تعيش الساحة السياسية بالمغرب في الوقت الراهن، على وقع جُملة من الأحداث المُتسارعة، التي وصفها عدد من المهتمين بالشأن العام بـ”المُتوترة’ والتي قد تُؤدي إلى أول تغيير محتمل في حكومة عزيز أخنوش.
وتأتي هذه التوقعات، التي تلوح في الأفق، في ظل تصاعد حدة التوتر بين عدد من القيادات الحزبية، سواء تعلق الأمر بالمندرجة قلب التحالف الحكومي، أو المُتواجدة في المُعارضة، وكذلك، في وقت تطل فيه مؤشرات اجتماعية واقتصادية وصفتها عدد من التقارير بـ”المقلقة”، خاصة فيما يتعلق بتداعيات فيروس كورونا، وكذا ارتفاع مُتتالي في أسعار المواد الحيوية.
الظرفية غير صالحة
غير أنه عكس ما يروج من نقاش، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، يرى رشيد لزرق، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة ابن طفيل في القنيطرة، أن “الظرفية الحالية غير صالحة لأي تعديل حكومي، على اعتبار أن الحكومة لم يمر عليها وقت طويل، وهي الآن مطالبة بالفعالية والانخراط في مواجهة التحديات الداخلية والدولية وتقلبات الأسعار” مشيرا أن المطلوب منها حاليا هو إبداع حلول للخروج من الأزمة وأن لا تُبقي الوضع الحالي على ما هو عليه، كي لا يظل المواطن بين يدي تقلبات الأسواق الدولية.
“قيام التعديل الحكومي في هذه الظرفية بالضبط، سيُفند ما كان قد أتى به عزيز أخنوش بأن الحكومة الحالية هي حكومة كفاءات” يضيف لزرق في حديثه لـ”الأيام 24″ موضحا أن “هذا التعديل إذا ما تم، سيمس بعض الوزراء، وسيعتبرون أن مقاعدهم الوزارية أكبر من بروفايلاتهم، خاصة في بعض القطاعات الحساسة التي تعرف تدهورا في الأوضاع”.
وفي سياق مُتّصل، يشير لزرق، أن “الحكومة الحالية، إلى حدود اليوم، دون لون ولا مذاق، على اعتبار أن أخنوش رغم الخبرة التي راكمها سواء في الحكومات المتتالية أو بكونه رجل أعمال؛ إلا أن الرجل عاجز على إعطاء الحكومة الحالية لونا ومذاقا وأن يضفي عليها بصمة خاصة”.
أما فيما يخص التراشق الكلامي الذي تعرفه الساحة السياسية المغربية، في الوقت الراهن، يختم لزرق حديثه لـ”الأيام 24″ مردفا أن “الأحزاب المغربية، خاصة المُشكلة للتحالف الحكومي، بات لها الوصول إلى المناصب غاية بدل أن تكون وسيلة لتطبيق برنامج معين، حيث إننا نلاحظ سيطرة التكنوقراط، دون أي مذاق سياسي”.
فترة انتقالية
من جهتها، أسماء مهديوي، الباحثة في العلوم السياسية، تتفق مع لزرق بالقول إن “الظرفية الراهنة المتسمة بالأزمة على مجموعة من الأصعدة ليست وقتا مناسبا لأي تعديل حكومي، بل هي فترة تستوجب المزيد من التعاون والتضامن واليقظة لحل الإشكالات الملحة المرتبطة بالمعيشة اليومية للمواطن، وبالعمل على حل أزمات غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وقلة مناصب الشغل..”.
وتصف مهديوي، في حديثها لـ”الأيام 24″ الفترة السياسية الراهنة بـ”الانتقالية”، موضّحة أنه كذلك في “النظام الدولي تستوجب استغلال جميع الإمكانات المتاحة لحسن التموقع ومحاولة تقليل الأضرار الناجمة عن هذه التحولات، إذ أن أي تعديل حكومي في هذه الظرفية لن يكون له أي تأثير ملموس، بل يمكن أن يكون العكس لأن الاستقرار حاليا جد مهم”.
“منذ الأشهر الأولى من تنصيب الحكومة وأخبار التعديل الحكومي تخرج بين الفينة والأخرى لذا لا أعتقد أن أي طرف من الأطراف المكون للتحالف الحكومي سينسحب أو يخرج” تضيف مهديوي في حديثها لـ”الأيام 24″ مردفة “ربما كانت هناك أطراف متضررة من التقسيم وإذا ما كان هناك تعديل فسيكون فرصة لهم لتعزيز حضورهم داخل التحالف الحكومي”.
وختمت مهديوي حديثها لـ”الأيام 24″ بالقول أن الحكومة الراهنة “اصطدمت بملفات حارقة لها ارتباط مباشر بالمعيش اليومي للمواطن، إلى حدود الساعة استطاعت الحكومة تدبير الأمر على الرغم من الملاحظات التي نالتها في ما يخص التواصل، إلا أن المسكنات التي اعتمدتها في تعاملها مع مجموعة من الملفات ربما لن تجدي نفعا في المستقبل القريب لذا وجب بذل المزيد من الجهود للبحث عن منافذ وحلول للمشاكل والملفات الملتهبة”.
