السريالية تعود لمصر بعد نصف قرن من اختفائها

بعد نصف قرن من اختفاء آخر أصواتها في القاهرة وبعد ما يقرب من ثمانين عاما على تأسيس الجماعة الأولى لها، عادت (السوريالية) لتعلن عن نفسها كاتجاه في الثقافة المصرية.

حيث تحتضن الإسكندرية حاليا معرضا للسريالية تحت مسمى "أصداء السريالية المعاصرة" والذي سيستمر في عرض أنشطته إلى تاريخ 20 من شهر يوليو الحالي، بالشراكة مع المعهد الفرنسي في الإسكندرية، la Maison André Breton, La Rose Impossible ومجموعة سلفر السريالية من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبيت أندريه بريتون، وجمعية الوردة المستحيلة، وشركة لادول للإنتاج الثقافي وتوزيع ، وتوثيق شركة نوت للإنتاج الفني.

فكرة المعرض

اهم الفعاليات في احتفالية السوريالية هو معرض تشكيلي يضم تجارب فنية من لوحات  زيتية وكولاج ونصوص شعرية، من منظور ورؤية مختلفة، قد تغير وجهة نظرك في ترتيب أشياء هذا العالم، وتخلق مسارات إبداعية متعددة، وقد تكتشف نفسك في إحدى تلك الأعمال، بل وتخوض تجربة العمل الفني نفسه، وهو ما عبر عنه مدير المعرض محسن البلاسي الذي اعتنق الفكرة منذ سنوات وسعى جاهدا لتنفيذها يقول : السريالية هي أقوى أداة لتحرير الخيال واللاوعي، فإذا تصالح الإنسان مع لاوعيه، أسقط كل سلطة تسيطر على الخيال. وفكرة المعرض جاءت كنتيجة للمعرض الدولي للسريالية الذي أقيم في القاهرة في فبراير الماضي، فكان لأول مرة يتم تنظيمه  في أفريقيا وآسيا وخارج أوروبا وأمريكا منذ مائة عام، يشارك فيه أغلب المجموعات السريالية، في العالم، وبمشاركة المركز الثقافي الفرنسي.

الحركة السريالية في مصر
كان لمصر تاريخ مهم  في السوريالية عبر جماعة (الفن والحرية، )ومنذ السبعينيات دخلت في عزلة نقدية شاملة، وذوت نشاطات  المجموعات السريالية في الشرق الأوسط، عموما وفي مصر ايضا ،واعتبرت السريالية مدرسة فنية  ميتة، وهذا أبعد عن الحقيقة كما يقول البلاسي لأن السريالية مستمرة  لا يحدها حدود زمنية أو مكانية، والمجموعات السريالية في كل العالم لم تتوقف لحظة، بل هي متطورة في مجال الإنتاج القني، بشكل مستقل وبشكل غير مدعوم، إلا من مخيلات الفنانين، وبرغم شركاء المعرض الكثر إلا أنه أقيم بمخيلات من شاركوا فيه، سواء داخل أو خارج مصر. فكان أن أقمنا في نفس الوقت، معرضا موازيا في بودا بست من خلال شراكة ايستر هول بروك، وجينفر ووكر( مجتمع بودابست السريالي).

ومما لا شك فيه أن كتاب ( السريالية في مصر) الذي صدرفي منتصف 1986م للكاتب والناقد سمير غريب كان الكتاب الوحيد الذي صدر ليؤرخ للحركة السريالية في مصر يقول سمير غريب: في 1937م بدأ جورج حنين في تجميع أصدقائه من مصريين ومتمصرين وأجانب لتكوين الجماعة السريالية الوحيدة في العالم العربي. ظهر تعاونهم في مطبوعات بدأت في الصدور عام 1938م. اختتموا هذا العام بتوقيعهم على بيان «يحيا الفن المنحط»، وتحرير جريدة «دون كيشوت» الأسبوعية بالفرنسية، لتناضل «ضد الفوارق الاجتماعية  والمغالطة التاريخية… ضد كل التلفيقات وكل التوريات». حتى تكونت في 9 يناير 1939م رسميًّا جماعة «الفن والحرية» السريالية. وأصدرت الجماعة في يناير 1940م العدد الأول من مجلة «التطور» الشهرية، أول مطبوعة باللغة العربية عن السريالية، وتوقفت «التطور» عن الصدور بعد العدد السابع؛ «لأنها تحارب الرجعية، وتثور على الاستغلال»، كما أطلقت في صيحتها الأخيرة.

بعد إطلاق المجلة بشهرين، بدأت الجماعة في تنظيم معارض للفن التشكيلي أطلقوا عليها «الفن المستقل». وفي 18 مارس 1940م افتتح المعرض الأول.

بعد توقف مجلة «التطور» دخل السرياليون في 14 يونيو 1942م في تحرير ثم إدارة مجلة «المجلة الجديدة» التي أسسها وأصدرها سلامة موسى منذ 1928م.

أقيم المعرض الجماعي الخامس والأخير للفن المستقل عام 1945م في مدرسة الليسيه الفرنسية في باب اللوق بالقاهرة. كان كتالوج المعرض على شكل مجلة بالفرنسية بعنوان: «العرض مستمر». بعد ذلك بعامين وفي 15 فبراير 1947م أصدرت الجماعة مطبوعة أطلقت عليها «كراس» بعنوان «حصة الرمل» (تحت الإشراف الشخصي لجورج حنين ورمسيس يونان).


في نهاية إبريل 1947م غادر الفنان رمسيس يونان مصر ليستقر في باريس تسع سنوات. كانت هذه المغادرة إيذانًا بانفراط عقد جماعة «الفن والحرية». مع ذلك في إبريل 1950م نشر جورج حنين نفسه العدد الثاني والأخير من كراس «حصة الرمل».

وكان معرض الفنان حامد ندا في إبريل 1959م، آخر نشاط جماعي للسرياليين المصريين بإصدارهم كراسًا آخر بعنوان: «المجهول لا يزال». كان العنوان ردًّا على كتالوج آخر معرض جماعي أقاموه بعنوان: «نحو المجهول» افتتح في 20 يناير من العام نفسه في قاعة «كلتورا» واستمر عشرة أيام.
عودة السريالية 
لم تمت السريالية، بعد أن خفت ضوؤها في الألفية الجديدة وهو ما صرح به الأستاذ سمير غريب في وقت سابق: حدث «انفجار» مفاجئ؛ عند إقامة أول مؤتمر عالمي عن السريالية في مصر وجماعة الفن والحرية، الذي أقيم في نوفمبر 2015م في القاهرة. وهي المرة الأولى التي يخصص فيها مؤتمر لإعادة التذكير بالسريالية في مصر، وإعادة البحث والنقاش حولها. شارك فيه عشرات من الباحثين والكتاب والفنانين من دول مختلفة بدراسات وأوراق متنوعة. وكان من توابع المؤتمر ان تأسست المجموعة السريالية في 2018 في القاهرة بالتواصل مع مجموعات سريالية مهمة علي مستوي العالم  مثل مجموعة باريس الأصلية، ومجموعة شيكاغو، ومجموعات من كل  انحاء العالم، ثم  تم نشر اعداد من  مجلة (الغرفة، )لتعبر عن التيار الذي اعيد احياءه في مصر ،لتصبح المجلة السريالية العربية الوحيدة، حاليا وكما يقول البلاسي فان  السريالية في العالم العربي عبرت عن نفسها في ثلاثة  أجيال،  اولها جيل مجموعة الفن والحرية في الأربعينيات، والسريالية التي أسسها الفنان العراقي عبد القادر الجنابي في باريس في سبعينيات القرن الماضي، ومجموعة Sulfur surrealist jungle /MENA/ سلفور /مينا التي أسسها الكاتب محسن البلاسي والفنانة غادة كمال في القاهرة. فكان تواصل هذه المجموعة على نطاق أوسع مع المجموعات الدولية للسريالية سواء في أوروبا أو أمريكا وأمريكا اللاتينية، كما أنها نشطت في مجال إصدار مجلة( الغرفة، )بالفرنسية والعربية والانجليزية،وكذلك  الموقع الالكتروني (سلفر)الذي يضم انتاجات تنتمي لهذا التيار   وتضم  الحركة أغلب الأسماء السريالية المهمة في العالم. كما تقدم اسهامات  في دمج السريالية بالعلوم. التطبيقية وقد ظهرت منذ ، 2020 ومستمرة حتى الآن. ككيان غير هادف للربح.

قدم المعرض في نسخته الثانية  والمنعقدة حاليا في الاسكندرية ، عروضا سينمائية، وديجتال  كولاج متحرك، وألعاب سريالية، من خلال أدوات مدروسة وممنهجة، لتحرير الخيال، كربط بين التحليل النفسي وأدوات التعبير المختلفة، كالسينما، والشعر و النحت . وجاءت تجربة العروض السريالية السينمائية من خلال التساؤل عن ماهية السينما، و محاولة للتخلص من احتكار الشركات الرأسمالية المنتجة، والموجهة لذائقة الجماهير، فكانت العروض السريالية تجريبا بصريا لا تخضع لقواعد معينة، أكثر من أربعين فيلما من جميع أنحاء العالم من أوروبا و وتركيا وإيران، مثل أفلام روجر بالن الذي صنف من أهم مصوري الفوتوغرافيا ومخرجي الفيديو كليب في العالم الذي عرض له فيلم (روجر الفأر).


تقول غادة كمال مديرة إدارة sulfur الشريك الرئيسي في تنظيم المعرض: عملي في معرض أصداء السريالية المعاصرة في الإسكندرية كمنسقة الورش والسينما  بجانب مشاركتي بأعمال فنية أضاف لي الكثير، منذ ان بدأت تلقي الأفلام من المخرجين وتنسيقها لتصبح جاهزة للعرض، فكان بالنسبة لي تحديا كبيرا لأن عرض سينما سريالية لجمهور يتعرف عليها لأول مرة بجانب المخرجين الذين صنعوها، امر مختلف عن السينما السائدة، فالسينما السريالية تعطي صدمات للاوعي المتلقي فتساعده على تحرير خياله، وفتح الأبواب المغلقة في اللاوعي ونعود مرة أخرى لقدرتنا على الدهشة التي نفتقدها بسبب التعامل اليومي مع الحياة اليومية والواقع بشكل بحت وأيضا نقاوم بها فكرة تسليع الأحلام.

تاريخ الخبر: 2022-07-12 00:21:14
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 52%

آخر الأخبار حول العالم

الأهلي يفاوض صفقة مغربية جديدة.. بديل علي معلول - رياضة

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 06:20:48
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 55%

أمطار رعدية ورياح تؤدي إلى تدني في الرؤية بعدد من المناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-09 06:23:42
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

«ميونخ السينمائي» يكرم كيت وينسلت في دورته الـ41 - فن

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 06:20:46
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 65%

ماذا طلب كريم عبد العزيز بعد ساعات من وفاة والدته؟ - منوعات

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 06:20:47
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 58%

استقرار صرف السلع بعد تطبيق منظومة التموين الجديدة - أخبار مصر

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 06:20:44
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

وزير النقل يستقبل أولى رحلات الحجاج في المدينة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-09 06:23:43
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية