرة عن دار «رشم» تدور فى مجملها حول التصورات الجاهزة لمفهوم «الجندر»، وتنتصر للفرد فى وجه الأفكار الجماعية القاتلة، خاصة فى مجتمع القرية المنغلق.

فى الرواية، يبحث بطل العمل «ميلاد» عن تعريف الرجولة المثالى حسبما يراه مجتمعه، ويفشل طوال مسار حياته فى أن يكون رجلًا بعد محاولات عديدة، فيقرر أن يكون نفسه وأن ينسى هذا التعريف، بعد أن يتعرف على حبيبته وزوجته المستقبلية «زينب»، ويقضى أيامه داخل بيته ويؤدى الأعمال المنزلية التى خص المجتمع المرأة بها، وفى المقابل تعمل حبيبته على إعالة البيت، وبسبب ذلك يتعرض لسخرية الناس من حوله، ويظل مغيبًا عما يحدث حوله من تنمر، حتى يُفشى له ابن عمه حقيقة ما يجرى.

وولد «النعاس» فى ١٩٩١، وحصل على بكالوريوس الهندسة الكهربائية من جامعة طرابلس عام ٢٠١٤، وعمل كاتبًا صحفيًا، وأصدر مجموعة قصصية بعنوان «دم أزرق» عام ٢٠٢٠. وتعد «خبز على طاولة الخال ميلاد» أول رواية له، وكتبها فى مدينة طرابلس عام ٢٠٢١، أثناء فترة الحجر الصحى بسبب انتشار فيروس «كورونا».

فى السطور التالية، يتحدث «النعاس»، فى حواره مع «الدستور»، حول الدوافع الأساسية لكتابته تلك الرواية، ورؤيته لشخصية بطلها وكيف صاغ تفاصيلها، متطرقًا إلى تصوراته حول وظيفة الرواية والأدب والفن، وغيرها من التفاصيل.

■ تتناول فى روايتك حياة «الخباز» بشكل مغاير عن السائد والمعتاد خاصة فى الكتابات التاريخية.. ما سبب هذا الاختلاف؟

- أنا منجذب نحو الشخصيات غير الاعتيادية، التى تبدو فى ظاهرها عادية جدًا، ولم أجد عند كتابة الرواية فى حياة الكاتب أو المثقف أو الفنان أو الشاعر شيئًا مهمًا يمكن إضافته والبناء عليه، كلها شخصيات مستهلكة سيطرت على مشهد الأدب، ولهذا اخترت «الخبّاز» لينهى تلك السيطرة ويعيد كل شىء لموقعه الطبيعى. 

الأدب، خاصة أدب الرواية، هو التاريخ البديل للشخصيات المسحوقة، التى يأبى كاتب التاريخ أن يضعها بين سطوره، وكانت كتابة رواية عن حياة «خبّاز» بالنسبة لى نوعًا من رد الاعتبار لتلك الشخصيات.

■ معنى ذلك أنك ترفض الكتابات التى تتناول سِيَر المثقفين؟

- رأيى هذا لا يسفّه ممن يكتب عن أبطال التاريخ أو الفنانين أو المثقفين، وقد أكتب بالفعل عن هؤلاء يومًا ما، بل إننى بدأت بالفعل كتابة رواية عن «مخرج» يعود إلى وطنه بعد زمن طويل. 

الفكرة هنا أنه وببساطة «لكل مقال مقام»، ولكل رواية أو عمل فنى شخصيات خاصة، وعليك أن تسأل نفسك: ما الذى كان سيضيفه كون «ميلاد»، بطل الرواية، مثقفًا أو كاتبًا متحررًا للرواية ولمشهد الأدب العربى؟.. لا شىء فى الحقيقة، كانت ستكون رواية مستهلكة عادية جدًا.

كون «ميلاد» خبازًا لا شيئًا آخر هو ما جعلها فاتنة للكثيرين، وهو ما جعلك تسأل هذا السؤال بالطبع.

■ هناك قاعدة ثابتة بأن على الكاتب أن يعمل كل ما فى وسعه لكى يتقمص حياة أبطال روايته.. ألذلك مارست مهنة «الخباز» فى فترة من الفترات؟

- كان علىّ أن أتعلم كيفية إعداد الخبز، وأعيش حياة «ميلاد الخباز» أيامًا وشهورًا، وأتعلم من صنعته حتى أفهم الشخصية، على سبيل المثال، أنا أكتب الآن رواية تضم شخصية إيطالية، قد لا ترد اللغة الإيطالية كثيرًا فى الرواية، ولكن وجدت أنه علىّ أن أتعلم اللغة الإيطالية لأتعلم كيف يفكر الإنسان الإيطالى، فاللغة مفتاح عقل الإنسان، ومن هنا يجب على الكاتب أن يوازن بين التجربة والقراءة والبحث، فما ينقص عن التجربة يحاول الكاتب أن يستمده من القراءة والبحث، ولكن على فعل القراءة أن يكون مكثفًا وعميقًا وأن يشمل تفاصيل التفاصيل فى المجال الذى يبحث عنه. 

■ الرواية تتناول العوالم الخاصة أو السرية للرجال.. هل قصدت إبراز قوانين الذكورة داخل المجتمعات المنغلقة؟

- بالطبع هناك قوانين للرجال داخل المجتمعات المنغلقة، كما هناك قوانين للنساء أيضًا، ولكن الرجال لا يملكون الوعى بتلك القوانين ولا يريدون الاعتراف بها، لأنها قد تضرب معنى الرجولة، ومن هنا جاءت فكرة الرواية، فأنا أحكى عن الرجل الذى يعى تلك القوانين ويخافها ولا يعرف كيف يمكنه الخروج منها فيغرق فى تطبيقها. 

كان هدفى بسيطًا، أن أكتشف صحبة «الخال ميلاد» تلك القوانين، وأبحث فيها، لم يكن هدفى نقدها أو محاربتها، فهذا أمر بعيد عن استطاعتى كإنسان، وأنا لا ألعب دور البطل التنويرى الهُمام.

■ هناك الكثير من المفردات الدارجة الليبية على مستوى السرد والحوار.. ألم تخشَ من أن يعوق ذلك انتشار الرواية فى باقى الأقطار العربية أو أن يجد القارئ صعوبة فى فهمها؟

- هل يمكن أن تسأل هذا السؤال لروائى مصرى أو سورى؟.. بالطبع لا، كما أننى وضعتُ فى الهوامش شروحًا لما وجدته صعبًا على الفهم، والقارئ العربى ذكى، ما دام أحب القصة، سيبحث فى تلك الألفاظ بمفرده وسيبحث فى الثقافة الليبية لوحده، الكثيرون من القرّاء أرسلوا إلىّ أنهم بحثوا مثلًا عن الفنان الليبى العظيم أحمد فكرون فقط لأنهم عرفوه من الرواية، وهو أمر مؤسف، ولكن يدعو للفخر، أن يُعرف الفنان العظيم لدى أناس لم يسمعوا به من خلال أعمالى، وهذا دور الفنان؛ أن يكون سفيرًا لوطنه، لثقافته، لفنونه، ولحياة أناسه.

■ ما الهموم والقضايا الإنسانية الأبرز التى ترى أنها جزء رئيسى فى مشروعك الإبداعى الذى تطمح إلى طرحه عبر أعمالك القادمة؟

- أنا أبحث عن قيم التعاطف والتفهم والرأفة فى الإنسان، لا أنظر إلى أى قيم أخرى، يحتاج الإنسان المعاصر أكثر من أسلافه إلى إعادة تعلم هذه القيم الفطرية. 

■ ماذا عن أعمالك المقبلة؟

- لدىّ رواية جديدة، كما ذكرت لك سابقًا، وهى مستوحاة من شخصية مذكورة فى روايتى «خبز على مائدة الخال ميلاد» اسمها لطفى المنوى، وهو مخرج ليبى خيالى طبعًا. وتتكلم الرواية عن مفهوم العار أو شىء من هذا القبيل. ولم أجد لها عنوانًا بعد.

تاريخ الخبر: 2022-05-30 21:21:36
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:26:34
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 64%

وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:27:10
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 63%

وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:27:12
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 63%

نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:26:30
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية