لم يبق كثير على انطلاق أول طائرة، محملة بعشرات اللاجئين، مرحّلين من المملكة المتحدة إلى رواندا. تنفيذاً للاتفاق الذي وقعته وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل مع سلطات كيغالي، منتصف أبريل الماضي، والذي بموجبه تصبح رواندا بلداً ثالثاً لاحتجاز طلبي اللجوء لدى بريطانيا في انتظار دراسة طلباتهم.

ولقيت هذه الخطة انتقادات عديدة، آخرها حديث ولي العهد البريطاني، الأمير تشارلز، الذي وصفها بأنها "مروعة". وذكرت صحيفة تايمز أن تشارلز سُمع وهو ينتقد سياسة الحكومة في ملف الهجرة واللجوء. وأبلغ مصدر الصحيفة بأن تشارلز "قال إن شعوره يفوق خيبة الأمل في هذه السياسة، وإنه يعتقد أن نهج الحكومة برمته مروع".

فيما هذا الاتفاق ليس مفاجئاً، إذ تطبخ صفقته منذ يونيو/حزيران 2021. بيد أنه يواجه تحركات قانونية عدة لإبطاله، تقودها منظمات حماية اللاجئين، كما ترى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أنه يخالف القانون الدولي.

ترحيل بأي مقابل؟

ليست بريطانيا هي الوحيدة التي تعتزم تطبيق هذا النوع من الإجراءات، بل سبقتها في ذلك أستراليا التي شيدت مراكز اعتقال للاجئين في جزيرتي ناورو وغينيا الجديدة. ويفتح "الميثاق الجديد للهجرة واللجوء" الذي طرحته المفوضية الأوروبية سنة 2020 الباب أمام عدد من الدول الأوروبية لتطبيق خيار ترحيل اللاجئين إلى دولة ثالثة خارج حدود الاتحاد.

بينما انطلقت المفاوضات على هذا الإجراء بين لندن وكيغالي منذ سنة 2021، وصولاً إلى توقيع اتفاق التفاهم في منتصف أبريل الماضي. وبموجبه قد ترحّل بريطانيا هذه السنة نحو 10 آلاف لاجئ نحو مراكز "الاستقبال" التي تموّلها في رواندا، حيث سينتظرون مرحلة معالجة ملفاتهم من السلطات البريطانية، ومن رُفض يتوجب عليه الاختيار بين المكوث في روندا أو الترحيل إلى مكان آخر.

بالمقابل، تتضمن هذه الصفقة تمويل لندن لكيغالي بحزمة إعانات مالية تناهز 158 مليون دولار، ما انتقدته المفوضية الأممية للاجئين في بيانها، قائلة: "الأشخاص الفارون من الحرب والصراع والاضطهاد يستحقون التعاطف. ولا ينبغي مقايضتهم كسلع ونقلهم إلى الخارج لمعالجة قضاياهم".

صفقة غير قانونية

ويقود نشطاء ومنضمات الدفاع عن اللاجئين معركة قضائية لتعطيل تنفيذ الاتفاق. هذه المعركة التي تجرى على مرحلتين: أولى، من أجل تعطيل أول رحلة قسرية للاجئين نحو روندا. والثانية، من أجل الطعن في بنود الاتفاق ككل.

وقالت محامية مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في هذه القضية، لورا دوبيكنسي، إن الخطة البريطانية "ليست دقيقة"، ما يجعل المفوضية تقف موقف المعارضة ضدها. وأردفت المحامية: "في اجتماعات أبريل (التي أجرتها مع سلطات لندن وكيغالي) أثارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مخاوف تتعلق بالقدرات وحوادث محددة للإعادة القسرية، ما جعلها تخلص إلى أن الخطة غير قانونية".

وأوضح رضا حسين، المحامي الثاني للمفوضية في هذه القضية، أن مخاوف الهيئة التي يمثلها تضمنت أدلة على أن طالبي اللجوء يمكن أن يُحرموا بشكل تعسفي من حضور جلسة استماع ومحامٍ ومترجم، وقد يجدون أنفسهم مُرحّلين إلى دول تمارس التعذيب.

وتابع حسين: "هذه مخاوف أُبلغت بها سلطات المملكة المتحدة، ومع ذلك فإن موقف وزير الخارجية هو أن الأمم المتحدة تعطي الضوء الأخضر لهذه الخطة، وهذا ادعاء كاذب، كون الأمم المتحدة لم تطّلع على مدى سلامة صنع القرار في كيغالي، على الرغم من مزاعم وزيرة الداخلية بريتي باتيل أن رواندا آمنة".

ورفض قاضِ بالمحكمة العليا يوم الجمعة إصدار أمر مؤقت بتعليق الرحلة الأولى، وأيّد ثلاثة قضاة في محكمة الاستئناف هذا القرار اليوم الاثنين.

وقال القاضي رابيندر سينغ إن محكمة الاستئناف لا يمكنها التدخل في الحكم الأصلي "الواضح والمفصل"، ورفض السماح بأي استئناف جديد. ومن المقرر عقد جلسة كاملة لتحديد شرعية السياسة كلياً في يوليو/تموز.

وفي دعوى قضائية ثانية في المحكمة العليا في وقت لاحق رُفضت الدعوى، وقال القاضي جوناثان سويفت إن جميع من في الرحلة نالوا فرصة أن يتحدى محامون موكلون منهم قرارات ترحيلهم.

وتقول جماعة حقوقية إن هذه السياسة غير إنسانية وستعرض المهاجرين للخطر. وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن رواندا، التي يخضع سجلها في مجال حقوق الإنسان للتدقيق، لا تملك القدرة على معالجة طلبات اللجوء، وثمة خطر من احتمال عودة المهاجرين إلى البلدان التي فروا منها.

TRT عربي