مترجمون عن ترجمة الشعر: «خيانة كبرى للنص»

تغير قصيدة شعرية من لغتها الأصلية إلى للغة أخرى قد يؤثر على موسيقى وعروض القصيدة ذاتها، وهو ما يعد من أبرز مشكلات ترجمة الشعر من لغات أخرى إلى اللغة العربية والعكس، وهو ما أجمع عليه عدد من المترجمين فى سياق حديثهم لـ"الدستور"، ليس هذا فحسب بل يصل الأمر عند بعضهم حد "الخيانة الكبرى" وهو ما أكدت عليه المترجمة دكتورة سهير المصادفة الرئيس السابق لسلسلة الجوائز فى حديثها.

عن مشكلات ترجمة الشعر من وإلى اللغة العربية، وما المطلوب من المترجمين لتفادى تلك الخيانة، وأمور أخرى كثيرة تتعلق بهذا الملف ذهبنا الى عدد من المترجمين:

مدير "القومى للترجمة": ترجمة الشعر للصفوة والشعر يترجمه الشعراء

قالت الدكتورة كرمة سامى، مدير المركز القومى للترجمة، إن ترجمة الشعر للصفوة، والشعر يترجمه الشعراء، هم القادرون على فهم لغتهم الخاصة وعلى فك شفراتها، ترجمة الشعر من العربية إلى اللغات الأجنبية سهلة نسبيا، أما إلى العربية فهي التحدي الحقيقي والإعجاز بسبب خصوصية اللغة العربية وتفوق شعرائها، ولدينا أمثلة تاريخية مثل ترجمة صلاح عبدالصبور لـ توماس سترن إليوت وترجمة أحمد رامي لرباعيات الخيام، وترجمة ماثيو آرنولد لإلياذة هومر.

وأضافت مدير المركز القومى للترجمة فى تصريحات لـ"الدستور"، أنه في زمننا هذا لابد أن نتوقف عند تجربة محمد عناني في ترجمة الشعر، ندرسها ونفحصها جيدًا لنضع معايير الفعل الترجمي وفقا لها.

وتابعت؛ قائلة: "لا يترجم محمد عناني الشعر نثرًا وإنما شعرًا منظومًا ومقفى، يستوعب تجربة الشاعر الشعورية ويستوعب نظمه المجازي ومضامين مفرداته ودلالاتها ليبدع لغة خاصة بالعربية توازي ما أبدعه الشاعر بالإنجليزية، والأمثلة كثيرة، لدينا من ناحية تجربته في ترجمة صلاح چاهين وصلاح عبدالصبور وفاروق شوشة وفاروق جويدة وعزالدين إسماعيل ومحمد آدم، والأهم لدينا للدراسة ترجمته بالفردوس المفقود لـ چون ميلتون وكتابه مصر في الشعر الإنجليزي في القرن التاسع عشر لأربعين شاعرًا على رأسهم لورد بايرون وجون كيتس وشلي وروبرت براونينج وكلها في قالب شعري موزون ومقفى يتميز بسلاسة الأسلوب لأنه في المقام الأول شاعر، كذلك انفرد بمشروع ترجمته لمسرحيات ويليام شيكسبير في بناء شعري عربي يوازي البناء الشعري الشيكسبيرى، أما درة التاج فهي ترجمته لسونيتات شيكسبير التي قدم لها بحسمه لقضية ترجمة الشعر وما يجب أن تتميز به من نظم أمين في النقل يراعي موسيقى الشعر وروحه ووفق قوله: "يستمد جوهره من التقاء الصورة بالموسيقى، هذا ما نعرفه عن أصول ترجمة الشعر وقواعده ومعاييره، وما يخالف ذلك ليس شعرا ولا ترجمة".

أحمد صلاح الدين: ترجمة بيت شعر "طلقة رصاص" لم يعاد إطلاقها مرة ثانية

المترجم أحمد صلاح الدين قال إن ترجمة الشعر لها خصوصية مغايرة عن ترجمة النثر؛ لأن لغة الشعر مختلفة وأنه يعتبر بيت الشعر بمثابة "طلقة رصاص" ليس هناك فرصة أن يعاد إطلاقها مرة ثانية فالكلمة فى الشعر تفرق عن نظيرتها فى العمل النثرى الذى يسمح للمترجم أن يعبر عنها عبر فكرة ثانية وهو ما لا يتاح فى الشعر.

صلاح الدين أضاف فى تصريحات لـ"الدستور"، أنه إلى جانب مستوى اللغة والترميز فى الشعر والتى تعد عالية جداً والخصوصية المفرطة فى الذاتية الخاصة بالنص الشعرى تجعل من الصعوبة أن يقدم المترجم معادل دلالى دقيق للنص الشعرى، مشيرًا إلى أنه مثلا فى روسيا كانت هناك محاولة لترجمة شعر شكسبير خاصة "السونتات" وأنه ظهر أن هناك بعض الترجمات التى وصفت بالترجمات الصحيحة لكنها لم تكن بمستوى الإيقاعات فى النص الأصلى وصعب الإيقاع الأجنبي أو أوزانها يلقى القبول فى مجتمعات أخرى. 

وتابع"صلاح الدين" قائلًا: "على المترجم أن يقوم بعمل معامل دلالى أثناء ترجمته الشعر وهناك بعض المترجمين يقومون بإعادة ترجمة النص مرة ثانية حتى يحقق نفس النتيجة الأقرب إلى النص الأصلى، وأن الترجمة قد تكون معادلة رياضية فى بعض النصوص ولذا ليس هناك استراتيجية واحدة فى الترجمة وهو ما يفرضه النص ذاته ويجب دراسة العصر الذى أنتج فيه النص وطبيعة كاتبه وأيديولوجاته وأن يحاول المترجم أن يقدم أقرب صورة للنص الأصلى".

واستطرد "صلاح الدين" أنه مثلا بالنظر إلى شعر الروسية مارينا تسفيتايفا تجد أن نصوصها تتمتع بخصوصية مغايرة عن شعرية بوشكين الذى ساهم فى تطوير اللغة الروسية وهو ما يختلف فى ترجمة قصائدهم المغايرة.

سهير المصادفة: إذا كان المترجم العادى "خائنًا" للغة الأصلية فمترجم الشعر "ألف خائن" 

الدكتورة والمترجمة سهير المصادفة، الرئيس السابق لسلسة الجوائز، قالت إن الترجمة بشكل عام هى "خيانة كبرى" فما بالنا بترجمة الشعر، وهو ما وصفه بـ"ألف خيانة" للنص الإبداعى مدللة ذلك على أنه حتى لو كانت قدرة المترجم كبيرة فلا تصل "هرمونى" اللغة المترجم منها وإليها فى اللغة المقدم بها القصيدة الأصلية إلى الغة المترجم إليها.

"المصادفة" أشارت أيضًا فى حديثها لـ"الدستور" إلى أن تلك الخيانة ترجع إلى أنه مترجم الشعر لا يعتمد على الشحنة الموسيقية الموجودة فى القصيدة حتى ولو كانت فى قصيدة النثر بل إنه يعتمد على ربما السجع اللفظى؛ وهذا من المستحيل نقله إلى العربية إلا بجهد غير عادى مثلما فعله الدكتور محمد عنانى فى ترجمة أعمال شكسبير خاصة أعماله المسرحية الشعرية وجهوده غير العادية فى نقل مسرحه الشعرى إلى اللغة العربية فى ترجمة أقرب إلى النقل الموزون.

وأشارت"المصادفة" إلى تجربتها عندما ترجمت "حكايات بوشكين الخرافية" وهو شاعر روسيا الأشهر ومؤسس اللغة الروسية الحديثة: كنت منبهرة بها ومحبة لها وترجمتها جميعها وبعد ذلك عندما حاولت أن تترجم بعض الروايات الروسية وجدت أنها لا تترجم بقدر أنها "تؤلف"، لذا فارقت سهير المصادفة الترجمة إلى الأبد من هذه التجربة واكتفت بكونها مؤلفة روايات فقط، مشيرة إلى أن ترجمة الشعر تمثل مشكلة كبيرة جدا لأن الشعر لا ينقل أبدًا، وأنها عندما رأت قصائدها مترجمة إلى الإنجليزية شعرت أنها لم تنقل بهرمونية لغتها الأصلية، كما أنه إذا كان المترجم خائنًا للنصوص فمترجم الشعر ألف خائن للغة الأصلية.

تاريخ الخبر: 2022-07-01 03:21:15
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

تراجع جديد في أسعار الحديد اليوم الخميس 2-5-2024 - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:03
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٢)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:50
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية