الأنشطة الثقافية الغائبة 


 

الأنشطة الثقافية الغائبة _ محمد كبسور

علي الرغم من الترف الثقافي الذي تزخر به الجزيرة وعموم مناطق وسط السودان باعتبار أنها منطقة تلاقح ثقافي لهذا السودان الواسع والمتعدد، إلا أن غياب الفعاليات الثقافية ظل العلامة الأبرز في ساحة الوسط المعتمة بالصمت والركود الذي يكسره هذا الفعل هنا أو ذاك هناك، غير أن الغالب بشكل مستفز هو الركود..!!

 

ولنا ان نتساءل عن أسباب هذا السكون والغياب المر للفعاليات الثقافية في ظل بيئة تتقبل بحب مثل هكذا نشاطات..!!

 

كما ولنا أن نتساءل أيضاً عن اندثار نشاط الأجسام والجماعات الثقافية المميزة التي ظهرت في أواخر التسعينات وتوالي ميلاد بعضها الآخر في بداية الألفينات، وحاولت أن تملأ الفراغ الثقافي الذي خلّفته الدولة الغائبة عن مهامها الثقافية، أجسام مثل: رابطة الجزيرة للآداب والفنون، ومنتدى الحصاحيصا للآداب والفنون، والفرق المسرحية، والمجموعات الغنائية، والصوالين الأدبية والفنية، وحلقات النقاش، والفعاليات الثقافية للأندية الرياضية، وغيرها من الجماعات والأجسام التي تحدّت عتمة السلطة القابضة وقتها ومحاولاتها تدجين الفنون وابتذال الأدب.

هذه الجماعات والأجسام انتبهت وقتها لأهمية الفعل الثقافي في المجتمع وحاولته بجدية عبر مبادرات تصدّرها مثقفون وكتاب وشعراء ومغنون ومسرحيون وتشكليون ونقاد ومفكرون، وصمد جزء كبير منها متحدياً عامل الزمن. وحاولت كسر ذاك السكون بمحمولات فكرية إبداعية تلبّست ثوب الفنون والآداب وصدحت في مدن وقري الجزيرة، لتشكّل نقطة ضوء جريئة بدّدت بعض تلك العتمة، غير أنها انتهت إلي ذات حالة السكون.

 

والمؤكد في السودان أن الثقافة تاريخياً ظلت خارج دائرة اهتمامات السلطة منذ الاستقلال، بل وتناصبتا العداء الصريح في بعض المنعطفات التاريخية.

 

ولعل ثورة ديسمبر المجيدة ومثلما فعلت مع أغلب الأحلام العريضة لشعبنا، قد رفعت سقف آمال وتطلعات المثقفين أيضاً خصوصاً في مسألة الفعل والحراك الثقافيين، إذ تفاءل الكثيرون بحضور قوي ومتوقع للفعل الثقافي لفترة ما بعد الثورة بعيداً عن حالة السكون الصادمة التي لازمت المشهد لعقود طويلة. غير أن الفترة الانتقالية لم تشهد الحراك الثقافي المطلوب وفق ما تلاحظ.

ويرمي كثير من المثقفين اللوم علي السلطة الانتقالية من باب أن بلداً مثل السودان، يعاني ما يعانيه من أمراض اقتصادية مزمنة، ووضعاً سياسياً قاسياً، ومتاهةً مجتمعية بفعل الحروب الأهلية المستمرة، والفساد المتراكم علي مر العهود، يصبح من المستحيل بناء مشروع ثقافي متين من دون أن يستند إلى دعم حكومي كبير، يشمل خططًا وسياسات وتمويلًا وتأسيسًا للبنى التحتية.

 

سيظل الفعل الثقافي في الجزيرة وفي عموم السودان، هو الهم الكبير والمطروح علي الطاولة دائماً في غياب المشاريع الثقافية للأجسام السياسية وللدولة ككل.

وسيظل الحلم مستمرا بمشاريع ثقافية ونشاطات مميزة تفضي لتقوية المنتج الإبداعي علي اختلاف ضروبه المعروفة، ومنابر حقيقية تعبّر بحق وحقيقة عن التطلعات الثقافية لشعبنا وعن همومه التي تشبه آماله.

تاريخ الخبر: 2022-07-18 00:23:12
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين مدينتي أكادير والرباط

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 03:25:12
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية