تحسبا لـ«شتاء قارس».. «سباق أوروبي» لتخزين الغاز


قصفت القوات الروسية شرق جارتها الغربية وجنوبها، أمس الأربعاء، بعدما قالت واشنطن: إنها رأت إشارات على استعداد الكرملين لضم أراض سيطرت عليها خلال قرابة خمسة أشهر من الحرب، في حين تتسابق أوروبا لملء مخزونها من الغاز قبل الشتاء القارس الذي ينتظرها وجمع احتياطي كافٍ في حال تقييد موسكو للإمدادات ردا على دعمهم لكييف بعد الحرب.

وفي هذه الأثناء، استمرت حالة الضبابية إزاء إعادة التشغيل المزمعة، اليوم الخميس، لخط الأنابيب الروسي العملاق لنقل الغاز إلى أوروبا، بينما حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مزيد من الخفض في قدرة الخط بسبب بطء التقدم في صيانة معدات التشغيل.


وخوفا من قطع روسيا إمداداتها، وضع الاتحاد الأوروبي خطط طوارئ، أمس الأربعاء، تخفض الدول بموجبها استهلاك الغاز 15% حتى مارس، محذرا من أنه دون خفض كبير الآن قد تواجه الدول صعوبات في الحصول على الوقود خلال الشتاء.

ومن المقرر استئناف ضخ الغاز عبر خط أنابيب «نورد ستريم 1» الروسي إلى ألمانيا، اليوم الخميس، بعد الصيانة السنوية، وقالت مصادر لـ«رويترز»: إن من المرجح استئناف التدفقات، لكن بأقل من طاقتها الكاملة، رغم مخاوف بعض الحكومات من عدم استئنافها.

وفي حديثه إلى الصحفيين، أمس الأربعاء، قال الرئيس الروسي: إن قدرة نورد ستريم 1 قد تقل بسبب مشكلات في وحدات الضخ الأخرى، وقد تحتاج إحداها إلى إرسالها للصيانة في 26 يوليو.

وأضاف بوتين: إن شركة «جازبروم» الروسية العملاقة للطاقة جاهزة للوفاء بالتزاماتها بشأن صادرات الغاز.

وقلصت جازبروم صادرات الغاز عبر هذا الخط بنسبة 40% الشهر الماضي، وأرجعت الأمر إلى تأخر عودة توربين كانت شركة «سيمنز إينرجي» تجري له عمليات صيانة في كندا التي حظرت عودته في بادئ الأمر؛ بسبب العقوبات.

سباق «الغاز»

وفيما تتسابق أوروبا لملء مخزونها من الغاز قبل الشتاء وجمع احتياطي في حالة قيام موسكو بتقييد الإمدادات ردًّا على الدعم الأوروبي لأوكرانيا بعد الحرب، تواجه نحو 12 دولة منها بالفعل انخفاضًا في الشحنات الروسية، ويقول مسؤولون: إن من المرجح أن يحدث وقف كامل لإمدادات الغاز الروسي.

واقترحت المفوضية الأوروبية، أمس الأربعاء، هدفا طوعيا لجميع دول الاتحاد لخفض استهلاك الغاز 15% من أغسطس إلى مارس، مقارنة بمتوسط ​​استهلاكها في الفترة نفسها خلال السنوات الممتدة من 2016 إلى 2021.

ومن شأن الاقتراح أن يمكّن بروكسل من جعل الهدف إلزاميا في حالة الطوارئ، إذا أعلن الاتحاد الأوروبي وجود خطر كبير من نقص حاد في الغاز.

ويحتاج الإجراء إلى موافقة أغلبية قوية من دول الاتحاد الأوروبي، ومن المقرر أن يناقشها دبلوماسيون من دول الاتحاد غدًا الجمعة بهدف إقرارها في اجتماع طارئ لوزراء الطاقة في الدول الأعضاء في 26 يوليو.

وواجهت الخطة بالفعل مقاومة من بعض الدول التي تشعر بأن خططها للطوارئ لا تحتاج إلى دعم من الاتحاد الأوروبي، ويتعيَّن على الدول تحديث خطط الطوارئ للغاز بحلول نهاية سبتمبر لإظهار الكيفية التي يمكنها بها تلبية هدف الاتحاد الأوروبي.

وبولندا من بين المعارضين لأهداف الاتحاد الأوروبي الإلزامية. وملأت بولندا خزاناتها للغاز حتى 98% من سعتها بعد أن قطعت روسيا إمدادات الغاز في أبريل، ونسب التخزين لدى الآخرين أقل، فالمجر، على سبيل المثال، ملأت خزانتها بنسبة 47% فقط من سعتها.

لكن مسؤولين من الاتحاد يقولون: إن من الضروري ضمان تحرك كل الدول الآن وليس الانتظار حتى تقطع روسيا الإمدادات.

وكانت موسكو تقدم 40% من الغاز الذي يحتاجه الاتحاد الأوروبي قبل حربها في أوكرانيا، لكن التدفقات القادمة من روسيا إلى أوروبا منذ ذلك الحين انخفضت إلى أقل من 30% من المتوسط في الفترة من 2016 إلى 2021.

حي سالتيفكا في منطقة خاركيف الذي هجره أصحابه وفروا بعد قصف روسي مكثف (رويترز)


تجاوز دونباس

وفي الشأن العسكري، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف: إن مهام بلاده العسكرية في أوكرانيا تجاوزت منطقة دونباس الشرقية، في أوضح اعتراف حتى الآن بأن أهداف الحرب اتسعت في الأشهر الخمسة الماضية.

وقال لافروف في مقابلة مع وكالة الأنباء الروسية الرسمية «ريا نوفوستي»: «إن حقائق الجغرافيا تغيَّرت منذ أن عقد مسؤولون من روسيا وأوكرانيا مفاوضات في تركيا في أواخر مارس»، فشلت في تحقيق أي انفراجة.

وقال حينها: «إن التركيز ينصب على جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك المعلنتين من طرف واحد في شرق أوكرانيا»، واللتين تقول روسيا «إنها ترغب في إخراج القوات الأوكرانية منهما»، بينما قال أمس: «الآن الجغرافيا اختلفت لم تعد تتعلق بالجمهوريتين، بل أيضًا بمنطقتي خيرسون وزابوريجيا وعدد من المناطق الأخرى»، مشيرًا إلى أراض خارج الجمهوريتين سيطرت عليها روسيا سواء كليا أو جزئيا.

وفي السياق، يقول لافروف «العملية مستمرة بشكل منطقي ودؤوب»، ولفت إلى أن روسيا قد تحتاج للدخول في العمق بدرجة أكبر.

ووزير الخارجية هو أكبر مسؤول روسي يتحدث صراحة عن أهداف الحرب فيما يتعلق بالأراضي بعد نحو خمسة أشهر من شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحرب نافيًا أن روسيا تريد احتلال جارتها.

وقال بوتين: إن هدفه هو نزع السلاح وتخليص أوكرانيا من «النازيين»، وهي توصيفات ترفضها كييف والغرب وتصفها بأنها ذرائع لشن حرب توسعية استعمارية.

وبعد دحر محاولة أولية للسيطرة على العاصمة كييف، قالت وزارة الدفاع الروسية في 25 مارس: إن المرحلة الأولى من العملية الخاصة اكتملت وإنها ستركز الآن على «تحقيق الهدف الرئيسي وهو تحرير دونباس».

وبعد أربعة أشهر تقريبا، استولت روسيا على لوجانسك، وهي واحدة من منطقتين تشكلان دونباس، لكنها ما زالت بعيدة عن الاستيلاء على كامل المنطقة الأخرى وهي دونيتسك.

قصف مميت

وبينما استولت القوات الروسية بالفعل على مناطق خارج دونباس، خاصة في زابوريجيا وخيرسون الجنوبيتين، وتواصل توجيه ضربات صاروخية على مدن في أنحاء جارتها الغربية، أفاد الجيش الأوكراني وسياسيون بحدوث قصف روسي عنيف ومميت في بعض الأحيان في خضم محاولات قالوا «إنها إلى حد بعيد غير ناجحة للقوات البرية الروسية للتقدم».

وقالت المخابرات العسكرية البريطانية: إن الهجوم الروسي في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا يحقق مكاسب محدودة مع تمسك القوات الأوكرانية - التي تقدم لها بريطانيا المساعدة - بمواقعها على جبهة القتال، ومر أكثر من أسبوعين على آخر مكسب كبير حققته روسيا، وهو الاستيلاء على مدينة ليسيتشانسك.

وكان الكرملين قد قال: إنه لا يوجد وقت محدد لما يُطلق عليها «عملية عسكرية خاصة» لضمان أمن روسيا في مواجهة توسع حلف شمال الأطلسي، مشيرًا إلى أنه سيقوم بكل ما يلزم لتحقيق أهدافه.

ولقي خمسة مدنيين حتفهم وأصيب 16 في قصف روسي لمنطقة دونيتسك، في حين قُتل مدنيان إثر قصف استهدف مدينة نيكوبول في الجنوب حسبما قال حكام هذه المناطق عبر تطبيق «تيليجرام».

وكتب رومان ستاروفويت حاكم منطقة تورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا على «تيليجرام»: «إن القوات الأوكرانية قصفت معبرا حدوديا في المنطقة».

وفي الوقت نفسه، نقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن رئيس بلدية مدينة هورليفكا، الواقعة في جمهورية دونيتسك الشعبية المدعومة من روسيا في شرق أوكرانيا، قوله: إن شخصا قتل وأصيب ثلاثة آخرون بينهم طفل جراء القصف الأوكراني.

ولم تتمكن «رويترز» حتى الآن من التحقق من صحة الأرقام الأوكرانية أو الروسية.

جندي من كتيبة الدفاع يحرس أمام حقل عباد الشمس على خط المواجهة في خاركيف (د ب أ)


شويجو يتفقد

إلى ذلك، قالت وزارة الدفاع الروسية، أمس الأربعاء: إن وزير الدفاع سيرجي شويجو تفقد القوات المقاتلة في أوكرانيا، ونقلت عنه أنه أمر بضرورة بذل مزيد من الجهد لإسقاط الطائرات المسيرة الأوكرانية العاملة في المناطق الحدودية وإيقاف قصف المناطق التي فقدت أوكرانيا السيطرة عليها.

واتهم جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي روسيا، مستشهدًا بتقارير للمخابرات الأمريكية، بتمهيد الطريق لضم الأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها منذ بدء الحرب في 24 فبراير، وهي مزاعم قالت السفارة الروسية في واشنطن: إنها تتنافى مع ما تحاول موسكو القيام به.

ووصفت السفارة ما تقول أوكرانيا والغرب: «إنه استيلاء على الأراضي»، بأنه «إعادة السلام إلى المناطق المحررة من أجل حماية الشعب بغض النظر عن العرق أو اللغة»، في إشارة إلى الناطقين بالروسية أو ذوي العرق الروسي في أوكرانيا الذين تقول موسكو إنها تحميهم من الاضطهاد على أيدي مَن تصفهم بالقوميين الأوكرانيين الخطرين.

وتقول أوكرانيا: إن الرواية الروسية غير صحيحة.

من جهة أخرى، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء: «إنه ناقش أيضًا شراء طائرات برمائية من روسيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين».

وأعلنت أنقرة يوم الإثنين أن اجتماعًا بين روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة سيعقد «على الأرجح» هذا الأسبوع، لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية.

وقال أردوغان في أنقرة للصحفيين: «نأمل أن يبدأ تنفيذ الخطة في الأيام المقبلة».

وتابع: إنه يريد كتابة نص اتفاق محتمل لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية من البحر الأسود، في إطار خطة تقودها الأمم المتحدة، هذا الأسبوع بعد التوصل إلى اتفاق عام الأسبوع الماضي.
تاريخ الخبر: 2022-07-21 03:24:47
المصدر: اليوم - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 62%

آخر الأخبار حول العالم

هل يمتلك الكابرانات شجاعة مقاطعة كأس إفريقيا 2025؟

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 00:25:42
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية