حسن توفيق يكتب: 5 قصائد مجهولة لـ«إبراهيم ناجى»

لم تكن الأطلال وحدها..

بل كانت قصائده الرومانسية العديدة لتكون علامات أخرى فى تاريخ الغناء لو أن الحظ حالفها ببعض أنغام السنباطى أو بليغ أو القصبجى أو أى من عمالة الموسيقى وقتها.

ولم تكن علية الطوير هى الملهمة الوحيدة..

هذه السيدة الأرستقراطية، التى أقر المقربون من الشاعر الكبير مؤخرًا بأنها ملهمته فى الأطلال، لم تكن الحالة الوحيدة، فقد اعتاد أن يأتى إلهامه مدفوعًا بجمال إحدى السيدات اللاتى تعامل معهن، يراها فيؤخذ بسحرها، فتنهمر كلماته شعرًا.

لم يكن طبيبًا عاديًا..

بل كانت براعته العلمية لا تقل عن قيمته فى الأدب، هو من مواليد ١٨٩٨، تخرج فى كلية الطب عام ١٩٢٣ وبدأ حياته العملية وصار أحد أهم الأطباء وأشهرهم، ولذلك كانت عيادته عادة ما تمتلئ بجميلات الفن والطبقات الأرستقراطية.

بالتزامن بدأت تجربته الشعرية بترجمة بعض أشعار ألفريد دى موسييه وتوماس مورو، وانتهت بعدد كبير من الدواوين والقصائد منها «وراء الغمام، وليالى القاهرة، وفى معبد الليل، والطائر الجريح» وغيرها.

جزء كبير من شهرة إبراهيم ناجى لدى محبى الموسيقى والغناء يرتبط بقصيدة «الأطلال»، التى لحنها رياض السنباطى وغنتها كوكب الشرق أم كلثوم، خاصة مع النجاح الاستثنائى للقصيدة منذ الحفلة الأولى وحتى وقتنا هذا. هذه الشهرة وإن ارتبطت بجمال الكلمات وروعة التشبيهات واستثنائية الصور، فقد ظل الجميع لفترة طويلة منشغلًا بملهمة الشاعر الطبيب كى يقدم هذه التحفة الشعرية، كانت زوزو ماضى، وكانت زوزو نبيل، وكانت زوزو حمدى الحكيم، وأخيرًا أثبتت الدكتورة سامية محرز، حفيدة الشاعر الكبير، أن ملهمته الحقيقية كانت السيدة علية الطوير. لكن يبدو أن «الأطلال» لم تكن تجربته الوحيدة فى ذلك، فقد تعددت ملهماته كما تعددت قصائده، فقد كان يقال إن ناجى شديد الرومانسية، سريع الحب، ما إن تزوره إحدى الجميلات حتى تتحرك مشاعره وتفيض كلماته فيصيغ قصائده على الروشتة أحيانًا.

نشرت مجلة الهلال فى يونيو ١٩٧٧ موضوعًا عن ملهمات ناجى فى قصائد مختلفة، الفنانة الكبيرة زينب صدقى كتب لها «وداع المريض»، وتظهر لنا الممثلة القديرة زوزو ماضى مرة أخرى كسبب فى كتابته قصيدة «صخرة المكس»، أما سامية جمال فكان من نصيبها قصيدة «بالله.. مالى ومالك»، بينما كتب قصيدة «أمل» فى الشاعرة الكبيرة أمانى فريد، وجاء إلهام قصيد «صولة الحسن» من عازفة تدعى أنعام.

توفى إبراهيم ناجى عن عمر يناهز الخامسة والخمسين، وهى سن صغيرة بكل المقاييس، ولنا أن نتخيل لو أن الله أمد فى عمره قليلًا أو كثيرًا، وزادت زيارات ملهماته لعيادته، من المؤكد أن تراثه الرومانسى من القصائد والأشعار كان ليتضاعف.

ويبقى أن نسأل: هل يمكن لأى من ملحنى ومطربى هذا الجيل أن يتصدى لروائع إبراهيم ناجى ويقدم لنا عملًا أو أكثر نستعيد به متعة الأطلال؟ السؤال قطعًا صعب، والمحاولة بمثابة محاربة قطيع من الأسود داخل قفص لا سبيل للفرار منه سوى الانتصار، فمَن يملك الشجاعة قبل القدرة؟ حتى ذلك الحين دعونا نستمتع بتجارب إبراهيم ناجى مع ملهماته.

كان قدره الذى لم يستطع الفكاك منه أن يظل يعانى من الموت حبًا طيلة حياته التى لم تمتد أكثر من أربعة وخمسين عامًا، حيث تفتحت عينا هذا الشاعر الرقيق على النور لأول مرة فى الحادى والثلاثين من ديسمبر ١٨٩٨ ورحل عن دنيانا إلى تلك الديار المجهولة التى لم يعد من الراحلين إليها أحد فى الرابع والعشرين من مارس ١٩٥٣. لقد عاش الدكتور إبراهيم ناجى خلال سنوات حياته فراشة معذبة حائرة تنتقل من غصن إلى آخر، عساها أن تجد الزهرة المنشودة التى تستقر عليها. وكلما توهم أنه قد وجدها كانت الهوة العميقة ما بين المثال وبين الواقع تبرز له، فتقصيه عمَّا توهم أنه وجد فيه ضالته. ولقد كانت الهوة تفصل ما بين المثال الذى خلقته تصورات شاعر مثالى للمرأة التى ينشدها بكل ما يخلع عليها من صفات سامية وملامح ملائكية تجعلها مرفرفة فى محرابها العلوى، بعيدًا عن البشر الفانين، وبين الواقع الذى تتمخض عنه الحياة بكل ما فيها من نقائص بشرية، وبكل ما تجلبه معها من منغصات أرضية.

والحق أن ناجى كان- فى بعض الأحيان- يتمرد على تصوراته للمرأة التى ينشدها، ويحاول أن يقنع نفسه بأن تلك المرأة لا وجود لها فى الواقع، لأنها من صنع خياله هو فحسب، لكن الحق أيضًا أن هذا التمرد لم يكن يزيد عن كونه فقاعة صغيرة ما تلبث أن تتلاشى.. لنستمع إليه وهو يصرخ صرخة تمرد حادة وعابرة فى نفس الوقت:

هناك فانظر عدد الرمـــــل قلوبًا ونساء

فتخير ما تشاء.. ذهب العمر هباء

ضل فى الأرض الذى ينشد أبناء السماء

أى روحانية تُعـــــصر من طين وماء؟!

وبالطبع.. ما تلبث هذه الصرخة- الفقاعة أن تتلاشى، وما يلبث الشاعر أن يعود إلى الأغلال التى يقيده بها قدره العاتى.

كان من قدره أن تتفتح مخيلته الغضة وهو فى نضارة الصبا على روايات الكاتب الإنجليزى تشارلز ديكنز، الذى حببه إليه وعرَّفه به والده، وقد أولع ناجى برواية «دافيد كوبرفيلد» ولعًا لا حدود له، وتعرف على قصة غرام ديكنز بفتاته «دورا»، وبدأ يسعى سعيًا حثيثًا لأن تكون له هو الآخر «دوراه» التى يهيم بها ويتغنى بأشواقه الظمأى إلى القرب منها، وهو يقول لنا إن ديكنز لم يكن يقول عن دورا إنها حبيبته «بل كان يسميها وجوده العزيز.. أبدع وصف فى لغة الهوى الرفيع.. لم تكن حبيبته فحسب.. بل كانت وجوده جميعًا.. كونه الملهم.. وحبه الصافى». وكما عرف ديكنز وجوده العزيز فى شخص دورا عرف شاعرنا الفتى- وقتها- وجوده العزيز فى فتاته «ع. م» التى كانت إحدى قريباته الجميلات، وكانت حبه الأول الذى ظل يطارده طيلة حياته بغير أمل، إذ إنها لم تتجاوب مع عاطفته تجاهها، ولم تكن تلقاه بسوى العطف والإشفاق وحدهما، وقد جعله هذا يحس بالظمأ الروحى الدائم، حيث ظل خيال هذا الحب يكبر معه كلما كبر صاحبه وتقدمت به خطاه فى رحلته مع الحياة. والواقع أنه كان بوسعى أن أتحدث عن هذه الحبيبة الأولى التى ألهبت خيال الشاعر، والتى أبدع فيها أرق وأعذب قصائده العاطفية، لولا أن السيدة أميرة ناجى- ابنة الشاعر الكبرى- قد أشارت بألا أفعل هذا حرصًا على الروابط العائلية.

تزوجت «ع. م» وأصبحت لها حياتها الخاصة بعيدًا عن الشاعر، لكنه لم يستطع أن يمحو صورتها من ذاكرته، على الرغم من تغربه بعيدًا عن ديارها بالقاهرة، حيث راح يباشر عمله باعتباره طبيبًا فى المنيا وسوهاج وفى المنصورة التى تعرف فيها على صديقه الشاعر على محمود طه، وعاد الشاعر إلى القاهرة، وكان أول ما عمله أن قادته قدماه إلى ديار الحبيبة، كما كان الشعراء الجاهليون يقفون على أطلال حبيباتهم فيبكون ويستبكون، عاد الشاعر إلى تلك الديار لينشدنا أروع قصائده فى تلك الفترة، متسائلا فيها عمَّا دعاه للعودة بعد أن شاء قدره أن يحرمه ممن أحب:

لم عدنا؟ أو لم نطو الغرام / وفرغنا من حنين وألم

ورضينا بسكون وسلام / وانتهينا لفراغ كالعدم

أيها الوكر إذا طار الأليف / لا يرى الآخر معنى للسماء

ويرى الأيام صفرا كالخريف / نائحات كرياح الصحراء

شاء الشاعر أن يبتعد عن الدوامة التى أخذ يتقلب فيها بلا طائل وأرهقه الإحساس بالضياع فحاول أن يتغلب عليه بالزواج، وكان ذلك عام ١٩٢٧، حيث تزوج السيدة «سامية» ابنة اللواء محمد سامى أمين، محافظ القاهرة فى ذلك الوقت، وعلى الرغم من أنه كتب قصيدتين رقيقتين يصور فيهما حبه لها، إلا أن مثاله المنشود ظل ماثلًا أمامه يذكره بالحرمان فيزيده ظمأ على ظمأ.

وهكذا انطلق ناجى انطلاقًا جامحًا بغية أن يرتوى من الحب، وكان مجال الوسط الفنى مجالًا خصبًا لبحثه عن الارتواء الروحى، لكن هذا المجال لم يكن يخلف فى أعماقه سوى الزفرات والحسرات التى تزيد من إحساسه بالحرمان الروحى فى كل تجربة يخوضها مع فنانة من الكثيرات اللواتى التقى بهن، فقد كان المثال الحالم الرومانسى الذى خلقته تصوراته للمرأة التى ينشدها، غير موجود فى واقع الحياة، فكان إذا عرف فنانة من الوسط الفنى، وتوهم أنه وجد فيها هذا الشىء الحالم المثالى يقترب منها، لكن سرعان ما يصحو من خياله ويكتشف أن الشىء الذى يبحث عنه غير موجود فى أعماقها فيتركها إلى غيرها.

من هنا يتبين لنا أن - كل غراميات ناجى كانت محصورة فى نطاق الوسط الفنى فى تلك الفترة باستثناء علاقته بحبه الأول «ع. م» وبالسيدة الفاضلة زوجته، وأنه لم يحقق الارتواء الذى كان يطلبه لروحه الظمأى المتعطشة إلى الحب، حيث ظل يعانى- كما قلت- من الموت حبًا.

وإذا كانت ذكرى هذا الشاعر الرقيق الذى يعد- بحق- عميد شعراء الحب فى أدبنا العربى الحديث قد انقضت يوم الرابع والعشرين من مارس الماضى دون أن يهتم بها أحد أو تنوه بها أجهزة الإعلام، فإننا نرجو ونطمع فى إقامة مهرجان حافل له تتبناه أجهزة الإعلام ومحافلنا الأدبية معًا فى ذكراه المقبلة «٢٤/٣/١٩٧٨» حيث سيكون قد انقضى على غياب صوته الشعرى الأخاذ ربع قرن من الزمان.

على أن مجلة «الهلال» قد نبهت لذكرى شاعرنا الراحل وكلفتنى باختيار خمس قصائد مجهولة من شعر ناجى لتنشر على صفحاتها، وقد فرحت بهذا ورحبت، وها هو قارئ «الهلال» يلتقى بهذه القصائد فى هذا العدد الجديد.

كتب ناجى أولى هذه القصائد عام ١٩٢٨ وكانت ملهمته فيها الممثلة زينب صدقى التى كانت مشهورة وقتها بأدائها الرائع لدور «ليلى» فى مسرحية «مجنون ليلى» للشاعر العظيم أحمد شوقى، وقيل إنها وقتها كانت مريضة وعالجها الشاعر إلى أن شفيت وكتب هذه القصيدة «وداع المريض».

أما «صخرة المكس»، فقد كتبها عام ١٩٤٠ وكان عمره وقتها ٤١ عامًا وملهمته التى ألهمته نظمها هى الممثلة زوزو ماضى، وكانت بينها وبينه رسائل متبادلة ما زالت تحتفظ بها لديها. ومن الطريف أن نذكر أن الشاعر كتب مقالًا فى مجلة «الاستوديو» عام ١٩٤٨، متحدثًا فيه عن زوز ماضى فأراد أن يجاملها- فيما يخيل لى- فأنطقها بيتين من الشعر على أساس أنها التى كتبتهما، بينما هما فى حقيقة الأمر بيتان من أبيات «صخرة المكس»، لناجى والتى ينشرها الهلال لأول مرة فى هذا العدد، حيث قال ناجى فى مقاله «عرفت زوزو ماضى وهى أديبة صافية لم تشبها السينما بشائبة، عرفتها وهى تستوحى البحر وتنظم فيه شعرًا، قالت زوزو تناجى البحر:

عرفتك والمصيف عليك زاه / كقرن الشمس يضطرم اضطراما

عرفتك والشتاء يمد ظلا / وينشر فى جوانبه القتاما

هل تذكر هذا الشعر الآن فنانة السينما وهل تعاوده وهل تحن إليه؟ إنها تحب كل شىء أزرق حتى رسائلها..».

أما قصيدة «بالله.. مالى ومالك» فيبدو أن «سامية جمال» قد طلبت من الشاعر أن يصفها شعرًا، وكان هذا عام ١٩٤٨ فكتب عنها هذه القصيدة الثالثة من قصائده المجهولة التى يلتقى بها قارئ «الهلال».

وأما قصيدة «أمل» فهى قصيدة يرد فيها ناجى على قصيدة للشاعرة والكاتبة أمانى فريد.. المحررة حاليًا بدار الهلال وقصيدة أمانى فريد هى الأخرى عنوان «أمل» وفيها تقول لناجى:

يناديك قلبى هوى واشتياقا / فما لك لست تجيب الندا

أبيت على لهفة للقاء / ولكن أخاف حديث العدا

فكم ليلة يا قرير الجفون / تركت جفونى بها سهدا

تعال نغرد حلم الشباب / حياتى لحلم الشباب الغدا

وقد كتب ناجى رده على هذه القصيدة بقصيدته المنشورة فى هذا العدد، وهى من نفس وزن وقافية قصيدة أمانى فريد.

وتبقى قصيدة «صولة الحسن» التى كتبها ناجى قبل شهر واحد من رحيله عن دنيانا حيث كتبها فى شهر فبراير ١٩٥٣ ورحل فى مارس من ذلك العام، وكانت ملهمته الفنانة والعازفة السيدة «أنعام» وهذه القصيدة تنشر لأول مرة فى «الهلال» ويبقى عندى ما يقرب من ستين قصيدة مجهولة لشاعرنا الراحل، أرجو أن يتاح لها النشر فى ديوان كامل فى ذكراه المقبلة لأنها- فى الحق- إضافة إلى تراث ناجى العظيم.

وداع المريض

فيم الغدو غدا وأين رواحى

عصفت علينا غير منذرة لنا

طلعت علينا بالسقام وبالنوى

عبثت بمعبود العيون وصيرت

ذهبوا به كالورد جافاه الندى

يا هاتفا باسمى فديت مناديا

يا آسى الأسى لممت جراحتى

طأطأت للبين المشتت هامتى

ذهب الوفى فلا ابتسام مشرق

عاد الشقى إلى قديم شقائه

ويح المآب إلى مكان موحش

فى كل ناحية خيال هاتف

وموسد كالطيف صاح ليل

أمضى أمازحه لأنسيه الضنى

لا تجزعن لعلة رهن الدجى

أخفى المخاوف عنه وهى جليلة

مكتشف بتجلدى متكشف

عاصيت فيه الداء وهو مغالب

أى الليالى العاتيات سهرتها

هدم الضنى العادى قوى شكيمتى

والصبر هاو والغيوب خفية

وطغى على الملك الموسد بيننا

يا من مضيت خلال أنات الصبا

يمضى بك البرق المقل فيختفى

ويح الحياة اليوم أين جمالها

أنت الذى وهب الحياة لميت

أشرقت فى ظلمائها وغمامها

فارجع إلى فقد تركت مشردا

ويح الصباح لقد مضى بصباحى

يا فرقة الآلاف أى رياح

وهوت هوى الغادر المجتاح

كالورس لونا توأم التفاح

ومضوا به شبحا من الأشباح

رد النداء عليه حر نواحى

وأسلت عند نواك أى جراح

وخفضت للقدر المغير جناحى

لى حيث كنت ولا نهار ضاحى

ومحا من الدنيا السعادة ماحى

متجهم العرصات مقفر ساح

ومذكر بجبينك الوضاح

أمسيت أرعاه بجفن صاح

وأقول فى تهليلة الأفراح

ستزول عند تبلج الإصباح

مرسومة فى ناظرى الفضاح

بتسترى متكشف بمزاحى

عاص على الهادين والنصاح

فى أى آلام وأى كفاح

وثنى معاندتى ورد جماحى

وشفاؤه فى قبضة المناح

فى ضعف زنبقة ولطف أقاح

وذهبت بين تناوح الأدواح

عجلان بين ربى وبين بطاح

وعلام إخفاقى بها ونجاحى

فى الأرض منفرد بغير طماح

وطلعت مثل البارق اللماح

مستغرقا فى الدمع والأتراح

بالله.. مالى مالك؟

يا من تمنيت شعرًا

وليس فى الكون شعر

عفو القوافى وعذرًا 

إن لم تجد لك عدلاك

حاولت وصفك لما

فحررت ما قلت شيئًا

يا فتنة فوق ظنى

يكون كفء جمالك

أراه كفئًا لذلك

إن قصرت فى سؤالك 

ولا نظير دلالك

رأيت نور هلالك

يليق باستقبالك

بالله مالى ومالك

صخرة المكس

تعال نزف للثغر السلاما

ألم تشعر كأن يدى عزيز

كأن خطى العباب خطى حبيب

سلاما يا عروس الماء إنى

أسير إلى لقائك نضو شوق

أراك فتنتشى روحى وقلبى

وإن طوى البساط فنصب عينى

وإن طاح الزمان بكأس حبى

فؤادى قم بنا نذكر شجانا

تعال ولا تقل هذا جماد

فكم فى الحى من قلب أصم

وكم صخر أحس بما عنانا

وكم فى الناس من رجل قوى

تعرض للحوادث لا يبالى

فإن عرضت له الذكر الخوالى

عرته الرجفة الكبرى وراحت

بربك أيها الأنوار ماذا

بربك أيها الأمواج ظلت

أتيتك أبتغى منك التأسى 

أراك فتحت لى شجنا جديدا

وهيت وخاننى جلدى وإلا

أيا بلد التأسى كيف أنسى 

ويوم أتيت مكتئبا عليلا 

أجرجر فيك أقداما ثقالا

وعلاتى وأدوائى كبار

أراك فلا أبالى بالمنايا

وكم طاف الرفاق وغادرونى

تمر بى الحياة ولست أدرى

عرفتك والشتاء يمد ظلا

عرفتك والمصيف عليك زاه

عرفتك والعواصف فيك غضبى

عرفتك والفلائك فيك بيض

عرفتك هادئا والفجر غاف

عرفتك كالصديق بكل حال

وملحك فى دمى وشذاك باق

تعالى صخرة الماضى أجيبى

لقيت من العباب كما لقينا

كأنك للورى هدف وهذى

إذا ما أخفقوا رجعوا فرادى

فؤادى إن تغيرت الليالى

بلغنا كعبة الآمال فاخشع

خذ السلوان من حجر صموت

بربك أين أحلام غوال

ونسقاه أمانى أو خيالا

وعهد كان فيك ربيع ورد

ألست ترى على الثغر ابتساما

مسحن لك المواجع والسقاما

كأن الموج أفئدة ترامى

أحبك لا أمل بك المقاما

وأرجع عن ربوعك مستهاما

كأنى قد سقيت بك المداما

عليك خيال أحبائى القدامى

فلا الساقى نسيت ولا الندامى

لصخر فى جوار المكس قاما

وكيف تروم بالصخر اعتصاما

تنكر أو تجاهل أو تعامى

وما عرف الحديث ولا الكلاما

شديد البأس يقتحم اقتحاما

تلقاها نصالا أم سهاما

رأيت الكون فى عينيه غاما

جيوش الصبر تنهزم انهزاما

صنعت بساهر ألف الظلاما

على الشطئان ترتطم ارتطاما

وأنشد فى نواحيك السلاما

وكنت أروم للماضى التئاما

فهذى الدمعة الحرى علاما

زمانى فيك كهلا أو غلاما

أحس البين يدنو والحماما

وأجمع من عزيمتى الحطاما

شربن دمى وأبلين العظاما

وأحمد عند شاطئك الختاما

كعواد ومروا بى كراما

أيوم مر أم قضيت عاما

وينشر فى جوانبك الغماما

وقرن الشمس يضطرم اضطراما

نشرن على محياك القتاما

مجنحة يحاكين الحماما

كأن البحر وسده فناما

وكنت شراب روحى والطعاما

وهذا الصوت أسمعه دواما

وقوفك وانتظارك ذا إلاما

من الأيام قرعا واصطداما

جموع تبتغى أمرًا جساما

وإن هموا وجدتهم زحاما

فمثلك من رعى فيها الذماما

ودعنا فى مناسكها قياما

فما أحراك بالحجر استلاما

وعمر قد قطعناه نياما

ونطعمه قصيدا أو غراما

كهذا اليوم حسنا وانسجاما

أمل

حبيبة قلبى حياتى الفدا

إذا مر يومى بلا ملتقى

رويدك أن غدا فدفد

إذا لم نجد لفحة فى الرمال

لعينيك أطوى الحياة اصطبارا

هبينى لأجلك ضيعتها

فأنت الوجود وأنت الخلود

وكيف بغيرك تحلو الحياة 

وأنت النعيم وأنت العذاب

وأنت أحب المحبين فيها

تناديننى.. أن قلبى إليك 

وأنت اللهيب وأنى الفراش

تظنيننى ناعما بالرقاد

سأسهر عمرى حتى أراك

وإن كان فى مقليتك الردى

أقول لقلبى انتظرها غدا

خفى الدروب بعيد المدى

فإن الهوى مضجع من مدى

شقيا بها عانيا مفردا

فو الله لم أقض عمرى سدى

وأنت النداء وأنت الصدى

ويعذب موردها موردًا 

وأنت مواردها والصدا

وأنت كذاك أحب العدا

غدا هاتفا وسرى منشدا 

فهاتى على نارك الموعدا

وأنى الذى خصم المرقدا

وأجعل من حبنا معبدا

صولة الحسن

إيه إنعام والمحاسن كثر

خلق الله ذلك الحسن لكن

سره أن كل حسن له الشعر

وأنا الشاعر الذى قد تصباه

أينما وجه المشاهد عينيه

فمن الخد للجبين إلى العينين

يقرأ الناظرون فيه عجيبا

ما على الحسن إن تمر حياة

رب حسن من الوداعة يبدو 

ولقد تحسب الوداعة ضعفا

فمرينا إنعام من غير أمر

ومرى الدهر يصبح الدهر عبدا

ومرى الروض يصبح الروض فى

ومرى القلب يخفق القلب فرحان

ومرى الجمر يصبح الجمر كالماء

ومرى البحر يهدأ البحر أمواجا

إيه إنعام هذه صولة الحسن

ما لمن لم يقم بوصفك عذر

للذى يخلق المفاتن سر

تبيع فالمجد حسن وشعر

فريد من المباهج نضر

فسحر يتلوه سحر فسحر

للثغر من معانيك سفر

إن تولى سطر تتابع سطر

فى تجليه أو يضيع عمر

فيه عطف وفى حناياه بر

ولها دولة ونهى وأمر

نحن أسراك ما بأسراك حر

واضحكى فى فم المنى يفتر

نان وينمو ورد ويورق زهر

وتحنو روح ويطرب صدر

وتعنو نار ويخضع جمر

ويعنو موج ويهجع بحر

التى تحطم القوى وتذرو

تاريخ الخبر: 2022-07-09 00:21:35
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

اعتقال عشرات المؤيدين لفلسطين في عدد من الجامعات الأمريكية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:22:33
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

أعضاء مجلس الأمن يعربون عن قلقهم بشأن تصاعد التوتر في السودا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:22:28
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 62%

وزارة الدفاع تعلن وظائف عسكرية للجنسين - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:23:59
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 52%

بسبب انخفاض الذكور.. 90% في اليابان يدعمون فكرة تولي امرأة م

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:22:38
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:24:54
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية