غريب هذا التعاطف مع قاتل نيرة ضد الحكم بإعدامه، فهذا لم يحدث بنفس الحماسة مع مجرمين آخرين أدينوا فى جرائم بشعة أخرى، مع من يقتل أمه أو أباه أو أطفاله، أو من يزرع القنابل فى طريق المدنيين فيقتل المارة الأبرياء، ومن يفجر معسكرات الجيش أو مراكز الشرطة..إلخ! فما هو الهدف من هذه الحملة المدوية التى تدافع بالذات عن قاتل نيرة، والتى رصدت لها جهات لا تزال مجهولة ملايين الجنيهات؟! برغم أنه لا يمكن للخيال مهما شطح أن يتخيل إمكانية تبرئته فى إعادة محاكمته، على الأقل بسبب اعترافه الرسمى التفصيلى، دون تعرضه لأى ضغوط، مع تسجيل وقائع الجريمة بالفيديو، وشهادة الشهود! كما لا يمكن أيضا توقع تخفيف الحكم لنفس الأسباب. وكل هذا باعتبار النصوص القانونية والإجراءات القضائية والسوابق فى الجرائم المشابهة!
التفسير الأقرب للمنطق، ولأن القاتل كشخص لا يهم المدافعين عنه، أنهم يدافعون عن حالة ودوافع وأفكار هذا القاتل التى تتوافق مع تصوراتهم، وهنا تتوافق بينهم وبينه عدة عناصر، أهمها تصورهم السلبى عن المرأة وعلى الأخص غير المحجبة، كما أنهم، حتى مع وضوح استحالة إنقاذهم للقاتل فى هذه الجريمة، فمن المهم لديهم إشاعة أجواء ترهب النساء بأن القتل البشع سيكون مصيرهن إذا تصرفن مثل نيرة، فى ملبسها، وفى ثقتها فى حقها فى اختيار شريك حياتها، وفى تمسكها بقرارها، أى أن هؤلاء الذين يعرفون فشل تغيير حكم إدانة القاتل، يريدون ترسيخ مبررات جريمته، ليس للتأثير فى القضاء وإنما فى ترويع النساء، لكى يرضخن لعقليتهم التى تريد أن تفرض على المرأة أن تكون (قُفَّة) إذا أرادت أن تأمن على نفسها! وهو الشرط الذى وضعه للمرأة واحد من واجهاتهم! وللأسف فإنهم لا يزالون يتصدرون المشهد.
والحقيقة أن نظام العدالة فى هذه القضية كان على مستوى المسئولية، الشرطة والنيابة العامة والقضاء، أما الرأى العام الملتاع من الجريمة، باستثناء بيانات وتعليقات تشجب الجريمة وتدين القاتل على السوشيال ميديا، فلم تتجمع صفوفه حتى الآن فى حركة فاعِلة تُشعِر المرأة المصرية بأن لها سنداً رادعا وحاميا!
نقلا عن "الأهرام"
