"تعالي يامدام خٌدي الولد علشان نايم طول اليوم" ..كانت تلك هي كلمات مسؤولي الحضانة لأم الطفل ريان التي لم تكن تعلم أن بعد تلقيها هذه الكلمات ستكتشف أكبر كارثة تقع على أم، وهي مصرع ابنها، إذ ادعى مشرفو الحضانة أن الطفل نائم لمدة طويلة، وفي حقيقة الأمر اتضح أنه متوفى، وأكد الطبيب على أن الوفاة حدثت منذ عدة ساعات.

وتبين أن العاملة المسؤولة عن رعاية الطفل وضعت السكاتة للطفل، واستعانت بحبل خارجى وربطه فى السرير حتى لا تفلت منه، مما عرض الطفل للاختناق لالتفاف الحبل حول رقبته. 

تلك الكارثة التي حدثت بحضانة الإسكندرية، وراح ضحيتها ذلك الطفل البرئ تفتح ملف إهمال الحضانات، وخطورته والذي نتج عنه موت أطفال واختفاء أخرين وغرقهم وكذلك ضرب لهؤلاء الأبرياء وتعذيبهم بحجة التأديب.

حادثة اختفاء الطفلة كنزي 

ولعل حادثة اختفاء الطفلة كنزي محمد عبدالله الذي وقعت عام منذ عامين كانت واحدة من حلقات داخل سلسلة إهمال الحضانات في مصر، وذلك حين توجهت الأم صباحًا لاصطحاب إبنتها إلى الحضانة، ثم عادت ظهرًا لإحضارها، وعندما سألت الأم مٌشرفي الحضانة عن الطفلة أخبروها أنها لم تحضر اليوم، ما جعلها تٌصاب بحالة صراخ وهيستريا وهي تخبرهم أنها هي من أحضرتها صباح اليوم، وبعد ذلك عثرت هي ووالدها على حقيبة الطفلة التي تذهب بها إلى الحضانة يوميًا ولم يجدا كنزي، ليٌحررا محضرًا في قسم ثانى العاشر من رمضان، وفٌرغت كاميرات المراقبة وفوجئ بخروج الطفلة كنزى من باب الحضانة بسبب الإهمال في ترك الباب مفتوح دون مراقبة، وتم تتبع الكاميرات الموجودة في المنطقة حتى اختفت آثارها.

أم: ضربوا ابنتي في الحضانة بسبب تبولها على نفسها

بكاء دون سبب معروف، وصراخ مستمر يٌصاحبهما حروف متقطعة من حديث غير مفهوم، كانت تلك هي الحالة التي وجدت سٌميّة طفلتها «لوجين» ذات الخمس سنوات عليها أثناء استلامها ذات يوم من حضانتها مثلما تروي لـ«الدستور»، وعند سؤال الأم للمٌشرفة عن سبب بكاء الطفلة، قالت: «ما نعرفش.. تلاقيها بس عايزة تنام».

تقبلت سٌمية كلمات المٌشرِفة بصعوبة، وأخذت ابنتها إلى المنزل محاولة تهدئتها إلا أن البكاء والصراخ مازال مستمر، ومازال السبب مجهول، حتى جاءت اللحظة التي بدّلت فيها الأم ملابس الطفلة الصغيرة، لتكتشف آثارًا من ضرب مٌبرح وجروح امتدت على ظهر ابنتها، وكلما لامست يد الأم جرح بهما ارتفع صراخ الطفلة واشتد البكاء، لتكتشف بالنهاية أن السبب في هذه الجروح هو ضرب عاملة الحضانة للطفلة بحجة تأديبها لتبولها على نفسها وبسبب حركاتها الزائدة.

القباج: 25 ألف حضانة مٌرخصة وغر مٌرخصة 

وبحسب تصريحات سابقة من الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، فإن مصر يوجد فيها حوالي 25 ألف حضانة مرخصة وغير مرخصة، ومٌسجل بها نحو مليون طفل.

رئيس مركز حقوق الإنسان: العقوبة مٌشدّدة

أوضح المستشار نجيب جبرائيل رئيس مركز حقوق الإنسان في حديثه لـ«الدستور» أن تسبب الحضانات في وفاة الأطفال عقوبته عقوبة الإهمال الجسيم الذي أدى إلى الوفاة، مٌشيرًا إلى أن المٌشرع شدّد العقوبة إذا كان المٌتسبب في الوفاة هو الولي على رعاية الطفل إذ تصل العقوبة إلى سبع سنوات سجن بدلًا من عقوبة الثلاث سنوات، وهي العقوبة الرئيسية.

أما في حالات تعرض الطفل للضرب والأذى داخل دور الحضانات فالعقوبة هنا هي السجن من ست سنوات إلى سنة كاملة، وذلك على حسب جسامة الضرر، مؤكدًا على أنه ينبغي للوالدين قبل أن يٌدخلوا أبنائهم لأيًا من دور الحضانة أن يتأكدوا من أنها الأفضل وفوق ذلك أن يتأكدوا ما إذا كانت الحضانة مٌشهرة بوزارة التضامن أم لا موضحًا أن عقوبة عدم الترخيص هي الإغلاق، والسجن لصاحبها فترة من ستة شهور إلى عام كامل.

كما ناشد المٌستشار القانوني الوالدين في حال تعرض أبنائهما إلى أيًا من أنواع الضرر داخل دور الحضانات القيام بالتبليغ الفوري لكل من وزارة التضامن ومجلس الأمومة والطفولة وكذلك المجلس القومي للمرأة، مٌشيرًا إلى أن في حال ثبت الضرر على الطفل تلتزم وزارة التضامن بدفع تعويضًا ماديًا لأهل الطفل باعتبارها مسئولية المتبوع عن فعل التابع.

خبير تربوي: أغلبها حضانات غير مٌرخصة 

من جانبه قال كمال مٌغيث، الخبير التربوي، أن أغلب الحضانات التي يحدث بها وقائع الإهمال هي في الحقيقة حضانات غير مٌرخصة لذا فإن العاملين بها لا يصلٌحون للتعامل مع الأطفال ولا رعايتهم.

وأضاف «مغيث» أن الدولة لابد أن تراقب هذه الحضانات من خلال التفتيش المٌستمر، وذلك من خلال الدور الرقابي لوزارة التضامن الاجتماعي، كما يجب توفير كافة الرعاية الصحية والتعليمية، مطالبًا بالعمل على توفير حضانات فى كل مؤسسة، لتكون تحت رقابة وزارة التضامن الاجتماعي.

كما أشار إلى ضرورة حصر جميع الحضانات غير الرسمية، والتى لا تٌشرف عليها الدولة، خاصة فى المناطق العشوائية، ليتم غلقها، أوتقنينها، وذلك طبقًا للاشتراطات التى ينص عليها القانون، بحيث تٌقدم خدمة مميزة، ويتوافر بها عناصر الأمان.