شهادات ترثي الدكتور اللياوي رحمه الله في حفل تأبينه


نظمت جماعة العدل والإحسان بمدينة بركان حفلا تأبينيا للراحل الدكتور محمد اللياوي رحمه الله تعالى، أحد الكواكب الإثني عشر المعتقلين سابقا لعقدين من الزمن، مساء يوم الأربعاء 13 يوليوز 2022 الموافق ليوم 13 من ذي الحجة 1443م. وقد تخللت الحفل فقرات وكلمات وشهادات متعددة.

كلمة الأستاذ محمد حمداوي

افتتحت الكلمات التأبينية بكلمة بليغة للأستاذ محمد حمداوي، عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان، وقف فيها عند موعظة قصر عمر الإنسان مهما طال، وخطورته في العاقبة التي هي خلود إما في الجنة أو في النار. داعيا إلى امتثال قول الله عز وجل: وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍۢ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ.

لخص الأستاذ حمداوي هذه المسارعة في التوبة النصوح، التي تجُب ما قبلها وتكون قدوة لغيرها لتصير مدخلا لجنة عرضها السماوات والأرض، معززا كلامه بأثر منقول عن سيدنا علي كرم الله وجهه لما سُئل عن التقوى مجيبا هي: “الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل”، داعيا نفسه وجَمع المؤبنين إلى تعهد النفس وتربيتها على التقوى والخوف من الله عز وجل هروبا إليه لا منه سبحانه وتعالى.

رفقاء المحنة يستذكرون مواقف اللياوي 

شهد المعتقل السياسي السابق الدكتور بلقاسم الزقاقي لرفيق منحته الدكتور اللياوي رحمه الله بأنه كان “طالبا مجدا يطمح  إلى أن يتبوأ أفضل مناصب العلم والتعلم،  جامعا ما بين الهم الدراسي والهم والتهمم بأمر الدعوة إلى الله عز وجل…  إذ كان يواصل الليل بالنهار في طلب العلم وخدمة دعوة الله عز وجل”. وهذا الشغف العلمي سيُتوِجه اللياوي رحمه الله بأن كان أول من ناقش أطروحته للدكتوراه الوطنية من بين رفاقه المعتقلين بميزة مشرف جدا وبثناء خاص من لجنة المناقشة، ثم بعد ذلك بعضويته في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بعد انجلاء محنة السجن.

وهو نفس ما شهد له به رفيقاه الآخران الدكتوران نور الدين التاج والمتوكل بلخضير اللذان أقرا بتضلعه في اللغة العربية رغم تخصصه العلمي العلومي قبل محنة الاعتقال، إذ كان يعطيهم دروسا في النحو، ويصحح أخطاءهم اللغوية وكأنه طالب في جامع القرويين.

ورغم كونه الأصغر سنا من بين رفاقه الإثني عشر  المعتقلين، فقد كان حسب الزقاقي “من الأكبرين فهما وعقلا وبصرا وبصيرة، عكس ما كنا تخوفنا منه في البداية أن تفت ظروف السجن الكئيبة من عضد هذا الطالب الصغير”؛ إذ كان في المقدمة دائما  لا يخنع ولا يركع، ولم يشكو بثه وحزنه يوما إلا لله عز وجل؛ كما كان أنموذجا في الصبر والثبات والاحتساب كما وصفه رفيقه الرابع الذي حضر حفل التأبين الدكتور محمد بهادي إذ أفصح أنه لم يسمع منه لا خلال السجن ولا بعده وفي أي حال من الأحوال ما يدل على القنوط والجزع واليأس؛ فقد كان دائما البشر والاستبشار والفرح بقدر الله تعالى. وشهدت بذلك مواقف خالدة لعل أعظمها، علاوة على محنة السجن، فقده لأمه وحرمانه من قبل سجانيه من إلقاء النظرة الأخيرة عليها. وأيضا محنة المرض، ما جعل رفقاءه يسائلون أنفسهم كلما زاروه بعد محنة المرض عن “من هو المواسِي ومن هو المواسَى  في تلك الزيارات!”

كما أجمع رفقاء السجن، وكذا زوجه فيما بعد، بخصلة متميزة في الدكتور اللياوي رحمه الله وهي قوته الاقتراحية داخل السجن وخارجه؛ فهو حسب رفيقه الخامس الدكتور أحمد التاج “كان رجلا مقتحما كثير النشاط والاقتراح والاجتهاد في كل مجالات اشتغاله وتداوله”. كما أجمعوا على لين معشره، وطيب أخلاقه، وذلته على المؤمنين وعزته على الظالمين، وغيرها من مناقب الرجل التي لم تسعف مشاعر الفقد على استذكارها كلها.

العائلة ترثي الابن البار والأب الحنون والزوج المثالي

اعتبر السيد عبد الحفيظ اللياوي، أخ الفقيد محمد، أن عائلته تفقد ابنها البار، والأخ الصبور الودود، الذي كان قدوة إخوته رغم صغر سنه. فقد وصفه أخوه بأنه كان رحمه الله رحب الصدر، ناصحا أمينا، كثير التفقد والدعاء لإخوته وأسرته، كما زكى مواقف صموده ورجولته وهو الذي توالت عليه المحن منذ أن فقد أباه  وهو لا يزال فتى صغيرا في مرحلة الثانوي، إلى محنة السجن، وفقد أمه رحم الله تعالى الجميع، إلى محنة المرض.

وفي كلمة تغالب مشاعر الحزن ودموع الفقد، تحدث الابن البكر للدكتور اللياوي رحمه الله، الشاب يوسف عن مناقب أبيه ولحظات فراقه الأخيرة، مفتخرا ببنوته للمرحوم بإذن الله وحمله نسبه، والسير على طريق دعوته وجهاده، شاهدا له أنه أحسن تربية أبنائه؛ فقد كان يتفقد كل تفاصيلهم الشخصية والدراسية ولو على فراش المرض، ليخلص والعبرات تغالبه أنه كان أبا حنونا يتمناه جميع الأبناء، داعيا الله عز وجل إلى إكرام ضيافته ورفع مقامه في أعلى عليين.

وقد ختمت الكلمات والشهادات الكثيرة في الرجل بكلمة رقيقة لزوجه الصابرة المحتسبة الأستاذة فتيحة التي عبرت بلسان لاهج بالدعاء لزوجها أن لحظة فقده ذكرها بلحظة زفافهما قبل عشرين سنة، معلقة بقولها: “وها أنا أزفه اليوم إلى دار خير من هذه الدار، وأهل أخير له من هؤلاء الأهل الأخيار، وإلى رحيم أرحم به من منا”.

وقد أشهدت الزوجة الله عز وجل وملائكته وحملة عرشه وجمع الحاضرين أن اللياوي محمد كان لها “زوجا طيبا بارا، وكان خيرا لأهله، باحترامه وحكمته ولين معشره وطيب قلبه، ومصدر البشر والبسمة في البيت”. وقد زكت مناقب كثيرة ذكرتها شهادات سابقة، سواء في إقدامه واقتحامه واستشارته، وغرسه لبذرة العلم والتعلم في أبنائه ومحيطه، ونصحه لهم بعدم الركون إلى حظ قليل من العلم والمعرفة. وقد ختمت كلمتها بأن زوجها لم يخلق للدنيا بل خلق للآخرة، داعية الله عز وجل أن يسكنه الفردوس الأعلى وأعلى مقامه عند الله تعالى وصحبة الأنبياء عليهم السلام والصالحين والشهداء آمين.

وجدير بالذكر أن الدكتور محمد اللياوي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عمل أستاذا للتعليم الثانوي، وله ثلاثة أبناء. شغل عضوية لجنة التكوين والتعليم في الجماعة، وغيرها من المهام والمسؤوليات، قبل أن يصاب بالمرض. وهو أحد الفرسان الإثني عشر طلبة العدل والإحسان، الذين اعتقلوا وسجنوا ظلما وعدوانا سنة 1991 وحكموا بـ 20 سنة سجنا بسبب انتمائهم للجماعة.

تاريخ الخبر: 2022-07-18 21:20:17
المصدر: الجماعة.نت - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

جماعة البيضاء ترفع تسعيرة الترامواي من 8 إلى 9 دراهم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 15:26:32
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 64%

جماعة البيضاء ترفع تسعيرة الترامواي من 8 إلى 9 دراهم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 15:26:34
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

إسبانيا لمواطنيها: "تندوف منطقة خطيرة وجب تجنبها"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 15:26:29
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية