يدخل المغرب معركة السباق نحو بحث أسواق بديلة لوادراته من قمح، ذلك لتجاوز ما خلّفته السنة الفلاحية الصعبة من تداعيات سلبية، إثر شحّ الأمطار وضعف الانتاج المحلي من القمح، علاوة على الأزمة المتواصلة على الأراضي الأوكرانية..واقع يدفع الرباط دفعا في إتجاه الاصطدام بواقع آخر لا يقّل مراراة عن سابقه يتجلى في ارتفاع الطلب على الورادات العالمية وأسواق بعينها على غرار دول أمريكا اللاتينية.
تعديل بوصلة الإمدادات التي قام بها المغرب من خلال تنويع مصادر التوريد، ساعد البلاد على البقاء نسبيا محصّنة ضد التقلبات في السوق العالمية…الكلام هنا لوزير والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد الصديقي، ردا على سؤال كتابي من مجلس النواب.
ويستورد المغرب سنويا من الخارج، خصوصا من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وأوكرانيا وكندا، ما بين 60 و75 مليون قنطار من الحبوب، من القمح اللين والصلب والشعير والذرة. في المقابل يزيد الطلب الداخلي على الواردات من هذه المادة، خاصة من كندا والهند، إذ تبين المعطيات حاجته إلى 5.4 ملايين طن، بزيادة 5 في المائة (2.6 مليون طن) عن المستوى المقدر لعام 2021-2022.
واستورد المغرب خلال شهر يناير المنصرم 805 آلاف طن من القمح، مقابل 338 ألف طن في الفترة نفسها من سنة 2021، وهو ما يعكس استعداد المملكة لأي سيناريو يعيق وصول القمح.
المسؤول الحكومي، أشار إلى أنه خلال النصف الأول من الموسم الحالي، طلب المغرب إمدادات القمح من 15 دولة مختلفة، حيث شكلت البرازيل والأرجنتين 41 % من واردات المغرب في فبراير الماضي، مبرزا أن خطة تنويع الموردين تبقى حتى الآن فعالة إلى حد كبير في حماية البلاد من الكثير من الاضطرابات والتقلبات السائدة في سوق الغذاء العالمي.
وأوضح الوزير في جوابه، أن أسعار القمح الصلب في الدول المصدرة الرئيسية، وخاصة فرنسا وكندا لا تزال مرتفعة للغاية، وأن الحكومة تدرس إجراءات مختلفة للتخفيف من تأثير أسعار القمح الصلب ومشتقاته على القوة الشرائية للمغاربة، وذلك في خضم الإشكاليات التي خلقتها الحرب المحتدمة بين موسكو وكييف.
بحث المغرب أسواق جديدة للقمح، يتعرض إلى بحث آخر لمجموعة من الدول التي أُغلقت في وجهها خطوط الإمدادات الروسية الأوكرانية. ما سيشعل الصراع على الفوز بتوقيع اتفاقيات ثنائية في هذا الباب، لعلها تسد حاجات تلك البلاد من المادة الحيوية، التي ينعي نقصها، دفع الملايين إلى المجاعة.
فتسارع حدة السباق العالمي نحو القمح بعد اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية، وتداعياتها بإثارة أزمة مستقبلية تتعلق بمخاوف تأمين المحصول، لا سيما أن الدولتين بالمراتب الأولى عالمياً في صادراته بالإضافة إلى الزيت النباتي، اللتين بدأتا تنفدان من الأسواق لكثرة الطلب عليهما، خصوصاً بعد تهافت الشركات التجارية بتخزينهما عقب التيقن من غلاء سعريهما عما قريب وفقدانهما من الأسواق.