لا زالت مخاطر الآبار المكشوفة، تُشكل مخاطر كُبرى في عدد من المناطق المغربية، ولا تزال سلبياتها تتربّص على جُل النقاشات العامة، وبات الأمر أكثر إلحاحا مع توالي سنوات الجفاف الذي جعل الناس تسعى لحفر المزيد من الآبار بحثا عن الارتواء، وإن لم تجد الماء تركت الحفر على حاله ومضت، الشيء الذي جعل عدد الضحايا في تزايد، بعضهم تصلنا أخبارهم وآخرين يموتون في حسرة وصمت.
وبعد الحادثة المُتعلقة بالطفل ريان، التي وصل صداها لمُختلف دول العالم، وكذلك ما تلاه من ضحايا، ذهبوا ضحية بئر مفتوح، كانت السلطات المغربية قد انطلقت بعملية حصر الآبار المهجورة لإغلاقها، والمستعملة بتسييجها، وكذا “الخطارات” التي يبلغ عمقها حوالي 12 إلى 16 مترا، المُتواجدة بين مدشر ابراحن ودوار البور، بجماعة آيت سدرات السهل الغربية، بإقليم تنغير.
وفي هذا السياق، كشف محمد ملال، رئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب أن هناك 28600 بئرا، 91 في المائة من هذه الآبار غير مرخصة.
وستشكل لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، لجنة فرعية من أجل إعداد صيغة نهائية لمشروع قانون يهدف إلى وضع إطار قانوني، يحدد ضوابط الحد من مخاطر البحث العشوائي عن الماء، عبر الحفر والثقوب والآبار المنجزة بطرق بدائية، وكذا إقرار مقتضيات قانونية لتوفير شروط السلامة أثناء البحث عن الموارد المائية أو استغلالها، لتجنب أي كارثة إنسانية قد تلوح في الأفق.
كما يستهدف المقترح تعزيز السياسة العمومية المتعلقة بتعبئة الموارد المائية خدمة للتنمية الاجتماعية والبيئية، ضمن منظور شامل يأخذ بعين الاعتبار مختلف الأبعاد، بما في ذلك توفير الشروط المناسبة لاستغلال الثروة المائية ضمانا للحماية من المخاطر المحتملة.
وتجدر الإشارة، أن المكتب الجهوي للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، بجهة سوس ماسة، كانت قد انطلق بعملية رصد وتتبع للآبار غير المستغلة، مؤكدا أن “ما وقع للطفل ريان في إقليم شفشاون، مجرد نموذج لعشرات الحوادث التي تقع بشكل متكرر في مختلف ربوع التراب الوطني بسبب الآبار التقليدية، وهي النوعية التي تعتمد عليها أغلب القرى للحصول على الماء الصالح للشرب”؛ حيث يتوفر المغرب بالإجمال على ثلاثة أنماط من الآبار، أولها الآبار التقليدية المهترئة، والآبار التي تسيرها جمعيات المجتمع المدني لتزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب، ثم الآبار العصرية المُندرجة في إطار مخطط المغرب الأخضر.
وكان عبد العزيز زروالي، مدير البحث والتخطيط المائي بوزارة التجهيز والماء، قد قال إن “وكالات الأحواض المائية ستقوم بجرد شامل للآبار العشوائية، التي تشكل خطرا كبيرا على السلامة العامة، بهدف اتخاذ إجراءات مواكبة، مع إمكانية المتابعة القضائية حتى لا تتكرر فاجعة الطفل ريان، مردفا في حديث رسمي لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “وزير التجهيز والماء أعطى تعليماته الصارمة لمدراء وكالات الأحواض المائية، للقيام بجرد شامل للآبار العشوائية، وذلك بتنسيق مع السلطات المحلية”.
