الوزيرة السابقة بوشارب: عِشتُ حالة نفسية خاصة يوم التعيين وأفتخر أنني ابنة المدرسة العموميّة


  • حاورها: كريم بوخصاص

 

لم تعمر طويلا في الوزارة، بعد أن حملتها رياح تعديل حكومة سعد الدين العثماني إلى كرسي وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة في 9 أكتوبر 2019، وغادرته مع انتهاء ولاية الحكومة بعد عامين، لكنها حاولت أن تترك بصمتها في هذه الحقيبة الوزارية “الثقيلة” التي جمعت أكثر من قطاع، حيث تقول بأن المنصب شبيه بحصان سرجه من ذهب لا يجب امتطاء صهوته، بل يجب جر الحصان لإرجاعه لأهله.

 

في هذا الحوار من سلسلة “ذاكرة وزراء سابقين”، تعود بوشارب بذاكرتها إلى الفترة ما بين أكتوبر 2019 وأكتوبر 2021 التي قضتها وزيرة في حكومة الإسلاميين الثانية، لتسترجع بعضا من حيثيات استوزارها باسم حزب الحركة الشعبية، وتُقدم جردا شاملا لكل ما حققته في عامين وحتى المشاريع التي لم تر النور لأسباب مختلفة. كما تُفصح عن كيف كانت علاقتها برئيسها في الحكومة وتفاصيل اتصالها المباشر مع جلالة الملك.

 

عُينت وزيرة لإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة في أكتوبر 2019 في التعديل الذي طال حكومة سعد الدين العثماني التي اعتمدت في نسختها الثانية على تجميع أقطاب في حقائب وزارية، فما هي حيثيات وكواليس استوزارك؟

> ردا على هذا السؤال، أود أن أتحفظ على لفظة «كواليس» التي قد توحي للقارئ بصفة قدحية وبأن الحياة السياسية تجري في سياق غير طبيعي. الأمور كانت جد عادية. فبعد قرار إجراء تعديل في التشكيلة الأولى للحكومة التي كان يرأسها السيد سعد الدين العثماني، وكانت الحركة الشعبية، الحزب الذي أنتمي إليه، معنية بهذا القرار، تم اقتراحي حسب ما هو متعارف عليه في مسطرة التعيينات في المناصب السامية، وقد حظيت، ولله الحمد، بنيل الثقة الملكية السامية بتعييني في منصب وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، وهي الثقة التي سأظل معتزة بها ما حييت.

لقد كان يوم الأربعاء 9 أكتوبر 2019 يوما جد مهم في حياتي، لأنه حمل بشارة تكليف وتشريف من طرف جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. ولقد تزامنت هذه اللحظة مع تواجد والدي ووالدتي رحمة الله عليها عندي، بعد خضوع والدي لعملية جراحية معقدة، وكان وَالِداي هما أول من أخبرت بالاستقبال الملكي للحكومة ظهيرة نفس اليوم بالقصر الملكي العامر بالرباط.

بالطبع، لا أخفي أنني كنت في حالة نفسية خاصة ذلك اليوم، لأنه كما كان يقول جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني «لكل داخل دهشة»، لا سيما وأنني سأكون بعد لحظات في حضرة ملك عظيم له محبة كبيرة في قلوب الجميع وتشعر كل ما تلتقي به بجو هيبة خاصة.

هل كنت تعرفين أنك ستتولين حقيبة «إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة» أم كنت مرشحة لشغل حقيبة أخرى؟

> أبدا، لم يكن لدي أدنى علم حتى بأنني سأكون ضمن لائحة المستوزرين فبالأحرى معرفة القطاع الذي سأتولى الإشراف عليه. فكما تعلمون، فإن مسطرة التعيين في مثل هذه المناصب لها قنواتها ومساطرها بدءا من مشاورات رئيس الحكومة مع الأمناء العامين للأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي وصولا إلى عرض الأسماء المقترحة على النظر السديد لجلالة الملك الذي يمتلك صلاحيات تعيين الوزراء.

المعروف داخل الحركة الشعبية أن عدد النساء اللواتي تولين حقائب وزارية باسم الحزب قليل، ألا ترين أنك كنت محظوظة بالاستوزار؟

> فعلا أنا هي الوزيرة الثالثة في تاريخ استوزار نساء الحركة الشعبية بعد تجربتي كل من الأختين حكيمة الحيطي وفاطنة لكحيل، علما أن حزبنا غني بالكفاءات النسائية التي تستحق الاضطلاع بمختلف المسؤوليات.

شخصيا لا أربط القضية بمسألة الحظ، لأن الأمر مرتبط بمسؤوليات هي تكليف وأمانة وتشريف من طرف أعلى سلطة في البلاد. أؤكد بكل صدق أنني لما اخترت الانخراط في العمل السياسي سنة 2009 ورسا هذا الاختيار على الحركة الشعبية، كان ذلك من منطلق التجاوب مع الخطب الملكية السامية الداعية إلى مشاركة المواطنين في الشأن السياسي وضمان الانخراط في المشروع المجتمعي الديمقراطي التنموي الذي أرسى جلالة الملك لبناته وأسسه ومرتكزاته.

وعبر سنوات تدرجي في هياكل الحزب، كانت صفة المواطنة تحكمني قبل أي صفة أو موقع نضالي، إذ كان هاجسي وشغلي الشاغل هو خدمة وطني وملكي.

بعد استوزارك بنحو خمسة أشهر تقريبا اضطر المغرب إلى فرض الطوارئ الصحية لمواجهة جائحة كورونا التي اجتاحت العالم أجمع، كيف دَبَّرتِ الوزارة خلال تلك الفترة؟ وهل كنت تشتغلين من منزلك أم حافظت على حضورك الدائم في المكتب؟

> أؤمن دائما بأنه في لحظات المحن يُختبر معدن الإنسان، وبأنه كما يقول المثل «رب ضارة نافعة». وبالفعل، كان انتشار جائحة كوفيد-19 لحظة قاسية وفارقة في حياة البشرية ككل، غيرت نمط العيش وكلفت خسائر في الأرواح وأضرت باقتصادات العالم، لكننا في المغرب، وبهدي من الله، حبانا عز وجل بملك عظيم ذي رؤية استباقية وحد المغاربة من أجل خوض تحدي مواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة في إطار روح التضامن.

على مستوى الوزارة، وبحكم الطبيعة الاستراتيجية للقطاع وأدواره الاقتصادية والاجتماعية، كان الهاجس الأول بالنسبة لي وللفريق الذي يشتغل معي هو الحفاظ على السلامة الصحية للعاملين والمحافظة على مناصب الشغل التي يوفرها القطاع. من أجل ذلك، كان من الضروري البحث عن إيجاد حلول وبدائل مبتكرة وحشد كل الطاقات مركزيا وجهويا ومحليا من أجل ذلك.

في الأيام الأولى لفرض الحجر الصحي، ومن أجل المحافظة على ارتفاع معنويات المنتسبين إلى القطاع، كان لزاما علي التواجد في الوزارة إلى ساعات متأخرة وعقد اجتماعات مسترسلة مع المسؤولين والأطر بمشاركة المسؤولين الجهويين والمحليين عن بعد، طبعا في إطار احترام التدابير الاحترازية. كما كان عملي متواصلا حتى من المنزل، لأن الوضع كان يفرض اليقظة على مدار الساعة.

خلال مرحلة الوزارة، كيف كنت تدبرين علاقتك مع أفراد أسرتك الصغيرة وعائلتك؟ وهل كان يبقى لك وقت لمجالستهم؟

> طبيعي جدا بعد تحمل مسؤولية عمومية أن يطرأ تغيير على الحياة الخاصة للمسؤول، لاسيما في ظل ظرفية مثل الجائحة، لكنني ولله الحمد وجدت تفهما كبيرا لدى أسرتي الصغيرة التي تفهمت وقدرت طبيعة عملي وطموحاتي واختياراتي وكانت سندا لي في كل نجاحاتي.

بالنسبة لوالدي ولوالدتي رحمها الله، ومن باب الأبوة والأمومة، فقد تحملا انشغالاتي عنهما ولم يبخلا علي بالدعاء، وكانا بدورهما يتجشمان عناء التنقل من طنجة إلى الرباط لاقتناص لحظات اللمة العائلية.

 

لطالما انتشرت أخبار عن خلاف كبير بين مكونات حكومة سعد الدين العثماني، كيف كانت تَمُر اجتماعات مجلس الحكومة؟

> كانت أجواء عادية يطبعها الحرص الجماعي على نجاح التجربة الحكومية، وقد تعرف في بعض الأحيان تباينا في وجهات النظر ونقاشات إيجابية تنتهي إلى التوافق.

كيف كانت علاقتك مع بقية أعضاء الحكومة؟ وهل سبق أن حصل أي نوع من التداخل في الاختصاصات أو ما شابه ذلك؟

> لقد كانت علاقاتي سواء مع السيد رئيس الحكومة أو باقي زميلاتي وزملائي الوزراء مبنية على الاحترام والتقدير المتبادلين.

أما بالنسبة لتداخل الاختصاصات كما أشرتم إلى ذلك، فأقول إن اختصاصات وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة واضحة، لكن وضعها كقطاع أفقي يتقاطع مع عدد من الوزارات يستدعي بالضرورة التنسيق معها لإنجاح التقائية السياسات العمومية. وعلى سبيل المثال، وللطبيعة الاستراتيجية للقطاع، كان التعاون منتظما مع وزارة الداخلية والسلطات الترابية التابعة لها. كما شمل التنسيق باقي الوزارات التي تتقاطع اختصاصاتها مع اختصاصات القطاع.

 

التحقت بالحكومة في منتصف ولايتها، فهل أثر ذلك على حصيلتك؟

> الأكيد أن الإجابة عن سؤالكم بشكل يوفيه حقه أمر جد صعب، لأن المنجزات المحققة كما المشاريع التي أنجزت أو التي برمجت كثيرة ولا يمكن اختزالها في بضعة سطور. كما أود أن أذكر أيضا بأنني لست من الذين يحاولون تبخيس الناس الذين سبقوني إلى المسؤولية حقوقهم، لأنني أؤمن أشد الإيمان باستمرارية الدولة وبتراكم عطاءات الجميع خلال فترات تحملهم المسؤولية. لقد حاولت قدر استطاعتي أن أساهم بقيمة إضافية لفائدة القطاع وللوطن قبل كل شيء بمعية نساء ورجال أكفاء اشتغلت معهم جميعا في إطار روح الفريق الواحد.

السنتان اللتان قضيتهما على رأس الوزارة كانتا سنتي عمل متواصل برفقة كافة مكونات الوزارة والمهنيين وباقي السلطات العمومية المعنية. فعلا كانت الظرفية صعبة، إذ بعد خمسة أشهر من تعييني، اجتاحت بلادنا ومعها العالم من حولنا جائحة كوفيد-19 التي كانت لها تداعيات اقتصادية واجتماعية لم يسلم منها القطاع، لكن بعون من الله وبفضل الرؤية الملكية النيرة والاستباقية، استطعنا، بروح التضامن وإعمال الابتكار وتظافر جهود الجميع، تحويل الأزمة الصحية إلى فرصة لرفع التحديات. وقد تمكنا من المحافظة على استمرارية أنشطة القطاع وعلى مناصب الشغل التي يوفرها والتي تتجاوز المليون.

هل غيرت الجائحة أولويات الوزارة؟

> تزامنا مع ظرفية جائحة كوفيد19، تم الاشتغال كأولوية على مجموعة من الأوراش تهم أولا تبسيط المساطر المتعلقة بمجال التعمير من خلال رقمنة جل خدمات الوكالات الحضرية والتدبير اللامادي لوثائق ومخططات التعمير، وتهم ثانيا المحافظة على صمود القطاع من خلال مجموعة من الإعفاءات الضريبة من قبيل إعفاء مقتني السكن منخفض التكلفة من فئة 140 ألف درهم من رسوم التسجيل بنسبة 100 في المائة والتخفيض من رسوم التسجيل على العقارات المعدة للسكن والقطع الأرضية المخصصة للغرض نفسه بنسبة 50 في المائة على ألا تتجاوز قيمتها 4 ملايين درهم، علاوة على تمديد الإطار الضريبي لهيئات الاستثمار الجماعي للعقارات (OPCI) ليشمل الإيجارات السكنية. وقد مكنت هذه الإجراءات من تحقيق ارتفاع في المعاملات العقارية سنة 2020 مقارنة مع سنة 2019.

هذا وتعززت هذه الرؤية باعتماد الرصد واليقظة المجالية من خلال إحداث المرصد الوطني للديناميات المجالية وأربعة مراصد جهوية من أبرز أهدافها مواكبة التخطيط الاستراتيجي الجهوي والمساهمة في تنزيل ورش الجهوية المتقدمة وتجميع وتحليل ونشر المعلومات المتعلقة بالديناميات والتحولات والتفاوتات الترابية وإنتاج المؤشرات الترابية المساعدة على اتخاذ القرار.

هنا فقط أود أن أوضح أن أهمية القطاع وتنوع وتعدد مجال تدخلاته استراتيجيا واقتصاديا واجتماعيا، تفرض الاعتماد على ترتيب البرامج والمشاريع وفق عدد من العناوين الكبرى. وفي هذا الإطار، أذكر بمصادقة المجلس الحكومي يوم 17 دجنبر 2020 على مرسوم إحداث اللجنة الوزارية لإعداد التراب.

أما في ما يخص سياسة المدينة، فقد تم الاشتغال على هذا الورش وفق رؤية متجددة هادفة إلى تقليص الفوارق الاجتماعية والتفاوتات المجالية وتحسين إطار عيش الساكنة وخلق الثروة وتوفير خدمات القرب والمساحات الخضراء، وهي رؤية مبنية على وضع إطار تعاقدي جديد ينخرط فيه كل المتدخلين، على أساس أن تعطى الأولوية للمدن والمراكز التي لم تعرف الاستفادة. كما اشتغلنا في هذا الإطار على دفتر جديد للتحملات يحدد معايير الاستفادة من الاتفاقيات.

ومن المرتكزات التي اعتمدتها أيضا هذه الرؤية المتجددة بلورة تصور جديد في ما يخص قطاع السكن، يقوم على تقليص العجز السكني عبر عمليتين، تهم الأولى امتصاص ما تبقى من السكن غير اللائق ولاسيما دور الصفيح من خلال برنامج تكميلي لاستيعاب 80 ألف أسرة لم تكن مبرمجة وكذا عبر تسريع طريقة المعالجة باعتماد إعادة الإسكان بدل الإيواء والإقليم كوحدة للبرمجة مع إرساء جيل جديد من الاتفاقيات وفق منهجية جديدة للتعاقد، ومواكبة هذا النمط من التدخل بتعبئة العقار اللازم مع وضع آليات تمويل ملائمة في إطار الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص مع إشراك البنوك.

أما العملية الثانية فتهم توفير السكن اللائق والميسر لكل الفئات الاجتماعية، علما أن فترة الولاية الحكومية تزامنت مع استنفاد البرامج السكنية المبرمجة سابقا خاصة السكن الاجتماعي الذي عرف النجاح، مما طرح التفكير في وضع برامج جديدة وفق رؤية استراتيجية مبتكرة تعمل على تحسين ظروف عيش الساكنة وتجويد الأداء والتحكم في البرامج العمومية وخاصة المتعلقة بمحاربة السكن غير اللائق.

وبحكم انتمائي إلى أسرة سياسية اختارت الدفاع عن العالم القروي كأولوية، عملت مع فريقي على دعم المشاريع المندمجة لتنمية العالم القروي، وخاصة البرنامج الوطني للتنمية المندمجة للمراكز القروية الصاعدة. كما وجب التذكير بتبسيط مساطر الترخيص بالبناء في العالم القروي بالتعاون مع الشركاء الجهويين والإقليميين وخاصة حل إشكالية شرط التوفر على الهكتار الواحد، وتوفير المساعدة المعمارية المجانية.

وأختم كخلاصة بأن منطق استمرارية الدولة يقتضي العمل على تنزيل الاستراتيجيات السالفة الذكر التي تمت بلورتها على أرض الواقع وكذا تسريع المصادقة على عدد من القوانين.

 

هل كان يحصل اتصال مباشر بينك وبين جلالة الملك خلال مدة استوزارك؟

> على افتراض وجود اتصالات بين جلالة الملك نصره الله وأي مسؤول في الدولة، فمن المفترض أن «المجالس أمانات» وأن احترام المقام له ضوابط ومستلزمات مرعية في التعامل مع المؤسسة الملكية.

ما يمكن قوله في هذا الباب هو أن تأدية القسم أمام جلالة الملك تشكل اتصالا دائما مع جلالته، وبالتالي فإنني في كل اللحظات التي تلت تعييني وزيرة، لم تفارق هذه اللحظة كياني، وكنت حريصة كل صباح وأنا ألج مكتبي في الوزارة على استحضار هذا القسم وبذل أقصى الجهد من أجل أن يكون أدائي جديرا بهذا القسم وأن أكون في مستوى الثقة الملكية الغالية.

إن وجود صورة جلالة الملك والعلم الوطني في مكاتب المسؤولين له رمزية كبرى تذكرهم باستحضار توجيهات جلالة الملك والواجب إزاء الوطن في عملهم على مدار الساعة.

 

خلال تدبيرك للوزارة، كنت من الوزراء القلائل الأقل حضورا في الإعلام خاصة على مستوى البوليميك السياسي، ما دواعي هذا الاختيار أم أنك تحبين الاشتغال في صمت؟

> بداية، أود التأكيد على مسألة أساسية في تعاملي مع الإعلام. لم أسع أبدا في حياتي المهنية والسياسية، قبل وبعد الوزارة، وراء «تلميع الصورة»، بل كنت حريصة على احترام الحق في المعلومة وتوفيرها حول ما يهم قطاع إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة. وبمناسبة طرحكم هذا السؤال أوجه تحية تقدير إلى الإعلام النزيه الذي واكب أنشطة الوزارة بكل مهنية وموضوعية وكان له دور مهم في تسهيل تدبيرنا لمرحلة صعبة مرتبطة بجائحة كوفيد19.

ربما القضية الوحيدة التي تطرق إليها الإعلام تهم ملف «باب دارنا» والتي كانت مناسبة لإثارة الانتباه إلى تحديد المسؤولية خاصة مع كثرة المتدخلين. لقد تجاوبنا بسرعة مع الموضوع، حرصا على أجواء الثقة بين مقتنيي السكن والمنعشين العقاريين والمحافظة على حقوق كلا الطرفين. وفي هذا الإطار، قمنا بإحداث لجنة عمل لمراجعة النص المتعلق بتعاونيات السكن وبإعداد إطار قانوني خاص للجمعيات السكنية، علاوة على إعداد مرسوم جديد لبيع البنايات التي لم يُستكمل إنجازها (VEFA) والتنصيص على ضمانات استكمال الأشغال، بالتشاور مع المهنيين والقطاع البنكي والمالي ومؤسسات التأمين والموثقين.

وصلة بهذا الموضوع، أذكر بالنص القانوني الجديد المتعلق بالوكلاء العقاريين الهادف إلى إرساء مناخ الثقة على صعيد التداولات العقارية، وضمان الأمن التعاقدي للمعاملات العقارية، وتحريك دواليب الاستثمار في المجال العقاري، حيث تم إعداد مشروع قانون لتنظيم مزاولة المهنة وفق مقاربة تشاركية منفتحة على المهنيين، في حرص على تجسيد انتظاراتهم بشأن ضرورة التأطير القانوني الأنسب للمهنة.

 

بعد مغادرتك الوزارة، كيف تعيشين بعد أن خلعت جلباب الوزيرة؟

> أستحضر مقولة هي حِكمة في حد ذاتها ما فتئ يرددها أحد أصدقائي: «التعيين في منصب سامي شبيه بإهدائك حصانا سرجه من ذهب، لا يجب أن تمتطي صهوته أبدا، بل حاول جر الحصان حتى ترجعه إلى أهله».

هذه المقولة تحيل إلى أن المسؤولية تكليف وليست تشريفا فقط، وبالتالي فإن بلوغ المناصب لا يجب أن يغير من طبيعة وقيم الفرد وارتباطه بنبض المجتمع.

حياتي بعد مغادرة الوزارة لا تختلف عن حياتي قبل تحمل المسؤولية. لقد عدت إلى الاهتمام أكثر بأسرتي الصغيرة وخاصة ابني زياد الذي افتقدني كثيرا خلال فترة انتدابي الوزارية. كما تصادفت فترة مغادرتي الوزارة بمرض والدتي رحمها الله، وأحمد الله عز وجل أنني كنت حاضرة معها في تلك الفترة العصيبة والقاسية وحاولت أن أرد لها ولو النزر القليل مما بذلته من تضحيات من أجل تربيتي. والحمد الله أنني نعمت برضاها رحمة الله عليها. الحياة بعد الوزارة لا تعني نهاية المطاف وسدرة المنتهى، لأن الواجب اتجاه الوطن لا يقتصر على المناصب، إذ لا أزال أقوم بالتزاماتي داخل الحزب كعضو في المكتب السياسي ورئيسة لمنظمة النساء الحركيات (الذراع النسائي للحزب) ومواصلة نشاطي الجمعوي كرئيسة للمجموعة الدولية للتواصل «ConnectinGroup»، علاوة على مزاولتي لنشاطي السابق في مكتب الدراسات.

قناعتي هي أن خدمة الوطن والإسهام من أي موقع في رفع التحديات المطروحة أمامه ليست مرتبطة بطبيعة المواقع والمناصب، بل تبقى هذه المهمة النبيلة فرض عين على كل مواطن حتى آخر رمق.

 

كيف كانت علاقتك برئيس الحكومة سعد الدين العثماني؟ وهل كان يتجاوب معك؟

> علاقاتي مع رئيس الحكومة طبعها الكثير من التقدير والاحترام المتبادل، وقد كان يحسن الإصغاء وبابه مفتوح مع حرصه على التجاوب مع كل الاقتراحات الكفيلة بتسهيل عمل القطاع الذي كنت أشرف عليه.

 

انطلاقا من تجربتك وشغلك حقيبة وزارية وازنة، كيف تقيمين حضور المرأة داخل الحكومة؟ وهل تتفقين أنها تتعرض للحيف بإسناد حقائب غير وازنة إليها؟

> لا يمكن إلا التأكيد عن إيمان واقتناع بأن حضور النساء في مختلف مواقع القرار هو حضور جد مشرف وبرهنت من خلاله النساء ليس فقط عن الكفاءة، بل أيضا عن النزاهة والتفاني وتجسيد القيم المثلى ونقلها إلى المحيط وإلى الأجيال الجديدة. وهنا أشير إلى أن المغرب دشن مرحلة جديدة مع الحكومة السابقة بإسناد قطاعات استراتيجية إلى كفاءات نسائية.

قبل استوزارك اشتغلت لسنوات في مكتب للدراسات، هل كان لذلك أثر في طريقة تدبيرك للوزارة؟

> أنا خريجة المدرسة العمومية المغربية وأعتز بقيمة هذا المرفق العمومي وباقي المرافق العمومية المنتجة التي ساهمت في بناء الدولة المغربية العصرية، لكنني بطبيعتي كعاشقة لركوب التحدي، قررت استثمار معارفي العلمية والتقنية في القطاع الخاص من خلال مكتب للدراسات على الرغم من أن الطريق ليس مفروشا بالورود.

الإشادة بالعمل في القطاع الخاص لا يعني أبدا وبأي شكل من الأشكال التنقيص من دور القطاع العام، بل أؤمن بأنهما يكملان بعضهما البعض شرط الالتقاء حول هدف نبيل: خدمة البلد.

طبعا العمل في القطاع الخاص يفرض الاشتغال بطريقة مبتكرة مبنية على تحقيق الأهداف من خلال برامج مدققة، وهذا هو الأسلوب الذي اعتمدته في تدبير الوزارة ولقي تجاوبا مع مسؤولي وأطر الوزارة، مع الإشارة إلى أن الإدارة المغربية وعكس ما يروج عنها من صور نمطية زاخرة بكفاءات لا تقل عن مثيلاتها في القطاع الخاص.

تاريخ الخبر: 2022-06-24 12:18:39
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 71%
الأهمية: 72%

آخر الأخبار حول العالم

قالمة: 45 رخصـة استغـلال واستكشـاف للثـروة المنجميـة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 03:24:16
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

إبادة جماعية على الطريقة اليهودية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:06:57
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 92%

تبسة: اتفاقية للتقليل من تأثيرات منجم الفوسفـات ببئر العاتـر

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 03:24:18
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية