أحمد عز فنان مكتمل، لا يوجد دور يؤديه وإلا ويُتقنه، ولا عمل يشارك فيه إلا ويحقق خلاله طفرة على مستوى الأداء والتمثيل، وعلى مدار سنوات من العمل الدءوب والإخلاص لفن التمثيل، قدم «عز» أجمل روائع الدراما والسينما المصرية.

وخلال موسم عيد الأضحى، يخوض أحمد عز المنافسة بواحد من أهم وأضخم إنتاجات السينما المصرية وهو «كيرة والجن»، الذى أدى خلاله دورًا فارقًا فى مسيرته الفنية، وهو الدور الذى يحمل بُعدًا وطنيًا، ويتحدث عن شخصية مهمة فى سياق تاريخى مهم للغاية وهو ثورة ١٩١٩. 

فى حواره مع «الدستور»، يستفيض النجم الكبير فى الحديث عن تجربة «كيرة والجن»، وكيف أحدثت نقلة فى تاريخ السينما المصرية، متطرقًا إلى كواليس خاصة من التصوير والتحضيرات، وغيرهما من التفاصيل.

■ بداية.. هل توقعت تصدر «كيرة والجن» إيرادات شباك التذاكر؟

- بكل تأكيد، كنت أتوقع أن يتصدر الفيلم الإيرادات منذ اللحظة الأولى، وهذا فضل من الله الذى لا يضيع تعب ومجهود سنوات.

والفيلم بالنسبة لى مهم جدًا، وتصدره الإيرادات دليل على نجاحه ونجاح صُناعه فى تقديم وجبة مختلفة ومميزة للجمهور، وأشعر بالسعادة بإضافة فيلم كبير ومختلف بحجم «كيرة والجن» إلى أرشيفى السينمائى والفنى.

وأصبحت أضع نصب عينى دائمًا أن أقدم التجارب المهمة فى كل ما يعرض علىّ من أعمال، سواء فى السينما أو التليفزيون، وأتمنى أن تكون أفلامى لها بصمة لدى الجمهور، مثل أفلام الأبيض والأسود التى تركت وشكلت وجداننا الفنى، ونتذكرها بشكل دائم، لأنها تحافظ على ريادتنا الفنية.

كما أشعر بسعادة غامرة بردود الأفعال حول الفيلم فى مصر وفى الدول العربية التى تم طرح الفيلم فيها، فالجمهور استقبلنا بحفاوة، وشعرنا بمدى أهمية تقديم عمل قيّم.

والفيلم يضم عددًا كبيرًا من النجوم، وهذا أمر لا يتكرر كثيرًا فى السينما، ولكن اللعبة الحلوة هى اللعبة الجماعية، لأن الفيلم يقدم تجربة ناجحة للعمل الجماعى، وهى القيمة التى أصبحنا نفتقدها كثيرًا فى حياتنا، فكل نجم يغير على نفسه ويراعى الجودة فيما يقدمه هو، والموضوع ليس بمساحة الدور وإنما بمدى الإجادة.

■ هناك أشياء شجعتك على المشاركة فى الفيلم.. ما هى؟

- بالطبع هناك أشياء شجعتنى، أبرزها المخرج الكبير مروان حامد، فالعمل أول تجربة لى معه، وسعدت جدًا بترشيحه لى للمشاركة فى بطولة الفيلم، فهو مخرج كبير ومن كبار المخرجين فى مصر، وأى فنان يتمنى العمل معه، ويعى كثيرًا ما سيقدمه للجمهور، وأفلامه كلها ذات قيمة، وهو يعشق تطوير الصناعة، وله هدف يرغب فى تحقيقه.

ووجود مروان حامد كمخرج للفيلم أعطى للعمل ثقلًا مهمًا وكبيرًا، إضافة إلى الرباعى أحمد مراد وكريم عبدالعزيز وهند صبرى وسيد رجب، ثم جميع مَن شارك فى الفيلم من أكبر إلى أصغر فنان، فكان من الصعب رفض عمل بهذا الحجم وهذه القيمة، وأتمنى تكرار هذه التجربة فى أعمال مقبلة.

■ ما أهمية تقديم فيلم تاريخى فى السينما؟

- الهدف من الفيلم إلقاء الضوء على حقبة تاريخية وزرع حب الوطن فى قلوب المواطنين. 

وكان هدفنا الرئيسى تقديم عمل يعيش فى الأذهان، ويضيف لكل فئات الشعب، خاصة الطلاب، فالفيلم مختلف عن أى فيلم تم تقديمه، لأول مرة نصنع فيلمًا سينمائيًا يتحدث عن فترة الاحتلال الإنجليزى، والعمل يرصد واقع المجتمع المصرى فى فترة الاحتلال الإنجليزى، ويكشف عن قصص حقيقية لمجموعة من أبطال المقاومة المصرية.

«كيرة والجن» يقدم جرعة تاريخية مكثفة فى ٣ ساعات للشباب والمراهقين الذين لا يعرفون شيئًا عن الحقبة الزمنية التى تدور فيها أحداث الفيلم، كما أنه عمل مسلٍّ ويحقق المتعة البصرية والتشويق.

وأعتقد أنه سيوثق العديد من الأحداث التاريخية التى يجهلها البعض من جميع الشرائح، ويسلط الضوء على بطولات المصريين، وهذا ما يجعل العمل مهمًا، لأننا لا بد أن نقدم أعمالًا متنوعة ومختلفة، وأفلامًا هادفة تشبع ذائقة الجمهور من جميع النواحى.

■ هل كنت حريصًا على قراءة الرواية المأخوذ عنها الفيلم أم اعتمدت على السيناريو فقط؟

- بالطبع قرأت الرواية، وقرأتها من قبل أن تعرض على المشاركين فى بطولة الفيلم، وتخيلت كل الشخصيات ووجدتها حية أمامى، فالرواية نجحت فى تقديم شرح مفصل للحالة النفسية لكل شخصية بشكل رائع.

والكاتب أحمد مراد نجح فى تقديم كل جوانب الشخصيات بشكل رائع ومتقن جدًا، كما حرصت على أن أقرأ كتبًا تدور حول الحقبة الزمنية التى دارت فيها أحداث الفيلم، كما شاهدت أفلامًا مثل «بين القصرين والسكرية وسيد درويش»، للتعرف على الهيئة والشكل وطريقة الكلام، خاصة أن الفترة الزمنية التى تدور خلالها أحداث الفيلم بعيدة، فكان لا بد أن أكون ملمًا بكل التفاصيل عن هذه الحقبة، حتى أكون صادقًا وأقدم للجمهور تفاصيل مختلفة.

وأتمنى أن يكون «كيرة والجن» استكمالًا للأعمال الكبيرة التى قدمتها فى الفترة الأخيرة مثل «الممر وهجمة مرتدة والخلية»، كما أتمنى أن تستمر المحافظة على الريادة المصرية دائمًا، وهذا هدف نسعى إليه جميعًا، سواء فى الفن أو الإعلام، فهذا جزء من قوة مصر الناعمة.

■ هل تفضل تقديم الأفلام المأخوذة عن أعمال أدبية؟ 

- الأفلام المأخوذة عن أعمال أدبية لها متعة خاصة، فالرواية تعطى براحًا للشخصيات وتظهر تطوراتها وانفعالاتها، خاصة عندما تكون الرواية مكتوبة بشكل احترافى.

■ ماذا عن دورك فى العمل؟

- أقدم شخصية «عبدالقادر الجن»، وهو شخص «حلنجى» يعيش «اليوم بيومه»، لا يفكر إلا فى نفسه ومصلحته، إلى أن يحدث له موقف فارق فى حياته، فتنقلب حياته رأسًا على عقب.

و«عبدالقادر الجن» لا يشبهنى فى أى صفة من صفاتى الشخصية، باستثناء «العند»، أنا من الشخصيات العنيدة فى الحق، مهما كان الهجوم الذى أتعرض له، وبشكل عام دائمًا ما أبتعد عن الشخصيات التى تشبهنى، لأنه بعد فترة سيملّ الجمهور منى، فشخصيتى فى الفيلم شخصية جديدة ومختلفة تنضم إلى نحو ٥٠ شخصية أخرى قدمتها فى مشوارى الفنى، وانجذبت إليها بشكل وبطريقة مختلفة، وهذه هى المرة الأولى التى أقدم فيها عملًا يعتمد على رواية.

■ ماذا عن تعاونك مع كريم عبدالعزيز؟

- أنا من جمهور كريم عبدالعزيز، فهو إضافة للفن المصرى وأتشرف به وبوالده المخرج الكبير محمد عبدالعزيز، فهما من أساسيات صناعة السينما فى مصر، وبينى وبين كريم عبدالعزيز كيميا خاصة وتفاهم كبير.

وأتمنى تكرار التعاون معه، فهو إنسان وفنان، وبعملى معه اكتسبت صديقًا وأخًا، وشهادتى فيه مجروحة، فأنا أحترمه على المستويين الشخصى والفنى، ولم يحدث بيننا أى خلاف على «الأفيش» أو الأجر أو ترتيب الأسماء أو أى شىء آخر كما أشيع، لقد كان هناك تفاهم كبير بيننا. 

■ ألم تواجهوا صعوبات خلال التصوير؟

- قضينا ٣ سنوات فى التحضيرات والتصوير، تخللتها عراقيل كثيرة أبرزها كورونا.. واستعدادات الفيلم كانت صعبة جدًا، وهناك كم كبير من الديكورات والتصوير تم إعداده خارج مصر، وكان معظم المشاهد فى المجر وسط جو شديد البرودة، وأغلب المشاهد ليلية، فـ٧٠٪ من مشاهد الفيلم صُورت ليلًا، والحقبة الزمنية جعلت التنفيذ صعبًا بشكل كبير، لأننا نصور حقبة قديمة جدًا، لم تكن بها إضاءة، لذا كان التنفيذ صعبًا، ولكن حرصنا على أن يخرج كل مشهد بدقة.

وأشكر شركة «سينرجى» على إصرارها على خروج الفيلم بهذا المستوى، فرغم التوقفات، لم تبخل على الفيلم بأى شىء، فالميزانية كانت ضخمة، وكان لا بد أن نستكمل الفيلم كما بدأناه، وهو ما حمّلنا جميعًا المسئولية، وأعتقد أن الجمهور لم يشعر بذلك، خاصة أنه شاهد فى النهاية عملًا مكتمل الأركان. 

■ فى الفترة الأخيرة تميل لتقديم أعمال وطنية.. لماذا؟

- شرف وفخر لى أن أقدم أعمالًا وطنية، فلا يوجد مصرى لا يحب الأعمال الوطنية، خاصة عندما تقدم بشكل احترافى، وأعتقد أنه لا يوجد ممثل جديد أو قديم يرفض أن يكون جزءًا من عمل وطنى، فهذه فرصة لا تتكرر كثيرًا.

■ كيف ترى المنافسة فى موسم عيد الأضحى؟

- هو موسم مهم وقوى، وأتمنى النجاح لجميع زملائى، والمنافسة قوية وشرسة لصالح الصناعة، وأتمنى دائمًا أن تبقى أفلامنا على هذا المستوى من الرقى والتنوع الذى يجعل الجمهور منبهرًا بما يُقدم له، ويحرص على النزول لمشاهدة نجمه المفضل فى السينما، وأن نحرص على المحافظة على الريادة الفنية التى استلمناها من جيل سينمائى عظيم، إلى أن نسلمها إلى الجيل الذى يلينا. 

ما الجديد لديك فى الموسم الرمضانى المقبل؟

- بشكل كبير لن أشارك فى موسم رمضان ٢٠٢٣، لأننى أرغب فى التركيز فى السينما، وتقديم فيلمين كل عام، ووجودى فى الموسم الرمضانى لعامين متتاليين بمسلسلى «هجمة مرتدة والاختيار ٣»، كان صدفة، خاصة أنها أعمال ثقيلة ولا تُرفض،