فى ذكرى رحيل تلميذ أمين للرب


فى 19 ديسمبر 1923 وُلد سليمان نسيم فى حى القللى بالقاهرة، وبعد أن أتم تعليمه الأولى فى القللى التحق بمدرسة التوفيقية الثانوية بشبرا. وفى عام 1940 انتقلت أسرته لتعيش فى جزيرة بدران بشبرا. فى اثناء دراسته بمدرسة التوفيقية أحب دراسة التاريخ واللغة العربية وأيضاً فى هذه المدرسة تعرف على زميله “ميلاد” (د. ميلاد حنا) سنة 1938. التحق بعد ذلك بكلية الآداب قسم التاريخ جامعة فؤاد الأول (القاهرة حالياً) وحصل على ليسانس الآداب سنة 1945 ثم حصل على دبلوم معهد التربية العالى للمعلمين سنة 1947، وفى عام 1950 حصل على دبلوم الدراسات العليا – مواد اجتماعية – وزارة التربية والتعليم ثم حصل على دبلومة خاصة فى التربية – كلية التربية – جامعة عين شمس سنة 1952، فى عام 1963 حصل على الماجستير فى التربية ثم فى عام 1987 حصل على الدكتوراه فى أصول التربية من جامعة عين شمس. عمل مدرساً للمواد الاجتماعية بالمدارس الثانوية فى الفترة 1947 – 1955، ثم مدرساً بمعهد المعلمين الخاص بالزيتون (قسم التربية) فى الفترة 1955 – 1957، ثم رئيساً لقسم التربية بمعاهد المعلمين العامة فى الفترة 1957 – 1959، ومدرساً بمعهد المعلمين الخاص بالعباسية 1959 – 1961، مدرساً بالمعهد العالى الصناعى للمعلمين بالمطرية 1961 – 1966. شغل وظيفة أستاذ مساعد أصول التربية فى كلية التكنولوجيا والتربية بالمطرية 1966 – 1973، ثم أستاذ ورئيس قسم العلوم الإنسانية والتربية 1973 – 1976 بنفس الكلية، وفى الفترة 1974 – 1976 أنتُدب للتدريس بقسم أصول التربية – كلية التربية – جامعة طنطا ثم أستاذاً للتربية – كلية التربية الفنية بجامعة حلوان 1976 – 1977. سافر بعد ذلك إلى العراق حيث شغل وظيفة أستاذ للتربية بجامعة السليمانية فى الفترة 1977 – 1978، عاد بعد ذلك ليشغل وظيفة أستاذ التربية بكلية التربية جامعة القاهرة فرع الفيوم فى الفترة 1978 – 1981، ثم فى الفترة 1986 – 1992 عمل أستاذاً مشاركاً بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية – شعبة البحوث الاجتماعية. ومنذ مارس 1995 إنتدب كرئيس فريق بالمركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى.

لم تكن التربية بالنسبة له علماً تخصص فيه، بل كانت التربية هوايته ووسيلة يخدم المجتمع والكنيسة من خلالها. لذلك حينما سجل لدرجة الماجستير فى التربية أختار موضوع ” تاريخ التربية المصرية فى العصر القبطى” تحت أشراف د. حامد عمار. التربية عند البعض تعنى التسلط وإخضاع الآخر، لكن التربية عند سليمان نسيم تعنى المحبة والأبوة والرغبة فى تنمية الآخر. وهناك فرق كبير بين من يحيا الأبوة بكل أبعادها من تضحية وحنان وعطف ومودة، وبين من يتكلم عن الأبوة كمحاضرة أو عظة أو تعليم!! فى عام 1991 أصدر كتاب: (عطاء المسيحية للتربية).

من القصص العملية حدث فى فترة طفولة أبنة شقيقته – قبل دخولها المدرسة – أراد خالها د. سليمان أن يزيل عنها رهبة هذا الحدث، فأخذها إلى مدرسة الصداقة بجزيرة بدران قبل بدء الدراسة وآراها المكان الذى ستلعب فيه وحجرة الرسم وحجرة الموسيقى وهذا جعلها تشتاق لبدء الدراسة. وهكذا حينما دخلت هذه المدرسة كانت مشاعرها تختلف عن مشاعر باقى زميلاتها الخائفات. هذا النظام التربوى الجاد مازالت تطبقه الجامعة الأمريكية بالقاهرة، فقبل بداية الفصل الدراسى تقوم بتنظيم جولة فى أنحاء الجامعة للطلبة الجدد، يتولى الأشراف على هذه الجولة بعض طلبة وطالبات الجامعة من المتفوقين دراسياً ويكونوا مرشحين من قِبل أساتذة الجامعة. ومن هنا يتعرف الطالب الجديد على مبانى الجامعة ومنشأتها وأنشطتها. فيبدأ الفصل الدراسى وهو لديه معرفة كاملة بالجامعة.

كانت لديه محبة شديدة وصادقة نحو الفقراء. حدث وهو شاب فى ليلة أحد الأعياد أن عاد من صلوات الكنيسة، وبعد أن أجتمعت الأسرة لتناول الطعام رفض أن يشاركهم!! وعندما الح افراد أسرته لمعرفة السبب قال لهم وهو ذاهب للكنيسة قابل عم (فلان) ولما هنأه بالعيد وسأله عن أحواله عرف منه أنه لفقره لم يستطع تدبير طعام العيد!! ولهذا قرر أن يشاركه حالته ويمتنع عن تناول طعام العيد. ولما وجد أفراد أسرته أنه مصمم على رأيه، أقترح أحدهم أن يأخذوا طعاماً من طعام الأسرة ويتوجهوا به إلى هذا الرجل فى ذلك الوقت المتأخر، ولما عادوا تناول سليمان معهم الطعام وأشترك الجميع فى بهجة العيد.

فى شبابه المبكر كان يستيقظ مبكراً لإعداد بعض السندوتشات ليقدمها للفتى الذى يجمع القمامة من المنازل، وكان يوجه إليه بعض النصائح مثل ضرورة ارتدائه حذاء فى قدميه وأن يغسل يديه قبل تناول الطعام حتى لا يتعرض للإصابة بالأمراض.

فى عام 1949 التحق بالكلية الاكليريكية – القسم المسائى – الذى كان قد إفتتحه حبيب جرجس عام 1945، ثم عمل أستاذاً بالكلية الاكليريكية فى الفترة 1956 –1984 وقام بتدريس مادتى التاريخ والتربية المسيحية. كذلك عمل محاضراً وأستاذاً بقسم الدراسات الاجتماعية بالمعهد العالى للدراسات القبطية بالقاهرة منذ الستينيات. وفى عام 1982 تولى رئاسة القسم خلفاً لمؤسسه الأنبا صموئيل (1919 – 1981) أسقف الخدمات العامة والاجتماعية والذى أستُشهد فى حادث المنصة فى عام 1981، وظل به حتى عام 1993. وفى فترة رئاسته أوجد أربع شُعب بالقسم: شعبة التربية، شعبة الاجتماع، شعبة علم النفس، ثم شعبة الخدمة الاجتماعية.

فى الفترة 1973 – 1978 اختير عضواً فى المجلس الملى العام فى دورته الأولى بعد إعادة تكوينه فى حبرية البابا شنوده الثالث، وعندما عقد المجلس جلسته الأولى فى 30 أغسطس 1973 تم اختياره مقرراً للجنة التعليم، فأعد تقريراً شاملاً عن حالة المدارس القبطية.

كان شديد الحرص على تدعيم الوحدة الوطنية فى كل المناسبات مؤيداً ذلك بدراساته فى تاريخ مصر الزاخر بالعلاقات الطيبة بين أبناء مصر على مر العصور، منادياً بالمحبة والود والأخاء بين الجميع.

من أهم مؤلفاته: تاريخ التربية المصرية فى العصر القبطى (موضوع رسالة الماجستير تحت أشراف د. أبو الفتوح رضوان، د. حامد عمار – الطبعة الأولى 1963)، مبادئ التربية الصناعية (بالاشتراك مع د. سيف الدين فهمى عميد كلية التربية جامعة الأزهر – 1967)، صياغة التعليم المصرى الحديث .. دور القوى السياسية والاجتماعية والفكرية فى الفترة 1923 – 1952 (جزء من رسالة الدكتوراه تحت أشراف د. أبو الفتوح رضوان، د. الهادى عفيفى)، يوميات مُدرس فى مدارس الأحد (مكتبة المحبة بالقاهرة – 1964)، قصة النيروز (مكتبة المحبة بالقاهرة 1966)، مصر تستقبل العذراء (مكتبة المحبة بالقاهرة 1968)، لماذا قام؟ (سلسلة قصص الثقافة المسيحية للنشئ – مكتبة مجلة الملايكة بالقاهرة 1970)، التربية فى العصر القبطى (دار الثقافة بالقاهرة 1989)، عطاء المسيحية للتربية (مكتبة المحبة بالقاهرة 1991)، الكنيسة القبطية ودورها القومى والحضارى (بيت مدارس الأحد بالقاهرة 1995).

أوفده المجلس الثقافى البريطانى بالقاهرة لمدة 4 شهور (مارس – يوليو) 1978 لزيارة المعاهد الصناعية بوسط لندن. كما حضر العديد من المؤتمرات التربوية عن الأسرة المصرية والشباب التى انعقدت فى بيروت وقبرص والأردن وزامبيا خلال فترة السبعينيات والثمانينات.

فى مجال خدمته بمدارس الأحد، بدأ خدمته بها وعمره 16 سنة حيث قام مع مجموعة من زملائه بتأسيس مدارس الأحد بكنيسة السيدة العذراء بعياد بك بعد أن تم تدشين الكنيسة عام 1941، وفى عام 1946 تم اختياره لتولى مسئولية مدارس الأحد بجزيرة بدران. وفى يوم 27 أغسطس 1951 عقد أول اجتماع للحلاقين والمكوجية فى كنيسة مارجرجس بجزيرة بدران وتولى رئاسة الاجتماع واستمر يُعقد بعد ذلك كل يوم أثنين.

وفجأة فى صباح الأحد 12 يوليو 1998 (يوافق عيد الرسل فى الكنيسة القبطية) وبعد أن عاد من صلوات العيد بالكنيسة وتناول طعام الأفطار، وأستعد لمغادرة المنزل للإجتماع ببعض المفكرين، سقط أمام باب شقته وأنتقل إلى الحياة الأبدية كجبار بأس. لقد كان بحق تلميذاً أميناً للرب. نذكره فى ذكراه العطرة بكل الحب. وبلا شك هو الآن فى الموضع الذى أحبه حيث الفرح الدائم فى نور القديسين.

تاريخ الخبر: 2022-07-12 12:21:34
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

ملاعب المغرب تستقبل 9 مباريات ضمن تصفيات المونديال

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 12:27:16
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 51%

ملاعب المغرب تستقبل 9 مباريات ضمن تصفيات المونديال

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 12:27:15
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية