نصر حامد أبو زيد.. 12 عامًا من رحيل المفكر الفلسفي (بروفايل)

يعد الدكتور نصر حامد أبو زيد من المفكرين العرب البارزين، بحث في التراث والفكر العربي والإسلامي بعمق ورؤية فلسفية ومنهج عقلاني متوازن، ورغم ذلك أثارت كتاباته ضجة إعلامية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، ويتمتع إنتاجه الفكري الغزير بقيمة معرفية وعلمية كبيرة، على الصعيد العربي والعالمي.

لعبت نشأته وتكوينه النفسي داخل بيئته إذ ولد في إحدى قرى مدينة طنطا في 10 يوليو 1943، أثرا كبيرا في تحديد مساره لاحقا، ليكون واحدا من أكثر المفكرين الجدليين في مجال فقه اللغة والدراسات الإسلامية، كان حلم أبيه أن يواصل تعليمه في الأزهر بعد أن حفظ القرآن الكريم في كتاب القرية، وتبين للأب أن المسار طويل والعمر قصير، فتحول إلى التعليم المدني، ولكن بسبب مرض والده وهو على أبواب امتحانات الإعدادية، فقرر أن يلحقه بالتعليم الفني، وتوفي بعدها في 24 أكتوبر 1957، أي في بداية العام الدراسي، وهذا مكنه من الانخراط من المسؤولية التي وضعته فيها الظروف- مسؤولية الابن الأكبر - بعد الحصول على الدبلوم والعمل فنيا لا سلكيا.

كانت القراءة متعته الوحيدة ونافذة التواصل مع العالم لكسر وحدة "اليُتم"، ولجأ إلى كتابة الشعر وحاول كتابة القصة، لكن نهم القراءة ظل هو الحاكم، ولم يفارقه حلم والده، لكنه صار حلما من نوع آخر انتهى به إلى قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة، وكان هدفه قسم الفلسفة، وكانت محاضرة الفلسفة في السنة الأولى مخيبة لكل آماله فقرر قسم اللغة العربية.

كان لدى نصر حامد أبو زيد تصميم بحكم قراءاته في الأدب أن يتفوق ويكون "معيدا"، ثم يواصل دراسته العليا حتى الدكتوراه ليكون أستاذا، وكانت قراءته في الفكر الديني قبل مرحلة الجامعة لا بأس بها، كما كان قارئا نهما للعقاد وطه حسين ونجيب محفوظ، وكان بباله أن يدرس شيئا عن "النظرية الجمالية الإسلامية" متأثرا بكل هذه القراءات، وحصل على الليسانس في اللغة العربية وآدابها، ثم دمج بين الأدب والفكر الديني في دراسة الماجستير حول "قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة"، وتعتبر هذه نقلة وبداية نشوء وعي فكري ما بأجندة مخفية، ثم حصل على الدكتوراه من نفس الكلية في الدراسات الإسلامية.

وعندما قدم نصر حامد أبو زيد أبحاثه للحصول على درجة "أستاذ" تكونت لجنة من أساتذة جامعة القاهرة بينهم الدكتور عبد الصبور شاهين الذي اتهمه في تقريره بـ"الكفر"، وحدثت القضية المعروفة التي انتهت بتركه للوطن إلى المنفي، منذ 1995 بعد أن حصل على درجة أستاذ، بأسابيع.

رحل نصر حامد أبو زيد عن عالمنا إثر إصابته بفيروس غريب، عاد بسببه إلى مصر قبل أسبوعين من وفاته، ودخل في غيبوبة استمرت عدة أيام حتى توفي صباح يوم 5 يوليو 2010، تاركا إرث من الأعمال والمؤلفات ومنها: الاتجاه العقلي في التفسير (دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة) وكانت رسالته للماجستير، فلسفة التأويل (دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي) وكانت رسالته للدكتوراة، مفهوم النص دراسة في علوم القرآن، إشكاليات القراءة وآليات التأويل (مجموعة دراساته المنشورة في مطبوعات متفرقة، نقد الخطاب الديني، المرأة في خطاب الأزمة، البوشيدو (ترجمة وتقديم)، 
الخلافة وسلطة الأمة نقلة عن التركية عزيز سني بك (تقديم ودراسة نصر أبوزيد)، النص السلطة الحقيقة (مجموعة دراسات ومقالات)، دوائر الخوف قراءة في خطاب المرأة، الخطاب والتأويل، التفكير في زمن التكفير (جمع وتحرير وتقديم نصر أبوزيد عن قضية التفريق بينه وبين زوجته وردود الفعل نحوها)، القول المفيد في قضية أبوزيد (تنسيق وتحرير نصر أبوزيد عن قضية التفريق بينه وبين زوجته)، هكذا تكلم ابن عربي، الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية.

ترجمت معظم كتب نصر حامد أبو زيد إلى اللغات الفارسية والتركية والإندونيسية والألمانية والفرنسية والإيطالية والإسبانية، كما قام بالتدريس في العديد من الجامعات الأوروبية والأمريكية، هذا إلى جانب المشاركة في مئات المؤتمرات وحصد العديد من الجوائز.

تاريخ الخبر: 2022-07-06 15:21:00
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية