من النعم التى لا تقدر بثمن أن جعل الله سبحانه وتعالى العبادات فى كل وقت وجعلها كثيرة ومتنوعة؛ ليستطيع المسلم القيام بها واستغلالها فى تكفير الذنوب ومحو السيئات، مثل الصلوات غير المفروضة وصيام التطوع والنفل والعشر الأول من ذى الحجة.
التى هى من أعظم الأعمال، لما لها من فضائل عظيمة كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: (أفضل أيام الدنيا أيام العشر).. فكيف يغتنم المسلم هذا العطاء الربانى؟ هذا ما توضحه الدكتورة ماجدة هزاع أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر بقولها: فاضل الله سبحانه وتعالى بين الأماكن، فجعل الصلاة فى المسجد الحرام بمكة بمائة ألف صلاة فى غيره، وفاضل بين الأزمنة فجعل ليلة القدر خير الليالى ويوم النحر ويوم عرفة من أفضل الأيام.
وفاضل بين الملائكة، فجعل سيدنا جبريل عليه السلام مقدم وهو الأمين صاحب الوحى إلى الأنبياء والرسل، وفاضل بين الانبياء فجعل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أشرفهم وأفضلهم فقد صلى بهم إماما فى ليلة الإسراء والمعراج، وفاضل بين الكتب المنزلة من لدنه فجعل القرآن أفضل الكتب وفاضل بين الأمم فجعل أمة محمد صلى الله عليه وسلم آخر الأمم زمانا وأولها مقاما.
وتضيف: بين الرسول صلى الله عليه وسلم فضل هذه الأيام المباركات فقال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا: ولا الجهاد فى سبيل الله يا رسول الله قال: ولا الجهاد فى سبيل الله إلا رجل خرج بماله ونفسه ثم لم يرجع من ذلك بشىء)، لذا فقد وضح النبى صلى الله عليه وسلم أن ألوان الطاعات والقربات الى الله هى من أحب الأشياء إلى الله فى هذه الأيام.
وتوضح أن من القربات والطاعات التى يمكن للمسلم أن يؤديها أولا أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة وأن يعود إلى الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويأخذ الأمر على محمل الجد والعزيمة وأن يعمل على تحقيق لا إله إلا الله بطاعته واجتناب ما نهى عنه قال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله)، وقال صلى الله عليه وسلم: (كل أمتى يدخلون الجنة إلا من أبى قيل ومن يأبى يا رسول الله قال من أطاعنى فقد دخل الجنة ومن عصانى فقد أبى).
وهذا بالإضافة إلى الإكثار من الأعمال الصالحة مثل بر الوالدين وصلة الأرحام والصدقات والتكبير والتحميد والتهليل وقراءة القرآن، ونحر الأضحية لمن استطاع والصوم فيها ولو فى يوم عرفة والدعاء، و رد المظالم إلى أهلها واسترضاء الخصوم، لأن الإسلام حرم الظلم وجعله من كبائر الذنوب وتوعد الظالمين قال تعالى: (وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون).
كذلك استقبال العشر الاوائل من ذى الحجة بسداد الديون قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)، فلا يأكل بعضنا مال بعض دون وجه حق كاليمين الكاذبة والغصب والسرقة والرشوة والغش والتغرير والربا وغيرها.
وذلك لأن أكل أموال الناس بالباطل حرام فى كل زمان ومكان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأدخله النار قام رجل وقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان شيئا يسيرا قال ولو كان عودا من أراك).
وتؤكد: يستحب استقبال هذه العشر وغيرها من الأيام بأكل الحلال ذاتا وكسبا، لأن فيه إعانة على العمل الصالح وهو من أسباب قبول الأعمال قال النبى صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا).
وتختتم بقولها: على كل منا فى مجاله وموقعه أن يقدم أفضل ما لديه لخدمة الناس ونفعهم وخاصة التجار باجتناب الغش والتطفيف والاحتكار، فالحرام مانع من قبول الدعاء ويجب الحفاظ على المال العام للدولة وعدم الاعتداء عليه، لأنه من باب الافساد فى الأرض الذى نهى عنه الله سبحانه وتعالى.
اقرأ ايضا | استاذة فقه: فضل ليلة القدر عظيم ورؤيتها كرامة | حوار
