في جميع أنحاء العالم يربح "المؤثرون الأطفال" مئات الآلاف، وربما ملايين، من الدولارات لوالديهم على وسائل التواصل الاجتماعي. ومن السهل على الآباء فتح هذا الباب للدخل إذ عليهم فقط فتح حساب على وسائل التواصل الاجتماعي وملؤه بالصور ومقاطع الفيديو لجميع الحركات اللطيفة التي يؤديها أطفالهم، وعندما يكتسب الآباء ما يكفي من المتابعين، فإنهم يفتحون الباب للربح بترويج بعض العلامات التجارية. مع ذلك، لا يعرف هؤلاء الآباء، الذين زادت أعدادهم بسرعة في السنوات الأخيرة، أنi بعد 18 عاماً، يمكن لأطفالهم مقاضاتهم لانتهاك حماية البيانات الشخصية.

عندما تخطط لنشر الحياة اليومية لطفلك على الإنترنت والتعاون مع العلامات التجارية، فمن الضروري معرفة لوائح القوانين المتعلقة بهذا الموضوع، فلكل دولة قانونها الخاص بعمالة الأطفال، الذي ينظم السن القانونية وعدد الساعات التي يمكن للفرد العمل فيها بموافقة الوالدين. في تركيا، وهي طرف في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، يُسمح للأطفال الذين تزيد سنهم على 14 عاماً بالعمل في وظائف خفيفة حتى لا تكون حياتهم التعليمية في خطر. فكيف يكون هذا لمن هم تحت سنّ 14 عاماً؟

اتخذت وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية التركية إجراءات ضد الآباء الذين يكسبون المال من وسائل التواصل الاجتماعي من خلال مشاركة صور أطفالهم، فأنشأت فرقاً تحت اسم "مجموعة عمل وسائل التواصل الاجتماعي" فعلى من ينطبق نشاط هذه الفرق؟

تحدثت TRTHABER إلى المحامية بينار حاجي بكداش أوغلو حول السيناريوهات المحتملة لـ"المؤثرين الأطفال" الذين أصبحوا مرئيين جدّاً على وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً، والآباء الذين يكسبون المال بهذه الطريقة في جميع أنحاء العالم في المستقبل.

قالت حاجي بكداش أوغلو: "تتساوى حقوق الطفل مع الحقوق الفردية في النظم القانونية العالمية والاتفاقيات الدولية والقانون المحلي، مع ذلك فإن متابعة ومراعاة هذه الحقوق ليست إلزاماً للأطفال بل للآباء. وفي مكان تُسلَّم فيه حقوق الطفل الأساسية إلى الوالدين أوصياء، إذا ظهر مؤثرون أطفال، فهذا يعني أن الحقوق الأساسية للطفل لم تُراعَ بشكل صحيح".

استغلال الأطفال لتحقيق أرباح على مواقع التواصل الاجتماعي (Getty Images)

أسر تعتدي على أطفالها

وبينار حاجي بكداش أوغلو، محامية تعمل من أجل اتخاذ تدابير صارمة في هذا الصدد. تقول إن صور الأطفال ومقاطع الفيديو معرَّضة لإساءة معاملة الأطفال بغضّ النظر عمن يشاركها ولأي غرض.

تقول المحامية: "أعتقد أنه يجب أن يحدث تدخُّل أكبر في هذا الصدد، خصوصاً للعائلات التي تكسب مئات آلاف الدولارات بإساءة معاملة أطفالها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. إذا كانوا يُظهِرون الطفل بانتظام على وسائل التواصل الاجتماعي خاصتهم ويروّجون السلع والمنتجات بهذه الطريقة، فهذا يعني أن الطفل يُستغلّ لتحقيق مكاسب مالية. إذا كان ذلك يحدث بانتظام، بالطبع، يتعرض الطفل لسوء المعاملة".

وتوضّح حاجي بكداش أوغلو في مقابلتها: "أنت لا تستغلّ لُطف طفلك، بل تحقّق مكاسب مالية وتجارية على حساب طفلك، تماماً مثل طفل يبلغ من العمر 10 سنوات يُحظَر عليه العمل المهني أو التدرُّب وفقاً لقانون العمل، وفي حالة الأطفال المشهورين والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي فإن طفلاً يشارك والداه حياته كل يوم، بلا إرادة منه، يعني هذا أن الطفل وُظّف عاملاً، وهنا يأتي دور القانون. بادئ ذي بدء، تُحذَّر الأسرة، وتبدأ عملية إغلاق أو تعليق حساب التواصل الاجتماعي في إطار حقوق الطفل الأساسية".

تضيف المحامية: "مؤخراً أصبح ملحوظاً للغاية أن علامات تجارية معيَّنة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي تروّج منتجاتها عبر الأطفال الصغار. إن إنشاء وزارة الأسرة والتأمينات الاجتماعية مجموعة عمل لمتابعة هذه السلوكيات إجراء صحيح للغاية، بما في ذلك الحسابات التي فتحتها العائلات نيابة عن الأطفال تحت السن القانونية".

"الأطفال يرفعون دعاوى قضائية في المستقبل"

توضّح حاجي بكداش أوغلو أن العائلات ستواجه مشكلات في هذا الصدد في المستقبل، إذ "قد يكون ظهور الأطفال في هذه المقاطع المصورة كل يوم مسلّياً، ولكن بمرور الوقت يمكنهم التعبير عن شعورهم بالخجل من حالتهم حتى بعد 6 أشهر. هذا واقع، لأن هؤلاء الأطفال يكبرون، وسوف يسألون ويلومون أنفسهم وآباءهم بالأحكام القيمية للمجتمع الذي يعيشون فيه".

وتؤكّد المحامية أنه من الناحية القانونية "إذا نظرنا بعد سنوات، فمن المحتمَل جدّاً أن يقاضي هؤلاء الأطفال والديهم، قائلين إنهم هاجموا الحقوق الشخصية لهم وقتما كانوا أطفالاً. يُعَدّ الكشف عن سجلك دون موافقتك مخالفاً لقانون حماية البيانات الشخصية. وحقيقة أن أحد الوالدين نشر هذا بلا تصريح وموافقة الطفل، الذي لا يملك الأهلية اللازمة لمثل هذا الإجراء بطبيعة الحال، لا تتوافق مع مبادئ حماية البيانات الشخصية".

TRT عربي - وكالات