تيسيرات ضريبية جديدة … شكرا وزير المالية
تيسيرات ضريبية جديدة … شكرا وزير المالية
هذه من المرات القليلة التي أكتب فيها بصفتي رئيس مجلس إدارة مؤسسة صحفية, حيث جرت العادة أن أكتب بصفتي رئيس التحرير… وما دعاني إلي ذلك ما ساقته الأخبار ونشرته الصحف بتاريخ 27 مايو الماضي تحت عنوان: تيسيرات ضريبية جديدة لمساندة الأنشطة الاقتصادية.. وجاء في سياق تلك الأخبار أن الدكتور محمد معيط وزير المالية صرح بأن الوزارة تبحث إعداد مشروع قانون بالتجاوز عن جزء من مقابل التأخير والضريبة الإضافية المستحقة علي الضرائب التي تختص بربطها وتحصيلها مصلحة الضرائب المصرية, بشرط أن يسدد الممول أو المكلف في موعد أقصاه 30 يونيو الجاري جميع الضرائب المستحقة عليه أيا كان تاريخ وجوب أدائها أو سبب استحقاقها… وأشار وزير المالية إلي أن ذلك يأتي من أجل تخفيف حدة التأثيرات السلبية للأزمة العالمية الراهنة التي تتشابك فيها تداعيات كورونا وما أعقبها من موجة تضخمية حادة, مع تحديات الأزمة الأوكرانية, بما يسهم في تشجيع الاستثمار وتحفيز القطاعات الإنتاجية والصناعة والتصدير, مؤكدا أن مشروع القانون المشار إليه سيتفادي مشكلات تطبيق قوانين التجاوز السابقة ليفيد كل الممولين والمكلفين.
الحقيقة أن هذا التصريح من جانب وزير المالية يفتح باب أمل طال انتظاره أمام كثير من القطاعات الإنتاجية والاقتصادية التي تعاني من التعثر والارتباك وضيق ذات اليد أمام الوفاء بكل من مستحقات العاملين فيها ومستحقات الدولة… ولا غرابة في أن أسجل أن في مقدمة هذه القطاعات, المؤسسات العاملة في مجال الصحافة والإعلام والتي تعاني منذ زمن -بشهادة المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام- من اتساع الفجوة السلبية بين الإيرادات والمصروفات, مما تسبب في غل يديها عن الوفاء بمستحقات العاملين فيها علاوة علي تأخرها في الوفاء بالمستحقات الضريبية للدولة.
فإذا كانت القطاعات الإنتاجية والاقتصادية تتعرض لمصاعب تتصل بتصريف إنتاجها أو بيع سلعها بعض الوقت, فإن المؤسسات الصحفية -ومنها مؤسسة وطني للطباعة والنشر التي أتحدث عنها- تعاني منذ زمن من تحديات جمة في تحقيق التوازن بين إيراداتها ومصروفاتها, حيث تتزايد بنود المصروفات بشكل مضطرد في مقابل انكماش الإيرادات, الأمر الذي يتسبب في اتساع الفجوة طول الوقت بين الوارد والمنصرف وانعكاس ذلك علي قدرتها علي الوفاء بالتزاماتها تجاه كل من العاملين فيها وحقوق الدولة علي السواء.
ولأني في هذا الصدد أتحدث عن تجربة مباشرة تخوضها مؤسسة وطني للطباعة والنشر, أود تسليط الضوء علي بعض الجوانب التي نعايشها وتجعلنا في أمس الحاجة إلي طاقة الأمل التي فتحها تصريح وزير المالية الذي يتصدر هذا المقال, وهي:
** عندما يتسبب تدني الإيرادات في غل يد المؤسسة عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه العاملين والدولة, قد تلجأ إلي إعطاء الأولوية للوفاء بحقوق العاملين, الأمر الذي يتسبب في تأخرها عن الوفاء بالحقوق الضريبية للدولة لحين توفر السيولة التي تسمح بذلك… وهناك فرق واضح في هذا الصدد بين التأخر الضريبي والتهرب الضريبي, فالتأخر يحتمي بالإفصاح عن العبء الضريبي الواجب الوفاء به, بينما التهرب لا يعترف بوجوب الوفاء بذلك العبء الضريبي.
** في حالة إقدام المؤسسة علي تدبير الموارد التي تسمح بالوفاء بالأعباء الضريبية المستحقة عليها -والتي تأخرت في سدادها في مواعيدها القانونية نتيجة عجز الموارد- ففي ذلك دليل قوي علي انتفاء شبهة مخالفة القانون, وتأكيد علي أن المؤسسة متأخرة وليست متهربة.
** إذا ثبت أن المؤسسة من خلال ميزانياتها المعتمدة بواسطة مراقبي الحسابات القانونيين والمعتمدين تحقق خسائر -خاصة إن كان ذلك عبر سنوات متتالية- فالأمر يقتضي النظر بعين الاعتبار نحو اتخاذ التدابير التي تسمح بإقالتها من عثرتها عوضا عن الصرامة في إعمال القانون مما قد يؤدي إلي تدميرها وإفلاسها.
** من هنا تتجسد طاقة الأمل التي يحملها تصريح وزير المالية حيث يعد بمشروع قانون يرفع القصاص -أو جزءا منه- عن مقابل التأخير الذي ينص عليه القانون إزاء التأخر عن الوفاء بالمستحقات الضريبية للدولة حال الالتزام بسدادها قبل حلول 30 يونيو الجاري.
*** شكرا وزير المالية… فبهذا نتأكد أن الدولة لا تستمتع بممارسة دور الجباية علي حساب هلاك المؤسسات الإنتاجية والاقتصادية, إنما تحرص علي إقالتها من عثرتها لحساب الحفاظ علي أنشطتها واستقرار فرص العمل التي تؤمنها.