كريم فرغلي يكتب: السهرات التليفزيونية المجهولة لأسامة أنور عكاشة

«تذكرة داوود» معالجة للصراع بين العلم والوصفات الشعبية من بطولة يحيى الفخرانى

«البراءة» تتناول «سرقة الأفكار».. و«العين اللى صابت» عن حلم لاعب كرة ريفى

«الكمبيوتر».. دعوة لعدم الاكتفاء بالحلول الجاهزة أو تعليق أحلامنا على معجزات 

60% من هذه الأعمال لا تزال مخبأة ولم تحظَ بالانتشار المطلوب والاهتمام المستحق

عدم شهرة هذه الإبداعات راجع لعدم تكرار عرضها واقتصارها على «ماسبيرو زمان» 

فى أعمال المؤلف العظيم أسامة أنور عكاشة منجم مخبأ يضم جواهر نادرة، طغى عليها بريق أعمال أخرى حققت نجاحًا مدويًا مثل: «الراية البيضاء»، «ليالى الحلمية»، «الشهد والدموع»، «أنا وانت وبابا فى المشمش»، «الحب وأشياء أخرى»، «أبوالعلا البشرى»، «ضمير أبله حكمت»، «أرابيسك»، «زيزينيا»، «امرأة من زمن الحب»، وأفلام: «كتيبة الإعدام»، «دماء على الأسفلت»، «الهجامة» وغيرها.

أكثر من ٧٥ عملًا تضمها قائمة أعماله التى تم تنفيذها فى الإذاعة والتليفزيون والمسرح والسينما، إلى جانب مسلسلين تم تنفيذهما بعد وفاته، هما «موجة حارة» و«راجعين يا هوى».. وبحسبة بسيطة سنجد أن حوالى ٦٠٪ من هذه الأعمال لا تزال مخبأة، ولم تحظَ بالانتشار المطلوب أو الاهتمام المستحق من النقاد والجمهور.

وربما يرجع هذا إلى عدم تكرار عرض هذه الأعمال واقتصارها على قناة «ماسبيرو زمان» الرائعة، ولا شك أنها تستحق عناء نفض التراب من فوقها، وإعادة اكتشافها لمنحها ما تستحقه من ضوء يعكس بريقها للجمهور.

مساحة كبيرة من هذا المنجم تحتلها الأفلام المصنوعة للتليفزيون، أو ما كان يطلق عليه «السهرة التليفزيونية» المكونة من حلقة واحدة تتراوح مدة كل منها بين ساعة وساعة ونصف الساعة أو ساعتين.. ٩ سهرات نادرة العرض قدمها الراحل متاح معظمها على «يوتيوب».. إليك دليلًا سريعًا لبعض منها:

من إخراج إسماعيل عبدالحافظ، وبطولة: يحيى الفخرانى وإيمان الطوخى ويوسف داوود.. قدّم الراحل السهرة المميزة «تذكرة داوود» التى تحكى عن الدكتور «هادى سعفان» أستاذ الفلسفة غير القادر على الإنجاب «يحيى الفخرانى» رغم استمرار زواجه ٦ أعوام من الدكتورة «إخلاص» أستاذة الأدب الإنجليزى، التى تجسد دورها الفنانة إيمان الطوخى، رغم عدم وجود مانع لديهما وفق ما أجمع عليه الأطباء.

يدفع هذا الدكتور «هادى» إلى الاستعانة بالطب النفسى، بينما تلجأ الدكتورة «إخلاص» إلى وصفة أحد العطارين بنصيحة من خادمتها زكية «ليلى فهمى».. يبدأ الدكتور «هادى» فى العلاج، بينما تنساق الدكتورة «إخلاص» خلف العطارة، حتى يقع الحمل، ويغيب السبب الحقيقى لحدوثه، بين وصفة الحاج شهاب العطار «عبدالعظيم عبدالحق» وعلاج طبيب الأمراض النفسية حبشى «يوسف داوود».

نقلت المشاهد الأولى للزوجين حالة التوتر الذى يسود علاقتهما، قبل أن تتعمق المعالجة وتكشف عن عقدة الدكتور «هادى»، وهى فارق السن بينه وبين زوجته البالغ ١٧ عامًا، علاوة على غضبه من تجربتها العاطفية السابقة، واتهامه لها بعدم حبها له، وكيف أنه يتمنى أن تكون زوجته عاقرًا ليحقق التوازن بين عدم قدرتها على الإنجاب وبين عقد نقصه المتمثلة فى فارق السن.

نجحت المعالجة فى تبرير لجوء أستاذة فى الجامعة لوصفات العطارة الشعبية، بل وانبهارها بنتائجها، ومن ثم دفاعها عن «الحاج شهاب» بعد القبض عليه بتهمة النصب. كما أضافت صياغة شخصيتىّ الطبيب والخادمة لمسة كوميدية غير مفتعلة بل شديدة اللطف.

وعبّر الحوار عن الصراع الداخلى لشخصيتىّ الدكتور «هادى» وزوجته بشكل شديد البلاغة والرقى، وهو إحدى أهم نقاط التميز القوية فى أعمال الكاتب الراحل، كما نجح المونتاج أيضًا فى شد إيقاع السهرة وإكسابها «طزاجة» تؤهلها لتكون إحدى أميز السهرات التليفزيونية.

فى تجربته الإخراجية الوحيدة، قدم خالد حنفى سهرة كتبها الراحل بعنوان «البراءة.. الحلم وأشياء أخرى»، من بطولة: عبدالله محمود وعزة بهاء وسيد عبدالكريم وصبرى فواز ونهال عنبر وسامى عبدالحليم.

تدور أحداث السهرة حول العامل الطموح فى أحد مصانع السيارات «ممدوح/ عبدالله محمود»، الذى استطاع إنجاز اختراع مذهل فى مجال صناعة السيارات، رغم حصوله على مؤهل متوسط، فيشير عليه والده العامل البسيط فى نفس المصنع «سيد عبدالكريم» اللجوء إلى المهندس رؤوف «سامى عبدالحليم» بهدف استشارته وطلب دعمه.

ينفذ «ممدوح» ما طلبه والده، فينبهر «رؤوف» برسومات الاختراع، واصفًا «ممدوح» بالعبقرى، لكن زوجته «نهال عنبر» تحرضه على سرقة الاختراع طمعًا فى مكاسبه المتوقعة، وهو ما ينساق له بالفعل مدبرًا مكيدة لـ«ممدوح» للاستيلاء على حقوقه الأدبية والمادية.

إضافة إلى أهمية موضوع السهرة، وهو السرقة الأدبية، عبّرت اللقطات الأولى ما قبل التتر عن عمق فكرة «ممدوح»، من خلال حركته المتوترة وتفاصيل معيشته، ونجحت المعالجة فى تجسيد طموحه وبراءته، من خلال الخط العاطفى المتجسد فى حبه العذرى لشقيقة المهندس رؤوف «عزة بهاء»، وربما كان هناك احتياج لتبرير تراجعها عن شهادتها التى أدانت «ممدوح»، رغم عدم تجاوبها مع حبه لها.

جسّد الكاتب، أيضًا، تفاقم الطمع لدى «رؤوف» فى الحصول على المجد الأدبى والربح المادى، من خلال شخصية زوجته، التى ساعدت فى فتح شهيته للمكتسبات المتحققة من السطو على فكرة الاختراع، قبل أن تنتصر الأحداث للحلم والبراءة المتجسدين فى رجوع الحق لـ«ممدوح».

عن الحلم والعلم، كتب أسامة أنور عكاشة سهرة «العين اللى صابت»، من إخراج أحمد عبدالحميد، وبطولة أحمد عزمى وعايدة عبدالعزيز وسيد عبدالكريم وميرنا المهندس ورجاء الجداوى.

تدور الأحداث حول الشاب الريفى حمدى «أحمد عزمى»، الذى يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم شهيرًا، كما يقول صوت أسامة أنور عكاشة فى البداية: «كلنا لعبنا كورة فى السن ده.. بس مش كل اللى لعب الكورة الشراب بقوا لعيبة، إلا الموهوب اللى حاسس إن الكورة هى حلمه الكبير اللى هيرفعه للسما.. زى حمدى بلدياتى».

وتضع الأحداث أمام الشاب الموهوب عدة عقبات، منها معارضة أسرته لاحترافه الكرة مخافة تأثيرها السلبى على دراسته، قبل أن تجاريه والدته غالية «عايدة عبدالعزيز» فى النهاية، وترافقه إلى القاهرة، بعد شهادة أحد مدربى الكرة فى النادى الأهلى.

تلجأ الوالدة إلى أخيها على «سيد عبدالكريم»، الذى يستضيفها فى بيته، مع زوجته رجاء «رجاء الجداوى»، ويصاب «حمدى» قبل موعده فى النادى، فتتهم «غالية» أسرة شقيقها «على» بحسدهم ابنها.

الجميل فى السهرة هو انتصارها للعلم والحلم معًا، فبينما تنتهى السهرة بمشهد الميكروباص عائدًا للبلد وبداخله «حمدى» و«غالية»، نسمع صوت الحلم على لسان «حمدى» بقوله: «مش ده آخر مشوارى»، قبل أن نسمع تعليق المؤلف قائلًا: «المشوار مرحش بلاش.. لأنه لقى اللى مش هيخلى بيه.. لقى العلم».

«الكمبيوتر مبيغلطش».. هكذا تتردد تلك الجملة طوال أحداث سهرة «الكمبيوتر»، من إخراج ياسر زايد، وبطولة: ماجد الكدوانى ومنال سلامة وجليلة محمود ويوسف عيد.

تسرد الأحداث مشكلة الموظف حامد «ماجد الكدوانى» غير القادر على الارتباط بخطيبته سهام «منال سلامة»، بعدما يضطر إلى استضافة أخته يسرية «شادية عبدالحميد» بعد وفاة زوجها لتقاسمه شقة والديهما، ما يشكل عائقًا أمام إتمام زواجه لعدم قدرته على توفير شقة أخرى، ورغم فوز شهادة الاستثمار الخاصة به بمبلغ ١٠٠ ألف جنيه، يفاجأ عند استلامه بأن الشهادة الفائزة لا تخصه.

مرة أخرى ينتصر المؤلف للعلم الذى رمز إليه بالكمبيوتر، فى تحريض منه على ألا تتحول أحلامنا للحلول الجاهزة أو تعليق تحقيقها على معجزات، وهو ما يفسر تحطيم البطل للكمبيوتر فى نهاية السهرة كرمز لرغبته فى تحطيم الواقع، الذى يعيقه عن تحقيق حلمه بالزواج من حبيبته.

ربما يعيب السهرة اختفاء بعض الشخصيات فجأة، وانعدام تأثير وجودها، مثل شخصية أم شوقى «جليلة محمود»، إلا أن المؤلف نجح فى تعميق العداء بين «حامد» والكمبيوتر برمزيته، عن طريق أكثر من واقعة، من بينها إجباره على حضور دورة الحاسب الآلى، وتسبب غيابه عنها فى الخصم من مرتبه الذى تكرر أكثر من مرة، ليقابل برد «الكمبيوتر مبيغلطش»، قبل أن يكررها موظف البنك عند إخباره بأن رقم الشهادة الفائزة لا تخصه، كما يقول الكمبيوتر.

تاريخ الخبر: 2022-06-06 21:21:24
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 65%

آخر الأخبار حول العالم

عادل رمزي مدربا جديدا لمنتخب هولندا لأقل من 18 سنة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:26:19
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 56%

عادل رمزي مدربا جديدا لمنتخب هولندا لأقل من 18 سنة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:26:15
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية