برّ "الحزب" وبحره


ليس منتظراً من إسرائيل أن تراعي حقوق لبنان في غازه، وهي المعروفة بأعمالها العدوانية وباغتنامها الفرص لتتوسع وتعتدي وتنتهك، عندما تجد أن الظروف الإقليمية والدولية ملائمة، ناسفة القوانين الدولية وفارضة إرادتها فقط لأنها تستطيع ذلك.

وتستطيع أكثر من ذلك، ما دامت تملك التقنيات والتجهيزات والإدارة العلمية والعملية السليمة والمتطورة، وما دامت تحمي حقوق دولتها ومواطنيها.

وما دامت مستكملة تجهيزاتها من دون أي ثغرة قد تطيح بعملها، إن على صعيد التخطيط ومن ثم التنفيذ أو على الصعيد الأمني.

في المقابل ما هي استعدادات لبنان؟ كيف سيفاوض وكيف سيستخرج الغاز ومع أي الشركات سيتعاقد، وكيف سيتعاقد؟

يمكن تخيّل السيناريو. إبرام عقود فقط مع الشركات التي تحترم المحاصصة بين الشريكين اللدودين اللذين يستثمران في التراشق العلني بالاتهامات، وفي التقاسم من تحت الطاولة بكل مقدرات البلاد. والواضح أن التنسيق بلغ بينهما أعلى مستوياته بعد ترتيب وكيل المحور الإيراني لكل التفاصيل بينهما. وبشائر هذا التنسيق بدأت تلوح مع بركة الحركة الدائرة للوسيط الجوال. وهو ولمحاسن الصدف، على علاقة ود بالوسيط الأميركي بين لبنان وإسرائيل في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية.

وبناء عليه، وبمعزل عن العنتريات وعرض العضلات في ما لا طائل منه، وبطولات وهمية لصواريخ ومقاتلين ومسيرات، يبقى أقرب للمنطق والتصديق أن المواجهة في ملف الغاز ستقتصر على التصريحات التي تستهدف الرأي العام اللبناني للتهويل عليه أو لإقناعه بأن السلاح غير الشرعي لا يزال سلاح مقاومة، وليس أداة لتنفيذ مشاريع إيران أينما تتطلب أجندتها ذلك في الدول العربية، باستثناء المواجهة مع إسرائيل في المرحلة الراهنة.

وغني عن التذكير أن تباهي «حزب الله» بامتلاك «وسائط متطورة جداً تتيح له الوصول الى أبعد هدف بحري ثابت أو متحرك في كل البحر المتوسط، وليس قبالة الساحل الفلسطيني فقط، وصولاً إلى البحر الأحمر»، يمكن الطعن به، وذلك لعجزه عن الرد على الغارات الإسرائيلية المتواصلة، وآخرها ليل الأول من أمس، التي تتصيد مقرات ومخازن الأسلحة والذخيرة في مواقع تابعة «للحرس الثوري الإيراني والميليشيات الإيرانية المرتبطة به».

ولعل ما يثبت المنطق باقتصار المقاومة على كل ما هو لبناني فقط لا غير، ما تعكسه الازدواجية بين موقف نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم الذي يقف خلف الدولة عندما يتعلق الأمر بالبحر، وبين عضو شورى الحزب محمد يزبك الذي لا يتوانى عن تهديد الدولة عندما يصبح بر تجار المخدرات في بعلبك مستباحاً من الجيش اللبناني وسلاحه الشرعي.

أما عن «حرارة أكثر وضغط أكثر» في مسألة ترسيم الحدود البحرية، وعن الالتباس في وجود عدوان أو عدمه، وعن دعوة الدولة التي لا يضع عليها الحزب شروطاً بانتظار حسم أمرها، فقوامه رمي الكرة في ملعبها والتهرب من تنفيذ كل التهديدات السابقة التي لا ترجمة لها الا في خيال من يصدق مقولة «نحمي ونبني»، المقتصرة على مافيات المخدرات والتهريب، كما تبين.

بالتالي، ومع الإدراك بأن ما تقوم به إسرائيل يهدد الثروة النفطية اللبنانية، إلا ان ما يقوم به المتحكمون بالدولة اللبنانية المتعثرة خطواتها، وما يقوم به «حزب الله» الذي يمسك بمفاصل السيادة في البر، وما لا يقوم به في البحر أو لن يقوم به إلا إذا استدعت مصلحه مشغِّله الإيراني ذلك، يهدد أكثر بكثير ليس فقط الثروة النفطية اللبنانية، ولكن وجود لبنان برمته.

نقلا عن نداء الوطن

تاريخ الخبر: 2022-06-10 03:17:55
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 87%
الأهمية: 87%

آخر الأخبار حول العالم

دوري أبطال أوروبا.. دياز يواجه مزراوي في ذهاب نصف نهائي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 15:27:21
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

دوري أبطال أوروبا.. دياز يواجه مزراوي في ذهاب نصف نهائي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 15:27:20
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية