أهنئكم إخوتي القراء الأعزاء بمناسبة صوم الرسل واقتراب عيد الرسل الأطهار، الذين استلموا سلطان الكهنوت المقدس من رب المجد، واستمر الكهنوت إلى عصرنا الحالي مع خلفائهم الأساقفة والكهنة، وبهذه المناسبة نستكمل ما بدأناه من دراسة وتأمل في ألحان الكاهن في صلاة الشكر مع ما يصحبها من مردات للشماس والشعب.

الفقرة الثالثة من الجزء الأول من صلاة الشكر: وموضوعها الطلب من الله أن يحفظ كل أيام حياتنا بسلام (من الدقيقة 2:50 إلى الدقيقة 3:46) ومكونة من أربع عبارات موسيقية “إنثوف أون مارينتيهو إيروف هوبوس إنتيف أريه إيرون – خين باي إهوؤو إثؤواب فاي – نيم إهوؤو تيرو إنتى بين أونخ – خين هيريني نيفين إنجي بي باندوكراطور إبتشويس بيننوتي” ومعناهم (وهو أيضاً فلنسأله أن يحفظنا – في هذا اليوم المقدس – وكل أيام حياتنا –بكل سلام، (أقصد) الضابط الكل (الكلي القدرة) الرب إلهنا).

ونلاحظ في هذه الفقرة بوضوح أن النغمات تُعَبِر عن معاني الكلمات، فنلاحظ المقدمة الطويلة “إنثوف أون” (وهو أيضاً أي الضابط الكل) تعبر عن الاستعطاف أو التوسل أو طلب المعونة لكي يحفظنا، فهو ضابط الكل كل الأشياء محكومة بيديه القديرة،ونلاحظ أيضاً في نهاية العبارة الأولى “إنتيف أريه إيرون” (يحفظنا) نجد العلو والتطويل الواضح وكأننا نصرخ ونوجه أنظارنا وأفكارنا نحو الله ضابط الكل حتى يتحنن علينا ويحفظنا من كل شر، وفي كلمة (يحفظنا) يكون الركوز الموسيقي على درجة ثانوية وفيها نوع من الترجي أو التوسل، كما نجد ملاحظة أخرى وهي وجود تطويل بسيط في كلمة “تيرو” (كل أو جميع) عندما يقول كل أيام حياتنا، وفيها تعبير عن طول الأيام والساعات ولحظات حياتنا وكثرة المواقف التي تمر علينا والتي نطلب لأجلها الحفظ والمعونة والسلام، ويؤكد هذا موسيقياً أن العبارات الأولى في هذه الفقرة تركز على ثانية أو ثالثة المقام وهي ركوزات ثانوية (اليوم المقدس – كل أيام حياتنا)، حتى ينتهي في آخر عبارة في هذه الفقرة (ضابط الكل الرب إلهنا) بنفس النهاية المعتادة وعلى نفس الركوز الأساسي الذي يعطي راحة للأذن والنفس، وهذا طبيعي وكأننا ننظر بعيوننا إلى كل مجالات الحياة حولنا ونجدها محكومة بصورة دقيقة جدا من ضابط كل شيء في الحياة فنسلم له حياتنا و أمورنا حتى يضبطها ويحولها إلى ماهو خير وصالح لنا وإيماننا بهذا يعطي هدوء وراحة للنفس، وهنا ينتهي الجزء الأول من صلاة الشكر بمرد بسيط للشماس ثم مرد للشعب (من الدقيقة 3:48 إلى الدقيقة 4:13) من روح المقام الموسيقي الذي إنتهى به الكاهن والذي ينتهي على الدرجة الثالثة وبها إحساس الترجي “بروس إفكساستى” (صلوا أو تضرعوا) وكلمة “بروس” اليونانية تشير إلى (الحركة والإتجاه والقُرب)، وهو أمر يدل على أن عمل الصلاة هو فعل قلبي داخلي يحرك المشاعر تجاه ونحو الله الذي يريد أن يقترب إليه الإنسان بالصلاة (حيث أن الصلاة هي صلة)، وهذا مناسب هنا لأننا في الجزء الثاني من صلاة الشكر نوجه الصلاة هنا بصيغة المخاطب وكأن الجزء الأول هو تحضير النفس والروح والعقل وتفريغه من كل تشتت أما في الجزء التالي من الصلاة سنخاطب الله مباشرة فنحتاج من الشماس أن يُنبهنا لهذة اللحظات التالية فنرد عليه بمرد الشعب “كيريليسون” (يارب إرحم) فنطلب الرحمة من الله ونطلب نعمته حتى نصلي بالروح، فننعم بالصِلة الحقيقية بالله والتحدث المباشر معه بدالة وبذلك نكون في حضرة الله.

الجزء الثاني من صلاة الشكر:

الفقرة الأولى: تتكون من ثلاث عبارات أخرى، وموضوعها مناداة الله الآب ضابط الكل (من الدقيقة 4:13 إلى الدقيقة 4:55) وتتكون من ثلاث عبارات “إفنيب إبتشويس إفنوتي بي باندوكراتور – إفيوت إمبينشويس أووه بيننوتي – أووه بينسوتير إيسوس بيخريستوس” ومعناهم (أيها السيد الرب الإله ضابط الكل – أبا ربنا وإلهنا – ومخلصنا يسوع المسيح)، وهنا يربط مابين النهاية السابقة وبداية الجزء الثاني حيث ختم بكلمة ضابط الكل الرب إلهنا وبدأ بها في الجزء الجديد، وكما قلنا سابقاً أن الجزء الأول تحضير النفس والفكر للجزء التالي.

وموسيقياً نجد أن الفقرة الأولى في هذا الجزء تسير بنفس الأسلوب من حيث المقام والأفكار والجمل والركوزات الموسيقية التي تنتهي بها العبارات في الفقرة السابقة فتطول النغمات في كلمة “إفنيب” (أيها السيد) حيث أن هذه الكلمة لها قدسية وجلال خاص، فهو السيد الذي نقدم له العبادة وكأننا نعطيه التسبيح المستمر والخضوع لجلاله فنُطيل النغمات لنعطي فرصة للتأمل في عظمة الله، وعندما نصل إلى كلمة “بي باندوكراتور” (ضابط الكل أو كلي القدرة) نجد أن اللحن يعلو ليوضح علو مكانة وعظمة الله ضابط الكل، فهو الأعلى بل هو المتحكم والسيد والقدير الذي يحرك كل الأمور بقدرته الفائقة ثم تنتهي هذه الفقرة بنفس النهاية المعتادة.

الفقرة الثانية من الجزء الثاني: وموضوعها شكر الله على كل الأحوال (من الدقيقة 4:56 إلى الدقيقة 5:27) وهي مكونة من أربع عبارات “تين شيب إهموت إنتوتك – كاتا هوب نيفين – نيم إثفى هوب نيفين – نيم خين هوب نيفين” (نشكرك – على كل حال – ومن أجل كل حال – وفي كل حال)، ونلاحظ أن عبارة “تين شيب إهموت” (نشكرك) بها لحن مميز متحرك يعطي إحساس الانسحاق، فيها نتذكر إحسانات الله العديدة التى نشكره لأجلها،والمواقف الكثيرة التي أنقذنا فيها من الأخطار، وفيها نقدم الشكر على الأحوال المتنوعة، ولذلك فإن نغماتها تتكرر وتتابع لتوضح هذا المعنى، وكأننا نحرك أيادينا إلى أعلى حتى نتقبل من الله النعم (حسب المعنى الدقيق للكلمة)، وفي هذه الكلمة نُصبح على مقام راحة الأرواح الذي يعطي إحساس الابتهال وخاصة أننا في هذه الجملة نشكر الله على كل الأحوال، وهي مشاعر متنوعة ومختلطة مشاعر فرح وأحيانا مشاعر شجن وأحيانا مشاعر إنتصار، وهذا المقام يتناسب مع هذه المشاعر المُرَكبَة وفي عبارة “نيم خين هوب نيفين” (وفي كل حال) تنتهي بتطويل في نهايتها يركز على درجة موسيقية ثانوية وفي هذا المعنى يقولمثلث الرحمات قداسة البابا شنوده: “إننا نشكر عندما نقارن حالنا بما هو أسوأ أما إذا قارناه بما هو أفضل فقد نتذمر …أنت يارب تستحق الشكر على كل شيء على النعم التي نراها والنعم التي لا نشعر بها تستحق الشكر على كل حال …لأنك سترتنا وأعنتنا وحفظتنا وقبلتنا إليك وأشفقت علينا وعضدتنا وأتيت بنا إلى هذه الساعة” وهذه هي فكرة الفقرة الثالثة (من الدقيقة 5:28 إلى الدقيقة 5:55) “جي أك إريسكيبازين…” (لأنك سترتنا….) التي تنتهي على أساس السلم (أوالمقام) الموسيقي وتكون نتيجة للفقرة الثانية (نشكرك على كل حال….) التي تنتهي على ركوز موسيقي ثانوي.

وهكذا ينتهي الجزء الثاني من صلاة الشكر بمرد الشماس ومرد الشعب الذي سنتأمل ونشرحه في المرة القادمة بإذن الله.

لينك اللحن بصوت المتنيح المعلم صادق عطاالله:

———- Forwarded message ———
From: site news
Date: Fri, Jul 8, 2022 at 5:06 AM
Subject: مساء الخير يا أ مريم
To:

مساء الخير يا أ مريم
ده الجزء الرابع من صلاة الشكر