في حديث شيق جمعني بأحد الأصدقاء كان يحدثني عن عدم فهم ابنه الصغير آلية استخدام أشرطة الكاسيت، تساءل وقتها عن التسارع التكنولوجي وماهية وأهمية الرقمنة للحياة والاقتصاد، فأجبته بأن الرقمنة بشكل مبسط هي عملية لتحويل ما هو تقليدي إلى الصيغة الرقمية مع التحسين في نطاقات مختلفة أهمها الإجراءات والوقت، وهو نموذج يحمل اتجاهاً للنمو والازدهار، مع تنامي مفهوم الاقتصاد الرقمي، الذي وصل بحسب المنشور إلى قرابة 20 تريليون دولار، أي أكثر من 23 % من حجم الناتج الإجمالي العالمي لعام 2020م.
وأخبرته بأن العالم يعيش تطورات متسارعة في المجال الرقمي، وهو ما يقود الدول إلى التسابق لتعزيز قدراتها وبناها التحتية الرقمية بهدف تحسين نوعية جودة الحياة، فضلاً عن كفاءة الإدارة العامة في القطاعات المختلفة وقدراتها الإنتاجية على الخارطة التجارية العالمية.
تساءل يومها عن المستفيد الفعلي من هذا التوجه، قلت له إنهم الناس في تعاملاتهم المختلفة اليومية، التي تحولت إلى مرحلة جديدة استفادت منها المؤسسات لتتحول لأعمال تجارية واسعة النطاق في الوقت الراهن.
وتابعت بأن التحول الرقمي هو هدف يجمع أطرافا مختلفة، وعلى رأسها الحكومة والقطاع الخاص والقطاع غير الربحي، الذين على الرغم من اختلاف أجنداتهم الخاصة إلا أن التوازي والتوازن هو عنوان تلك العلاقة من أجل تحقيق الهدف المتمثل في النتيجة الأمثل، التي تمكّن من الاستفادة من الحوافز والفرص الجديدة، واستخدامها كميزة تنافسية تدعم الدخول إلى أسواق جديدة وتحسّن المناخ الاستثماري في البلدان.
وقلت له كما أن الأنشطة المتعلقة بالأجهزة والشبكات والبرامج جزء من محور حديثنا، فإن التقدم المستمر في عمليات التحول الرقمي، الذي قاد إلى تقنيات من بينها الـ (blockchain)، والواقع المعزز، والاتصالات الرقمية، والبيانات الضخمة، وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والروبوتات والدرونز، ساهمت بشكل كبير في تغيرات كبيرة في الحياة الحالية مقارنه بأوقات سابقة، على سبيل المثال عمليات التسوق والمتاجرة الإلكترونية، والعملات الرقمية، والمنتجات من السلع والخدمات الرقمية، بالإضافة إلى استخدام تقنية الروبوتات في العمليات الجراحية أو الذكاء الاصطناعي كجزء من تطوير الطب لتشخيص وتحسين كفاءة نظام الرعاية الصحية، وكذلك عمليات المراقبة البيئية بالدرونز، علاوة على التعليم عن بُعد، الذي عشناه خلال فترة الجائحة، التي لولا الله ثم الحلول الرقمية لما تمكنا من التعامل معها بتلك المرونة.
سألني عن المستقبل التكنولوجي، الذي سنشهده، قلت له إن عملية التطور الرقمي هي عملية مستمرة، وأن التغييرات بها مستمرة ولا يمكن التنبؤ بما سيظهر، إلا أنه يمكنه متابعة الجديد في التقنيات الناشئة واستقراء المستقبل، كما أن البيانات هي أثمن الأصول القابلة للاستثمار في عصر الاقتصاد الرقمي، وهنا توقفنا عن الحديث على أمل النقاش لاحقاً عن البيانات والاقتصاد.
