رسام النغم «ميشيل المصرى».. سيرة جديدة لصاحب تتر «ليالى الحلمية»

يرتبط الجمهوران المصرى والعربى بعدد من الأعمال الدرامية الشهيرة، خاصة الموسيقى التصويرية، وموسيقى البداية والنهاية، مثل "ليالى الحلمية، وعائلة الحاج متولى، وأبناء ولكن، وأولاد آدم، وسر اللعبة، وأفواه وأرانب، وموسى ابن نصير، والشاطر حسن، وجاه القمر، وزهرة اللوتس، ومن الذى لا يحب فاطمة، والفنار، وحلاوة الروح، والطوفان، ولمن تشرق الشمس، والغضب، وطرح البشر، والصراع، واإسلاماه، والبرنس، والجبلاوى"، وغيرها من الأعمال التى ترسخت فى أذهان المشاهدين والمستمعين، كان وراءها الموسيقار القدير ميشيل المصرى.

فى كتاب حديث صادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، تستعرض الكاتبة سارة أحمد عبدالحميد، سيرة "رسام النغم ميشيل المصرى"، وقصة عشقه للموسيقى والفن. 

ألّف "المصرى" أكثر من ١٠٠ عمل موسيقى بين تأليف وتوزيع وموسيقى، لأعمال درامية وفوازير وبرامج إذاعية وتليفزيونية وألبومات موسيقية وغنائية، هو صاحب الشغف والحب الكبير للفن والعلم، فالفن اختياره منذ الطفولة، وأمام هذا الكم الرائع من الأعمال الموسيقية كان واجبًا أن يكتب عنه تخليدًا لأعماله التى لا تزال حية فى الأذهان إلى وقتنا الحاضر.

بين دفتى الكتاب الذى يضم ١٦٦ صفحة، قسمت المؤلفة الكتاب إلى فصلين، فصل يتحدث عن نشأة الموسيقى فى مصر، ودورها فى الفيلم وكيفية توظيفها، وأنواع الفيلم السينمائى والتليفزيونى وخصائصهما، بينما خصصت الفصل الثانى لحياة ميشيل المصرى حيث رصدت المؤلفة ٤٣ مشهدًا موسيقيًا من الأعمال الفنية لميشيل وتأثيرها على المشاهد بعدد من المسلسلات والأفلام والأعمال الإذاعية والأوبريتات.

وتطرقت الكاتبة للحديث عن رواد موسيقى الفيلم فى مصر الذين بلغ عددهم ١١ موسيقيًا أبرزهم: عبدالحليم نويرة، وجمال سلامة، وعمر خيرت، وعمار الشريعى، وإبراهيم حجاج، وبهيجة حافظ، وغيرهم ممن تركوا بصمة كبيرة فى الموسيقى.

واستعرضت سارة عبر صفحات الكتاب ميلاد "ميشيل"، فهو من مواليد ١٩٣٣ بحى شبرا بالقاهرة، وكان والده تاجرًا يهوى الموسيقى ويحب الفن، ولكنه كان يعارض بشدة اتجاه ابنه إلى الفن، بينما كان هو محبًا للرسم والموسيقى، وقد لقيت مواهبه التشجيع من أساتذته فى المدارس التى تعلم فيها ومنذ طفولته وهو مولع بالرسم والموسيقى، خاصة آلة الكمان. 

وأوضحت الكاتبة أن حياة ميشيل كانت مليئة بالتحديات فكانت والدته تساعده وتشجعه لأنها تعرف مدى حبه للموسيقى وشغفه لتعلمها، لكن والده كان يريده أن يصبح تاجرًا مثله، حتى إنه أرسله فى صيف ١٩٤٦ للتدريب فى شركة تجارية كان يديرها جده لوالده، ولكن التجارة كانت لا تتفق مع ميوله، وفى عام ١٩٤٧ اشترى ميشيل آلة الكمان وبدأ فى تعلم العزف عليها سرًا، وكان يستغل سفر والده فى التدريب عليها أكثر.

وحين انتهى من دراسة الثانوية عام ١٩٤٨ التحق سرًا بمعهد ليوناردو دافنشى للفنون الجميلة بالقاهرة، وفى تلك الفترة حدث أن أُصيبت تجارة والده بكساد واضطر إلى أن يبيع كل ممتلكاته من أجل سداد ديونه ودخلت الأسرة فى ظروف مادية صعبة، فاضطر ميشيل إلى أن يعمل فى الشركة التى سبق أن دربه والده فيها وبعد انتهائه من عمله كان يذهب سرًا للدراسة فى معهد دافنشى، وكان هو المصرى الوحيد بين الطلاب الإيطاليين، واشتهر باسم المصرى بينما اسمه الحقيقى ميخائيل نخلة حبيب.

ودرس على يد زانيين وألبرتو، وقد كانا متمكنين وعلى مستويين علمى وفنى قويين فقد كانا رسامى السرايا فى عهد الملك فؤاد، وكان لتلك الفترة أثرها الكبير فيما بعد على ميشيل فى مرحلة تأليفه للموسيقى، خاصة موسيقى الأفلام.

وأثناء دراسته كان ميشيل يواصل تعلمه العزف على آلة الكمان، وكان يُحضر بعض زملائه ليعزفوا معًا فى البيت أثناء سفر والده، وفى عام ١٩٤٩، التحق ميشيل بمعهد فؤاد الأول للموسيقى العربية إلا أنه لم يكمل فيه بسبب اضطهاد معلمه له مما تسبب فى تركه، وأكمل تحقيق حلمه من خلال الدروس الخاصة مع بعض الأساتذة الأجانب لآلة الكمان الذين كانوا يعيشون فى مصر آنذاك.

وفيما بعد كوّن ميشيل فرقة موسيقية مكونة من ٢٥ عازفًا، وأطلق عليها اسم «فرقة الفن» وكانت آلة الليرا رمزًا خاصًا بالفرقة حتى أواخر ١٩٥٥، ثم شارك كعازف كمان فى فرقة موسيقية بقيادة عطية شرارة لمصاحبة العروض التى كانت تقدمها فرقة فريد شوقى المسرحية.

وأوضحت الكاتبة أنه خلال تلك الفترة سافرت الفرقة إلى أماكن كثيرة، وفى عام ١٩٥٨ وفى سهرة مع نجيب رزق الله وهو عازف كمان أول فى فرقة أم كلثوم الموسيقية، طلب منه السفر معه إلى تونس، وهناك عرض عليه العمل بتدريس عزف الكمان وعاد إلى مصر ليرتب لانتقاله للعمل فى تونس، لكنه عند عودته إلى مصر علم بخبر وفاة سيد محمد وهو أحد أصدقائه ومدير فرقة سيد مكاوى، فشارك فى عزف موسيقى عرض مسرح العرائس الشهير «الليلة الكبيرة» مع سيد مكاوى وصرف النظر عن فكرة السفر إلى تونس.

واستعرضت الكاتبة بعضًا من الأزمات التى تعرض لها "المصرى"، ففى عام ١٩٥٦ سافر لتقديم حفل للأمير عبدالله مبارك، وكانت الكويت فى ذلك الوقت "إمارة" وفى تلك المرحلة سافر ميشيل ومرسى الحريرى، والشيخ محمود مرسى الصديق الوحيد لسيد درويش وأحمد على وعبدالمنعم السيد للكويت لتقديم الحفل.

كان المسئول عن الإذاعة الكويتية فى ذلك الوقت شخصًا عربيًا طلب من ميشيل تسجيل أغنية مع مطربة لكنه رفض العمل دون إذن الأمير، لكن المسئول فى الإذاعة بلّغ الأمن القومى عنه بتهمة التمرد وتم حبسه واعتقاله وظل فى حيرة حتى تم الإفراج عنه ورجع لمصر.

وحسبما أوضحته المؤلفة عاد للعمل بالقاهرة فى فرقته مرة أخرى فترة حتى تلقى عرضًا للعمل كعازف أول للكمان بالفرقة الموسيقية بإذاعة الكويت فى عام ١٩٥٨، ثم شغل منصب رئيس فرقة موسيقى الإذاعة فى الكويت فى عام ١٩٦٢ واستمر يعمل هناك حتى عام ١٩٨٦، وبعد أن ترك العمل فى الكويت سافر إلى ألمانيا للدراسة ولكن اضطرته المسئولية العائلية إلى التراجع عن هذا القرار.

بعد ذلك سافر إلى لبنان وهناك طلب منه الأخوان عاصى ومنصور رحبانى أن يعمل معهما لمدة عامين وسافر معهما إلى سوريا لافتتاح مسرحية الشخص فى مهرجان دمشق الدولى ثم رحلات فنية عديدة للمغرب وتونس والجزائر وغيرها، ثم عاد ميشيل المصرى إلى أرض الوطن فى نوفمير ١٩٦٩، واستقر فى بيت العائلة وفى ديسمبر ١٩٦٩، أعاد بناء فن الفرقة الموسيقية وفى عام ١٩٧٠، وانضم إلى الفرقة الماسية كعازف أول وقائد للفرقة فى تسجيلاتها، وفى عام ١٩٧٤ كوّن مجموعة من أمهر العازفين للتسجيل بطرق حديثة.

واستمر عمله الفنى فى التدفق سنوات طويلة بين حفلات موسيقية وموسيقى أعمال درامية تليفزيونية تجاوزت الستين آخرها فى عام ٢٠٠٩ مسلسل "مداح القمر" الذى يتناول قصة أعز أصدقائه بليغ حمدى من إنتاج مدينة الإنتاج الإعلامى ولكنه لم يُعرض، إضافة إلى تأليف موسيقى عدد من الأفلام الروائية كان آخرها فيلم «فيولينا» فى عام ٢٠٠٨، الذى حاز «جائزة مهرجان الإسكندرية»، وكان يتناول قصة ميشيل المصرى.

وكتبت المؤلفة أنه خلال رحلته قدّم العديد من الأعمال الإذاعية والأوبريتات والفوازير والألبومات الغنائية، وغيرها، وفى عام ١٩٧١ أعلن عن انضمامه لفرقة أم كلثوم التى استمر معها حتى وفاتها فى عام ١٩٧٥، حيث شاركها كعازف فى تجربة فنية فريدة، وقال إنه لا يصح أن نوزع موسيقى لأم كلثوم أو يكون لها قائدًا، فهى القائد لأنها الوحيدة التى تستطيع أن تغنى مقطعًا واحدًا فى مدة ساعتين ويتفاعل معها الجمهور بسبب تجويدها وأدائها الذى يصنع حالة تضبط كل العازفين وراءها على المسرح، وحاز العديد من الجوائز التقديرية ومن المهرجانات الدولية.

ورصدت المؤلفة أعماله عبر عدد من الصفحات أشهرها: "ليالى الحلمية، وندى، والفتوحات الإسلامية، وعنبر، وترحال، وزوار الليل، وكروان، وابن خلدون، وأسود سيناء، والبرنس"، ومن الأفلام التسجيلية: "كلابشة وهابو وأوبريت وأنوار العيد"، وغيرها من الأعمال التى خلدت ذكراه.

 

تاريخ الخبر: 2022-07-14 21:21:23
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

قتل طفل في مصر ونزع أحشائه بسبب "الأنترنت المظلم"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-27 21:25:57
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 69%

يتضمن "تنازلات".. تفاصيل المقترح الإسرائيلي لوقف الحرب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-27 21:25:50
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 68%

قتل طفل في مصر ونزع أحشائه بسبب "الأنترنت المظلم"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-27 21:25:52
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 66%

الدورة الـ16 للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس ..توافد غير مسبوق للزوار

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-27 21:25:07
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 63%

يتضمن "تنازلات".. تفاصيل المقترح الإسرائيلي لوقف الحرب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-27 21:25:42
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 65%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية