يعتقد البعض ان اهتمام الدول بشكل عام والمملكة العربية السعودية بشكل خاص في المنشات الصغيرة والمتوسطة ودعمها لهم هو امر اعتيادي، ومبادرة كأي مبادرة اخرى، وهذا امر مغلوط تماما، بل ان دول العالم اجمع تتفق على دعم هذه الفئة من المنشات نظرا لتركيبتها وعددها الكبير والمؤثر على اقتصاديات كبرى الدول خاصة فيما يتعلق بمساهمتها بالناتج المحلي وخلق فرص العمل وهما اهم معيارين لدعم اقتصاد اي دولة بالعالم . ففي المملكة فقط تبلغ نسبة المنشات الصغيرة والمتوسطة 99.5% من اجمالي المنشات بالمملكة حيث يبلغ عددها 752 الف منشاة وهي نسبة كبيرة ومؤثرة جدا تستدعي الاهتمام بها.
وعندما نتحدث عن مساهمة المنشات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي لدول العالم المتقدمة، نجد انها تسهم في الصين باكثر من 60% من اقتصادها، وتتجاوز 50% في كلا من اليابان وكوريا الجنوبية والمانيا والولايات المتحدة الامريكية بينما تساهم هذه الفئة من المنشات بنسبة لاتزيد عن 25% في اقتصاد المملكة العربية السعودية وهي نسبة قليلة جدا علما بان الهدف هو الوصول لنسبة 35% بحلول عام 2030. والامر ذاته فيما يتعلق بالمساهمة في خلق فرص العمل، حيث تسهم هذه المنشات بمايقارب 80% من الوظائف في كلا من كندا وكوريا والصين والمكسيك ، فيما تساهم هذه المنشات باكثر من 70% من وظائف دول الاتحاد الاوروبي تقريبا، بينما تبقى مساهمة هذه المنشات في خلق الوظائف بالمملكة دون 50% وهو الامر الذي دفعني لكتابة هذه المقالة بحكم اهتمامي بجانب الموارد البشرية
ولذلك نجد الحراك سريعا وكبيرا بالمملكة لتسريع وتيرة نمو هذه المنشات حيث كان اخرها استضافة الرياض للمؤتمر العالمي لريادة الاعمال برعاية كريمة من لدن سمو ولي العهد حفظه الله وتحت اشراف (منشات) ، حيث تم التعزيز خلال هذا المؤتمر على اهمية ريادة الاعمال والمنشات الصغيرة والمتوسطة والدور الريادي الذي تقوم به (منشات) من خلال تقديم كافة برامج الدعم من معسكرات رواد الاعمال الى مسرعات اعمال الى التمويل والذي كان عائقا امام رواد الاعمال وحجر الزاوية في تأسيس المشاريع، وذلك عبر حملتها التوعوية بعنوان #التمويل_الصح، بالإضافة إلى بوابة التمويل الخاصة بمنشات والتي تتضمن جهات التمويل وبرامج الدعم والياته، حيث تم تمويل حتى الان اكثر من 4 الاف جهة الى الان بقيمة تجاوزت 14 مليار ريال عبر عدة منتجات تمويلية اشهرها واحدثها التمويل الاقراضي بما في ذلك القرض المضمون، والذي تقدمه البنوك والجهات التمويلية، اضافة للنقلة النوعية التمويلية التي سيحدثها بنك المنشات الصغيرة والمتوسطة والذي وافق على تأسيسه مجلس الوزراء بداية العام برأس مال 12 مليار ريال.
مستقبل كبير ينتظر المنشات الصغيرة والمتوسطة بالمملكة، ومن خلال الحراك الذي تقوم به (منشات) للدفع بهذه الشريحة المهمة من المنشات، حتما سنتعرف على قصص نجاح ريادية مميزة خلال الفترة القادمة ستدعم استدامة هذه المنشات وستسهم باذن الله في خلق مزيد من الوظائف والمساهمة بشكل اكبر في الناتج المحلي مما يعزز اقتصاد الدوله ويدعم مبدأ تنويع مصادر الدخل، كل ذلك واكثر سيدفع بترتيب المملكة العربية السعودية في موشرات التنافسية الدولية لمزيد من التقدم الامر الذي سيجعل المملكة حاضنة مهمة لريادة الاعمال على المستوى الخليجي والعربي والاقليمي وربما العالمي ايضا.
*نقلا عن صحيفة "مال" السعودية.
