إلى متى سيتحمل المغرب وحده مخاطر ملف الهجرة السرية؟


الدار/ تحليل

ما هي المكافأة التي يمكن أن يحصل عليها المغرب نظير تحمّله لتبعات موقعه الجغرافي الذي يقع على الحدود الجنوبية الغربية لأوربا؟ ما هو المقابل الذي يمكن أن يغطي تبعات تحمّل بلادنا لانهيار المنظومة الاجتماعية والاقتصادية في إفريقيا سواء في شمالها أو في جنوب صحرائها؟ لا شيء يمكن أن يعوّض بلادنا عن حجم المخاطر الأمنية والبشرية الناتجة عن فتح حدوده أمام الجوار الإفريقي لأسباب إنسانية بالدرجة الأولى. لقد أقرّ المغرب سياسة إفريقية قائمة على الانفتاح والتعاون وتعزيز الشراكة مع دول القارة السمراء، وكان من نتائج هذه السياسة تقوية الحضور المغربي في الدول الإفريقية وبالمقابل احتضان عشرات الآلاف من المهاجرين الأفارقة الذين اتخذ بعضهم المغرب مستقرا لهم بينما تعتبره أعداد كبيرة منهم بلد عبور في انتظار فرصة مناسبة للوصول إلى الضفة الشمالية من البحر المتوسط.

المغرب لا يدفع فقط ثمنا ماديا باهظا لاستقرار هؤلاء المهاجرين وتوفير الحد الأدنى من شروط العيش الكريم لهم وإدماجهم في منظومة الخدمات الاجتماعية، بل يدفع ثمنا آخر اليوم يتعلق باستقراره الأمني خصوصا في المناطق المحاذية للجوار الأوربي. على مشارف المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية تعاني السلطات المغربية معاناة كبيرة لضمان حالة الاستقرار وضبط الأمن بسبب هذه الأعداد الهائلة من المهاجرين الأفارقة الذين ينظمون عمليات اقتحام جماعي خطيرة للسياج المحيط بالمدينتين ويؤدي ذلك في كثير من الأحيان لإصابات قاتلة في صفوف قوات الأمن وكذا بين هؤلاء المغامرين من الراغبين في الهجرة غير الشرعية.

خسائر بشرية مؤسفة تم تسجيلها في صفوف قوات الأمن يوم الجمعة الماضية، وبينما ينشغل الإعلام المغرض في بعض بلدان الجوار وبعض الدول الأوربية بحصيلة الوفيات بين المهاجرين الأفارقة لا أحد يسأل عن شهداء الواجب من قوات الأمن الذين ضحوا بأنفسهم من أجل حفظ الأمن ومنع عملية الاقتحام في إطار وفاء السلطات المغربية بالتزاماتها مع الطرف الأوربي والإسباني المصرّ بالمناسبة على استمرار احتلال هذا الثغر المغربي. هل يعلم هؤلاء المغرضون ما معنى أن ينظم أكثر من 2000 مهاجر سري في لحظة واحدة عملية اقتحام في شكل مسيرة على الأقدام وقد عقدوا العزم على ألّا يثنيهم شيء عن الوصول إلى هدفهم؟ هذه الجماعات من المهاجرين عندما تتخذ قرارا كهذا فهي تفعل ذلك بمنطق “ربحة ولا ذبحة” الذي يعني ألّا شيء لديها لتخسره وأنها تضع نصب عينيها خيارين إما العبور أو الموت.

على الجيران الأوربيين الذين يسمحون أيضا بترويج هذه الترّهات عن أوضاع حقوق الإنسان في أوساط المهاجرين السريين المنتمين إلى إفريقيا جنوب الصحراء أن يتوقفوا عن مزايداتهم الرخيصة ويتحمّلوا مسؤولياتهم الحقيقية تجاه معضلة الهجرة السرية. فالمغرب لا يمكنه أن يتحمّل كل بؤس القارة الإفريقية وحده ويتحمّل فوق كل هذا وذاك الانتقاد واللوم والمعاتبة من طرف أولئك الجالسين في مكاتبهم الفخمة المكيّفة ينظّرون ويحللون بعيدا عن الواقع. بعضهم لا يخجل عندما يذكر أن المغرب يحصل على مخصصات مالية من الاتحاد الأوربي مقابل قيامه بالحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية للمواطنين الأفارقة.

إنه كلام يبعث على الضحك والبكاء في الوقت نفسه، ويكفي أن يطّلع هؤلاء الخبثاء على الرقم الفلكي الذي تحصل عليه إسبانيا من أجل تأمين سواحلها وحدودها في مواجهة الهجرة غير الشرعية، في الوقت الذي لا تتكدّس فيه جموع المهاجرين الأفارقة على التراب الإسباني وإنما داخل التراب المغربي في المناطق المحيطة بمليلية وسبتة المحتلتين وفي كل مناطق المغرب قادمين من الحدود الشرقية للجارة الجزائر التي لا تفتح حدودها البرية يا للعجب إلا عندما تريد طرد المهاجرين السريين أو اللاجئين الموجودين على أراضيها باتجاه المغرب. ما يقدمه الاتحاد الأوربي بين الفينة والأخرى من مساعدات مخصصة لاحتواء موجات الهجرة السرية لا يمكنه أن يكفي حتى لشراء تذاكر الحافلات لنقل هؤلاء من المناطق الشمالية التي يتجمهرون فيها باتجاه وسط وجنوب المغرب وإبعادهم عن مناطق التماس.

تاريخ الخبر: 2022-06-27 21:24:13
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 62%

آخر الأخبار حول العالم

«فيتش» ترفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية - أخبار مصر

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 00:21:03
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 60%

المحكمة تحجز ملف التازي للمداولة وتصدر حكمها الليلة

المصدر: الحرية تي في - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-04 00:20:39
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية